الخليج العربي

الإمارات والهند.. قصة تعاون بنّاء لدعم الازدهار والسلام ومواجهة التحديات


تعاون إماراتي هندي بنّاء لدعم ازدهار ورخاء البلدين، ونشر الأمن والسلام، ومواجهة التحديات المشتركة في المنطقة والعالم.

علاقات وثيقة وتعاون مثمر، تترجمهما القمم والمباحثات المتواصلة بين قادة البلدين، والزيارات المتبادلة لهما، واتفاقيات التعاون والشراكة التي تربط بين الدولتين.

واليوم الثلاثاء، وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى الهند، في إطار زيارة عمل.

زيارةٌ يبحث خلالها رئيس دولة الإمارات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها وتوسيع آفاقها خاصة على المستوى التنموي، إضافة إلى حضوره “قمة غوجارات النابضة بالحياة” العاشرة.

وتأتي هذه الزيارة بعد شهر من زيارة قام بها رئيس وزراء الهند إلى الإمارات، لتتوجا عشر زيارات متبادلة بين الزعيمين منذ تولي مودي مهام منصبه عام 2014.

 وتشكل الزيارات المتبادلة لكل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، محطات مهمة ليس في مسار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين فحسب، بل للعالم أجمع، نظرا لتعاونهما في مواجهة أبرز تحديات البشرية وهو تغير المناخ.

إضافة إلى أن كلا البلدين من الدول الفاعلة والمؤثرة عالمياً في جميع مجالات علوم الفضاء وتقنياته، الأمر الذي يصب في صالح خدمة البشرية.

كذلك، تثبت الإمارات والهند يوما بعد الآخر أنهما نموذجان ملهمان لدول المنطقة والعالم أجمع في التعايش والتسامح.

كما أن الدولتين تتبنيان مواقف مشتركة فيما يتعلق بمواجهة مصادر التهديد التي تواجه الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي وفي مقدمتها التطرف والإرهاب.

وتؤمنان بأهمية تعزيز الشراكات في تحقيق الرخاء والازدهار والاستقرار، الأمر الذي تُوج بانضمام الإمارات مطلع الشهر الجاري لمجموعة “بريكس”، التي تعد الهند عضوا بها.

تغير المناخ

وتحمل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند أهمية خاصة لتعاون البلدين في مواجهة أكبر تحد يواجه البشرية حاليا وهو تغير المناخ.

والشهر الماضي، استضافت الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخCOP28“، حضره عدد من زعماء العالم بينهم رئيس وزراء الهند.

وشهد الزعيمان خلال “كوب 28”  إطلاق مبادرة الائتمان الأخضر، التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة من خلال تعزيز فرص الترويج البيئي الطوعي من قبل مختلف المنظمات والأفراد .

وتتمثل فكرة المبادرة في تشجيع الإجراءات البيئية الاستباقية من قبل المتطوعين التي تتجاوز المتطلبات القانونية، مما يجعلها بسيطة ومقبولة عالميا وبالتالي تشجع المشاركة على نطاق واسع في تخضير الكوكب.

وأعرب رئيس دولة الإمارات خلال حضوره فعالية إطلاق مبادرة الائتمان الأخضر عن تقديره لمبادرة الهند وأهميتها في دعم البيئة وتوفير منصة عالمية للحوار والتعاون حول الحلول المناخية التي تخدم الهدف العالمي المشترك في التصدي لمخاطر تغير المناخ.

شراكة استراتيجية مثمرة بين دولة الإمارات والهند

تعزيز الشراكات

كما تحمل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الهند أهمية خاصة، كونها تأتي بعد أيام من انضمام بلاده إلى مجموعة “بريكس” التي تعد الهند عضوا بها، الأمر الذي يعزز التعاون بين الجانبين.

وانضمت دولة الإمارات رسميا إلى مجموعة “بريكس” اعتبارا من 1 يناير /كانون الثاني الجاري، في خطوة تجسد حرصها على التعددية في دعم السلام والتنمية لتحقيق رفاهية وازدهار الشعوب والأمم في جميع أنحاء العالم.

وسبق أن هنأ رئيس وزراء الهند ، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمناسبة انضمام دولة الإمارات إلى “بريكس”، مشيراً إلى دور الإمارات وجهودها في تعزيز التعاون والشراكات الدولية التي تدعم الازدهار الاقتصادي المستدام لدول العالم.

وتؤمن الإمارات والهند بأن الشراكات وحدها قادرة على تخطي تحديات اليوم المركبة والمتداخلة، وأهمها أمن الغذاء والطاقة، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وأنها السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم والرخاء والازدهار والتنمية.

وقد شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال مشاركته في قمة العشرين بنيودلهي، في سبتمبر/ أيلول الماضي، الإعلان عن إنشاء “ممر” اقتصادي يربط بين الهند ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

وأكدت دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية  والهند والولايات المتحدة ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ـ بموجب مذكرة تفاهم ــ تطلعها إلى العمل معاً على إنشاء ممر يربط الهند بالشرق الأوسط ومن ثم أوروبا والذي سيحفز التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز الربط والتكامل الاقتصادي بين هذه المناطق.

وبخطى متسارعة، تواصل دولة الإمارات تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع العالم.

وتعد الهند أول دولة توقع معها دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة وذلك في فبراير/شباط 2022.

وتعد الشراكة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الهند محركا لنمو اقتصادي يخلق فرصاً تجارية واستثمارية لأكثر من 3.8 مليار نسمة.

كما يسهم التعاون الاقتصادي المشترك في تعزيز حيوية التدفقات التجارية والاستثمارية عبر منطقة جنوب آسيا والنفاذ منها إلى الأسواق الإقليمية والعالمية .

كذلك يتطلع البلدان إلى مزيد من التعاون في المحافل متعددة الأطراف مثل مجموعة I2U2 ومبادرة التعاون الثلاثي الإماراتي الفرنسي الهندي، التي توفر فرصا أكبر لكلا البلدين للارتقاء بالشراكة إلى آفاق جديدة.

وقد استطاعت الإمارات والهند ترسيخ مكانتهما ضمن أفضل الاقتصادات في العالم. ويتيح الوضع الاقتصادي القوي للدولتين لهما مزيدا من التعاون المثمر والبناء وبما يعزز من مسيرة النمو في الدولتين.

الفضاء.. إنجازات تاريخية

في مجال الفضاء، تعتبر الإمارات والهند من الدول الفاعلة والمؤثرة عالمياً في جميع مجالات علوم الفضاء وتقنياته، الأمر الذي يصب في صالح خدمة البشرية.

وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للهند بعد يومين من حضوره إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة انضمامها إلى مشروع تطوير وإنشاء محطة الفضاء القمرية “Gateway” إلى جانب الولايات المتحدة واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى إعلانها إرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى مدار القمر.

إنجاز يأتي بعد 4 شهور من اختتام أول مهمة عربية طويلة الأمد على متن محطة الفضاء الدولية، استمرت 6 أشهر وشارك خلالها رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في إجراء أكثر من 200 تجربة علمية، ستسهم نتائجها في مسيرة التقدم العلمي للإنسانية، وخدمة البشرية.

وتزينت شوارع العاصمة الهندية نيودلهي بصور سلطان النيادي، وذلك بعد نجاح مهمته وعودته إلى الأرض، وتزامناً مع انعقاد فعاليات قمة العشرين في سبتمبر الماضي.

وقبل أيام، أعلنت الهند أن مسبارها “اديتيا-ال-1” لدراسة النظام الشمسي وصل إلى مدار الشمس بعد رحلة استغرقت أربعة أشهر، وذلك لقياس ومراقبة الطبقات الخارجية للشمس، ودراسة انبعاثات الكتلية الإكليلية، وهي ظاهرة دورية تترجم بتصريف هائل من البلازما والطاقة المغناطيسية من الغلاف الجوي للشمس إضافة إلى تسليط الضوء على عدة ظواهر شمسية أخرى من خلال التصوير وقياس الجزيئات الموجودة في الغلاف الجوي العلوي للشمس.

ومطلع الشهر الجاري، أطلقت وكالة الفضاء الهندية، قمرا اصطناعيا لدراسة الثقوب السوداء.

وسيجري القمر الاصطناعي، الذي يبلغ وزنه نحو 470 كيلوغراما، أبحاثا على الأشعة السينية التي تنبعث من نحو 50 جسما سماويا، بمساعدة حمولتين صنعتهما منظمة أبحاث الفضاء الهندية ومعهد أبحاث آخر مقره بنجالور.

يأتي هذا فيما يواصل “مسبار الأمل” الإماراتي أول مهمة فضائية لاستكشاف الكواكب تقودها دولة عربية منذ وصوله الكوكب الأحمر في 9 فبراير/شباط 2021.

وقدم “مسبار الأمل” منذ وصوله إلى مدار كوكب المريخ أكثر من 3.3 تيرابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، تعد مساهمات علمية غير مسبوقة ومعلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة، تم إتاحتها مجاناً أمام المجتمع العلمي حول العالم.

وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً مع رئيس وزراء الهند، فيي أغسطس/ آب الماضي، هنأه خلاله بنجاح هبوط مركبة الفضاء ” تشاندرايان-3″ على سطح القمر.

كما هنأ الشعب الهندي الصديق بهذا الإنجاز العلمي التاريخي، مؤكداً أنه يجسد التقدم الذي حققته الهند في مجالات العلوم والتكنولوجيا.

وأشار إلى أن هذه الخطوة تضاف إلى الإنجازات الحضارية العلمية التي تسهم بها الهند في خدمة مستقبل البشرية.

شراكة استراتيجية مثمرة بين دولة الإمارات والهند

مكافحة الإرهاب ونشر التسامح

إلى جانب ذلك، يتبنى البلدان مواقف مشتركة فيما يتعلق بمواجهة. مصادر التهديد التي تواجه الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي .والدولي وفي مقدمتها التطرف والإرهاب.

وفي ختام القمة التي جمعت الزعيمين خلال زيارة مودي للإمارات منتصف يوليو/ تموز الماضي، صدر بيان مشترك أكد خلاله الجانبان مجدداً التزامهما المشترك بمكافحة التطرف والإرهاب. بما في ذلك الإرهاب العابر للحدود، بجميع أشكاله. على الصعيدين الإقليمي والدولي.

واتفق الجانبان على تعميق .تعاونهما الثنائي في مكافحة الإرهاب والتطرف.

 وفي هذا السياق، أكد الجانبان على أهمية تعزيز قيم السلام والاعتدال .والتعايش والتسامح بين الشعوب، وشددا على ضرورة نبذ جميع أشكال التطرف .وخطاب الكراهية والتمييز والتحريض.

وتعد الدولتان نموذجا فريدا في التعايش البنّاء. فالإمارات تستضيف على أراضيها ما يزيد على 200 جنسية يعيشون في تناغم وسلام. والهند كذلك تحتضن الملايين من مختلف الديانات والأعراق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى