الإخوان في اليمن بين الخيانات الداخلية والولاءات الخارجية
يواجه حزب الإصلاح “ذراع الإخوان المسلمين في اليمن” اتهامات مستمرة بأنّ ولاءاته العابرة للحدود تتقدم أحياناً على الأولويات الوطنية.
ويرى محللون في عدن، نقلت عنهم (سكاي نيوز)، أنّ التزام الحزب بالأجندة الإقليمية للتنظيم الدولي للإخوان يضعف من قدرة الحكومة الشرعية على اتخاذ قرارات سيادية مستقلة، ويطيل أمد الحرب، ويفسد أيّ إصلاح تنجزه السلطات الشرعية أو المجلس الانتقالي الجنوبي، وهذا الارتباط يمتد ليشمل عدداً من شبكات التمويل والإعلام التي تدار من عواصم إقليمية، وهو ما يثير حفيظة القوى الفاعلة في التحالف العربي، وتحديداً القوى الجنوبية التي ترى في هذا التمدد تهديداً مباشراً لاستقرار المحافظات المحررة.
ورغم أنّ حزب الإصلاح دفع بكوادره في جبهات عدة لمواجهة التمدد الحوثي، إلا أنّ الأداء العسكري للحزب تعرّض لانتقادات لاذعة.
ويتحدث القادة الميدانيون عن “معارك استنزاف” طويلة في مأرب وتعز، يشوبها أحياناً اتهامات بالمهادنة أو الحفاظ على القوة العسكرية لأغراض السيطرة السياسية المستقبلية بدلاً من الحسم ضد الجماعة الحوثية، وفي كثير من الأحيان كان هناك تخادم بين الطرفين أدى إلى سقوط الكثير من المناطق بيد الحوثيين.
هذا التذبذب في الموقف الميداني يرجعه البعض إلى رغبة التنظيم في عدم استهلاك كامل طاقته في حرب قد تنتهي بتسويات لا تضمن له نصيباً كبيراً في السلطة، وهو ما جعل التنسيق بين فصائل المقاومة المختلفة والجيش الوطني يعاني من تصدعات كبيرة استغلها الحوثيون ببراعة.
وبحسب مراقبين فإنّه مع تزايد الضغوط الدولية لإنهاء الصراع، يجد حزب الإصلاح نفسه أمام مفترق طرق؛ إمّا الانخراط الكامل في المسار الوطني وفك الارتباط الهيكلي مع التنظيم الدولي، وإمّا البقاء في دائرة الشبهات التي تغذي الانقسامات داخل الصف المناهض للحوثيين.
وقد شهدت المحافظات الشرقية لليمن (حضرموت والمهرة) خلال كانون الأول (ديسمبر) 2025 عملية عسكرية خاطفة أطلقتها القوات المسلحة الجنوبية تحت اسم “المستقبل الواعد”. ولم تكن هذه التحركات مجرد مناورة عسكرية عابرة، بل كانت إعلاناً صريحاً عن نهاية عقود من هيمنة القوى المرتبطة بحزب الإصلاح “ذراع الإخوان المسلمين” على مفاصل الوادي والصحراء والمنافذ الحدودية.
وانطلقت شرارة العملية في الثالث من الشهر الجاري، حينما تقدمت وحدات النخبة الحضرمية مسنودة بقوات من المجلس الانتقالي الجنوبي نحو مدينة سيئون، قلب وادي حضرموت النابض. ورغم سنوات من التحصين الذي مارسته قوات “المنطقة العسكرية الأولى” ـ المحسوبة تنظيمياً وعسكرياً على جناح الإخوان ـ إلا أنّ السقوط كان سريعاً ومفاجئاً.
وسيطرت القوات الجنوبية على مطار سيئون الدولي ومقرّ قيادة المنطقة العسكرية الأولى خلال ساعات، وسط ترحيب شعبي واسع ومقاومة محدودة من الفصائل التي تراجعت نحو المناطق الصحراوية.
ويرى القادة الميدانيون في هذا الانتصار “بتراً لآخر شرايين النفوذ الإخواني” التي كانت تسيطر على الموارد النفطية وتتهم بتسهيل عمليات التهريب لخدمة أجندات عابرة للحدود.
