الإمارات تعيد افتتاح سفارتها في بيروت ضمن جهود دعم استقرار لبنان
حراك إماراتي متسارع لدعم استقرار لبنان وتعزيز العلاقات بين البلدين، يتوج بإعادة فتح سفارة دولة الإمارات في بيروت.
ووصل وفد إماراتي رفيع المستوى الأحد إلى العاصمة اللبنانية، لإجراء كافة الترتيبات لإعادة فتح سفارة دولة الإمارات في بيروت، وذلك استجابة لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
يأتي وصول الوفد بعد أقل من 24 ساعة من مباحثات هاتفية بين رئيس دولة الإمارات والرئيس اللبناني جوزيف عون اتفق خلالها الزعيمان على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح سفارة دولة الإمارات في بيروت.
تزامن وصول الوفد الإماراتي أيضا مع وصول الباخرة الثانية من المساعدات الإماراتية إلى ميناء بيروت محملة بـ3000 طن من المواد الإغاثية المتنوعة ضمن الحملة الوطنية “الإمارات معك يا لبنان”، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
مباحثات رئاسية هاتفية تبعها حراك دبلوماسي ودعم إنساني في خطوات متسارعة ضمن إطار مسار تاريخي متواصل ونهج ثابت لدولة الإمارات بدعم لبنان ومساعدته على استعادة دوره بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد أنهى شغورا رئاسيا استمر لأكثر من عامين.
وانتخب مجلس النواب اللبناني، يوم الخميس الماضي، قائد الجيش جوزيف عون رئيسا جديدا للبلاد، بعد حصوله على 99 صوتا من أصل 128 صوتا.
دعم القيادة
وبعد سويعات من الجلسة، هنّأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في تدوينة عبر حسابه بمنصة “إكس” جوزيف عون بانتخابه رئيسًا للبنان، مضمنا تهنئته العديد من الرسائل المهمة التي تبرز الحرص على تعزيز التعاون والعلاقات بين البلدين.
تهنئة أتبعها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان باتصال هاتفي، السبت، مع جوزيف عون هنأه خلاله بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية الشقيقة، متمنياً له التوفيق في قيادة لبنان نحو كل ما يحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والاستقرار.
وأعرب عن تطلعه إلى العمل معاً بما يعود بالخير والنماء على البلدين وشعبيهما ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكداً دعم دولة الإمارات كل ما يضمن أمن لبنان واستقراره ويحقق تطلعات شعبه نحو التنمية.
واتفق الجانبان، خلال الاتصال، على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح سفارة دولة الإمارات في بيروت.
من جانبه، عبر الرئيس اللبناني عن شكره وتقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتهنئته وما أبداه من مشاعر طيبة تجاه لبنان وشعبه، مؤكداً حرصه على مواصلة ترسيخ علاقات البلدين خلال المرحلة المقبلة، مثمنا مواقف دولة الإمارات الداعمة للبنان على مختلف المستويات.
كما بحث الجانبان، خلال الاتصال، سبل تعزيز العلاقات الأخوية والتعاون المشترك بين البلدين بجانب عدد من القضايا والموضوعات محل الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
إعادة افتتاح السفارة
وبعد ساعات من المباحثات الهاتفية، واستجابة لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وصل وفد إماراتي رفيع المستوى الأحد إلى بيروت لإجراء كافة الترتيبات لإعادة فتح السفارة.
وأشارت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان لها، إلى أن إعادة فتح السفارة يؤكد على ما يلي:
– يعكس العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والشعبين الصديقين.
– يؤكد موقف دولة الإمارات الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه.
– يجسد وقوف الإمارات ومساندتها للشعب اللبناني الشقيق.
– الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والجمهورية اللبنانية الشقيقة.
– حرص دولة الإمارات على دعم جهود الاستقرار والتنمية في لبنان.
– التزام دولة الإمارات العميق بمساعدة الشعب اللبناني وتقديم كافة أشكال الدعم له في مختلف المجالات.
الإمارات معك يا لبنان
رسائل عدة موجهة للعالم أجمع بأن دولة الإمارات يهمها لبنان وتقف دائما إلى جانبه، وأنه آن الأوان أن يقف الجميع إلى جانبه.
هذا التضامن الإماراتي القوي مع لبنان، يبعث برسالة قوية أيضا إلى الشعب اللبناني بوقوف دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وحكومة وشعباً معه، ويؤكد من جديد عمق العلاقات القائمة بين البلدين، التي ستظل راسخة في ظل ما يجمع بينهما من وشائج وصلات أخوية تزداد متانة مع مرور السنين.
ولطالما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في مناسبات عدة وقوف بلاده مع الشعب اللبناني في مختلف الظروف، في رسائل ترجمت عبر محطات عديدة على مر التاريخ، كان أحدثها عبر حملة “الإمارات معك يا لبنان” التي انطلقت قبل 3 أشهر وتتواصل حتى اليوم.
وتجاوبا مع ما يمر به لبنان من ظروف صعبة عقب المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار إلى الشعب اللبناني.
وتنفيذا لتوجيهاته أطلقت دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حملة إغاثة وطنية لدعم لبنان وشعبه باسم “الإمارات معك يا لبنان”، كما وجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 30 مليون دولار إلى النازحين من الشعب اللبناني إلى سوريا.
وأرسلت دولة الإمارات نحو 21 طائرة دعماً للبنانيين في ظل الظروف الحرجة التي يمرون بها (3 منها إلى سوريا)، بالإضافة إلى باخرتين حملتا 5 آلاف طن من المساعدات الإغاثية المتنوعة.
وكان في استقبال أحدث شحنة مساعدات إماراتية الدكتور ناصر ياسين، رئيس الطوارئ الحكومية ووزير البيئة في جمهورية لبنان الذي حرص على توجيه الشكر للإمارات قائلا: “شكراً لدولة الإمارات العربية المتحدة، قيادة وشعباً، ولوكالة الإمارات للمساعدات الدولية للاستجابة العاجلة لإغاثة الأسر والعائلات المهجرة والمتأثرة بالحرب، ولوقوفهم مع اللبنانيين واللبنانيات في محنتهم نتيجة العدوان الأخير”.
ودخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد مواجهة بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران استمرت منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل أن تتحول بدءا من سبتمبر/أيلول إلى حرب مدمّرة.
دعم دبلوماسي وسياسي
وعلى صعيد جهودها الدبلوماسية لدعم استقرار لبنان، شارك خليفة شاهين المرر، وزير الدولة الإماراتي، في الاجتماع الاستثنائي الـ(46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بشأن الأوضاع في سوريا ولبنان، الذي عُقد 26 ديسمبر/كانون الأول الماضي في دولة الكويت.
وأكد البيان الصادر عن المجلس دعم سيادة لبنان وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وإدانة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، مشددا على ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان خاصة القرار 1701، واتفاق الطائف، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في هذا البلد وضمان احترام سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وسيادته داخل حدوده المعترف بها دوليا، وبسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية.
أيضا سبق أن استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نجيب ميقاتي رئيس الحكومة في جمهورية لبنان.
وأكد رئيس دولة الإمارات خلال اللقاء متانة العلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات ولبنان، مشيرا إلى أن الإمارات كانت ولا تزال إلى جانب الشعب اللبناني منذ عهد المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وشدد على موقف دولة الإمارات الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووقوفها الدائم مع شعبه الشقيق..مؤكدا أن موقف الإمارات تجاه لبنان الشقيق يقوم على دعم كل ما يحفظ أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه وما يحقق مصلحة شعبه في التنمية والازدهار.
-
الإمارات تتصدر عربياً.. شريك أمني موثوق في قمة العشرين
-
قرقاش: الإمارات تؤمن أن الحوار أكثر فاعلية لمواجهة التحديات والخروج بحلول
وأعرب عن تمنياته للبنان الشقيق وشعبه الازدهار والاستقرار والوفاق، قائلا : “ إننا نريد أن نرى لبنان قوياً متماسكاً وطرفاً فاعلاً في محيطه العربي والإقليمي والدولي”.
محطات تاريخية
دعم إنساني ودبلوماسي تؤكد عبره دولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبا استمرارها في تقديم كل الدعم الإغاثي اللازم إلى الشعب اللبناني، بما يُجسد قيم التآزر والتضامن والتعاضد والتعاون التي يتصف بها المجتمع الإماراتي الأصيل في كل الأوقات والظروف مع مختلف المجتمعات والشعوب المتأثرة التي تواجه الكوارث والأزمات أو تعاني من الحروب والصراعات.
ولطالما كانت دولة الإمارات من الدول السباقة في الوقوف إلى جانب لبنان خلال كل المحن التي مر بها.
ويسجل التاريخ لدولة الإمارات، مواقف مشرفة مساندة للبنان منذ عام 1974، حيث منح المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لبنان مبلغا قدره 150 مليون دولار لتمويل مشروع الليطاني.
-
براية الاتحاد.. إنجازات الإمارات تضيء يوم العلم
-
لفتة إنسانية من الإمارات: مساعدة لبنان في ظل الأزمات
وعقب انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، أطلقت دولة الإمارات العديد من المبادرات الهادفة إلى ترسيخ السلم الأهلي في لبنان، وإعادة إعماره، ودعم أسس استقراره وازدهاره حيث قدمت الإمارات هبات وقروضا مالية للحكومة اللبنانية، لتمويل العديد من مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة وغيرها من المجالات.
وفي أعقاب تحرير جنوب لبنان عام 2000، أعلنت الإمارات في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2001، عن تنفيذ مشروع التضامن الإماراتي، لإزالة الألغام في جنوب لبنان، بتكلفة قدرها 50 مليون دولار، بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية.
ولمواجهة الأزمات الاقتصادية الخانقة التي شهدها لبنان، منذ مطلع الألفية الثالثة، اكتتبت الإمارات في يناير/كانون الثاني 2003 في سندات خزينة بقيمة 300 مليون دولار، لدعم الخزينة اللبنانية تنفيذا لمقررات مؤتمر “باريس-2″، ووقعت اتفاقية خاصة بذلك.
أيضا في عام 2006، كانت الإمارات من أوائل الدول الداعمة للبنان، بهدف الحفاظ على أمنه واستقراره وسلامة أراضيه، وذلك مع إطلاقها في سبتمبر/إيلول من العام ذاته “المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان”، الذي لم يوفر جهدا أو مبادرة لتجاوز الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب على لبنان آنذاك.
وعندما اجتاحت جائحة كورونا “كوفيد-19” العالم عام 2020، بادرت الإمارات بتقديم مساعدات طبية عاجلة إلى لبنان، شملت 12 طنا من أجهزة الفحص والمستلزمات الطبية لدعم الأطقم الطبية والعاملين في مجال الخدمات الصحية، عبر توفير أدوات الحماية الشخصية والوقائية، وأجهزة تشخيص “كوفيد-19″، وكذلك دعم الإجراءات الاحترازية الوقائية.
كما أنشأت “مركز الشيخ محمد بن زايد الإماراتي- اللبناني الاستشفائي لمعالجة مرضى كورونا” بصفته مستشفى ميدانيا متخصصا للتعامل مع المصابين، بقدرة استيعابية تبلغ نحو 80 سريرا مزودا بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية.
وبعد تعرض لبنان لإحدى أكبر الكوارث الإنسانية التي شهدها في العصر الحديث، نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت 4 أغسطس/آب 2020، وخلّف آلاف الضحايا والجرحى، فضلا عن الدمار الكبير الذي لحق بالمرفأ والمباني في العاصمة بيروت، سارعت الإمارات إلى مد يد العون والنجدة إلى لبنان.
وأعلنت الإمارات بعد ساعات قليلة من وقوع الانفجار تقديم مساعدات إنسانية للمتأثرين، تضمنت أدوية ومعدات طبية، إضافة إلى مواد ضرورية أخرى، جرى نقلها على وجه السرعة إلى بيروت عبر عدة طائرات.
ويتواصل الدعم السياسي والإنساني والدبلوماسي الإماراتي للبنان حتى اليوم.