أوروبا

الإخوان تحت المجهر الغربي: الحظر يقترب والأنشطة المشبوهة تتكشف


يخططون لطمس هويتهم عبر إنكار نسبهم للإخوان تمهيدا لسلخ جلدهم وتغييره للتمويه والإفلات من شبح الحظر سواء في أمريكا أو أوروبا.

أيام صعبة تنتظر الجماعة في ظل الاتجاه للتدقيق بأنشطتها بعدد من الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وسط تكهنات باحتمال حظر أنشطتها بعد عقود تمتعت فيها بحرية النشاط.

وفي مواجهة هذه التطورات، لجأت الجماعة لسلسلة من الإجراءات الاستباقية في محاولة منها لتجنب قرارات حظر أنشطتها، أو تجنب تداعياتها عليها وعلى مؤسساتها.

ويكثف التنظيم الدولي للجماعة، والذي يُشرف على إدارة شبكة من الفروع حول العالم، تحركاته لتأمين مؤسساته.

اجتماعات

إجرائيا، تقوم الجماعة بذلك عن طريق عملية فك وتركيب في هذه المؤسسات كي تبدو ظاهريا أنها غير مرتبطة بها، بحسب ما كشفته مصادر وثيقة.

وذكرت المصادر أن التنظيم الدولي للإخوان عقد اجتماعات مهمة بالفترة الأخيرة، لمناقشة أوضاع أفرع الجماعة في دول القارة الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأمريكية.

وترأس الاجتماعات الأخيرة الأمين العام للجماعة محمود الإبياري المقيم في العاصمة البريطانية لندن.

ووصل الإبياري لهذا المنصب قبل سنوات معدودة بعد نشوب الخلافات بين جبهتي محمود حسين، المعروفة بجبهة إسطنبول، وجبهة لندن التي ترأسها القائم بعمل المرشد السابق إبراهيم منير، ثم خلفه فيها القائم الحالي بأعمال المرشد في نفس الجبهة صلاح عبد الحق.

ووفق المصادر، انعقد الاجتماع المذكور افتراضيًا، وحضرته مجموعة من كبار قادة الجماعة على رأسهم الإبياري، وعبد الرحمن أبو دية الشهير بـ”أبو عامر”، وهو مهندس ورجل أعمال فلسطيني حاصل على جنسية بريطانيا ويقيم فيها.

وناقش الاجتماع أوضاع الجماعة في أوروبا وأمريكا بعد ورود معلومات متواترة عن اتجاه لحظر نشاطها وعدد من المؤسسات التابعة لها في دول غربية أبرزها أمريكا وفرنسا.

«إخفاء الهوية»

وخلال الاجتماع، اقترح عبد الرحمن أبو دية اتباع الجماعة لخطة جديدة أسماها “إخفاء الهوية الإخوانية”، من أجل تضليل أجهزة الأمن وجهات التحقيق الأوروبية والأمريكية، والحيلولة دون تصنيف أفرع الإخوان في القارة العجوز والولايات المتحدة كيانات إرهابية.

وتنص الخطة، وفق المعلومات المتوفرة من المصادر، على نقل ملكية المنظمات والشركات والكيانات المعروف بتبعيتها للجماعة في أمريكا وفرنسا ودول أخرى إلى أشخاص جدد غير المالكين الحاليين.

وتكون تلك عمليات نقل ظاهرية فقط، بحيث تؤمن هذه الكيانات ضد قرارات الحظر إن صدرت، وتتجنب وقف أنشطتها بما لها من تبعات على عمل شبكة الإخوان العالمية.

وتنص الخطة أيضًا على تغيير أسماء عدد من المؤسسات الإخوانية المعروفة بصورة رسمية وقانونية حتى تبدو كمنظمات جديدة، ومن ثم تتعقد جهود حظرها إن صدرت قرارات الحظر في الدول المذكورة.

وهذا شبيه بما تفعله الجماعة في عمليات تحويل الأموال التابعة لها بين دول مختلفة، حيث تنقلها عن طريق أشخاص لا ينتمون إليها مقابل حصولهم على نسبة أو عمولة نظير المشاركة في عملية التحويل.

«تغيير جلد»

وبحسب المصادر نفسها، يعكف عبد الرحمن أبو دية أيضا على وضع وترتيب الأولويات التي سيتم العمل عليها بالمرحلة الأولى من الخطة، بما في ذلك المؤسسات.

وسيشرف بنفسه على مراجعة الأسماء المقترحة لعملية نقل الملكية لضمان أن المستفيدين لن يستقلوا بتلك المؤسسات عن جماعة الإخوان.

وتشمل الأسماء التي يتم العمل عليها أعضاء مجالس الإدارة الجدد، والإشراف على عملية تغيير النشاط ودمج بعض المؤسسات الإخوانية وغيرها.

ووضعت الجماعة إطارا زمنيًا محددًا لعملية التغيير التي تجريها على تلك المؤسسات وهي 6 أشهر، وتريد أن يتم إنجاز تلك العملية في أسرع وقت ممكن.

ويعود ذلك لتحذيرات تلقتها الجماعة من سياسيين غربيين وأمريكيين على اتصال معها بوجود توجه جاد لحظر أنشطة الكيانات التابعة لها لا سيما تلك التي يترأسها قياديون من الإخوان الفلسطينيين بالإضافة للمؤسسات الإخوانية المعنية بالعمل على القضية الفلسطينية.

وليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها الجماعة لاتخاذ إجراءات شبيهة، إذ سبق لها أن قامت بتغيير جلدها لتلافي قرارات الحظر، وذلك خلال وعقب الحملة التي أطلقتها حكومة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، في 2014.

حدث ذلك حين تولت لجنة السير جون جينكينز التدقيق في أنشطة الجماعة بالمملكة المتحدة.

ورغم أن الحكومة البريطانية لم تحظر أنشطتها في نهاية المطاف، إلا أن الجماعة قامت بإجراء تغييرات كبيرة على المؤسسات التابعة لها في بريطانيا.

وكان هدفها أن تظهر علنًا بأنها ليست مرتبطة بالإخوان، وذلك بحسب دراسة سابقة أجراها المركز الدولي لدراسة الراديكالية والعنف السياسي التابع لكينجز كولدج في لندن، عن حركات الإسلام السياسي في بريطانيا.

«كير» بالواجهة

وفي السياق نفسه، نقل مسؤولون بـ”مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية” (كير) إلى قادة الجماعة رسائل مفادها بأن الكيانات المحسوبة على الإخوان في أمريكا تلقت رسائل من سياسيين محليين على صلة بالجماعة بأن الأيام المقبلة ستكون صعبة على الإخوان في أمريكا.

و”كير” يقدم نفسه على أنه منظمة حقوق مدنية مكرسة لحماية حقوق المسلمين الأمريكيين، لكن تقارير عدة تشير لوجود ارتباط وثيق مع الإخوان.

ووفقًا لهذه الرسائل، فإن هناك اتجاها داخل الولايات المتحدة الأمريكية يميل لحظر أنشطة جماعة الإخوان وكياناتها بشكل كامل، أو على الأقل التضييق على أنشطتها لأقصى حد ممكن.

وسيتم في هذه الأثناء تشديد الرقابة على حملة الجنسية الأمريكية من أصول فلسطينية من العاملين في مؤسسات إخوانية، وعلى رأسهم مدير “كير” نهاد عوض، وهو ناشط حقوقي أمريكي مولود في مخيم الوحدات بالعاصمة الأردنية عمان لأسرة فلسطينية عام 1961.

 ويتولى “عوض” منصب المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير” منذ العام 1994، وسبق له العمل ضمن فريق استشاري حقوقي في مكتب نائب الرئيس الأمريكي ألبرت أرنولد آل غور خلال رئاسة الرئيس الأسبق بيل كلينتون (1993- 2001).

من جانبه، أبلغ التنظيم الدولي للإخوان الكيانات التابعة للجماعة في الولايات المتحدة وكذلك بأوروبا بوقف أنشطتها الداعمة لفلسطين مؤقتا وخاصةً تلك الأنشطة المرتبطة بحركة حماس الفلسطينية أو التي يمكن أن تحسب على أنها خدمة لأجندة الحركة بشكل مباشر أو غير مباشر، والعمل على إحلال قيادات جديدة محل القادة الفلسطينيين الموجودين في هذه الكيانات تجنبًا لقرار الحظر.

ولا تشير وثائق تسجيل تلك المؤسسات (مثل كير) في الولايات المتحدة إلى ارتباط من أي نوع مع الإخوان، وهو تكتيك تلجأ له الجماعة دائمًا وتسميه “علانية الدعوة وسرية التنظيم”، وذلك لتضليل الجهود الرامية للإحاطة بحكم شبكتها التنظيمية العنكبوتية حول العالم.

وسبق أن تقدم السيناتور الجمهوري تيد كروز، مطلع أغسطس/ آب الماضي، بمشروع قانون لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية في أمريكا.

فيما أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك روبيو، في 13 من الشهر نفسه، أن واشنطن بصدد حظر أنشطة الإخوان في البلاد، معتبرًا أنها تثير قلقا بالغًا للإدارة الأمريكية.

زر الذهاب إلى الأعلى