الخليج العربي

الإمارات ودعم غزة.. مواقف قوية ومساندة تاريخية


حراك إماراتي لا يتوقف داخل مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب المتواصلة في قطاع غزة ودعم القضية الفلسطينية.

ذلك الحراك لم تهدأ وتيرته لحظة واحدة، فكانت آخر تلك التحركات، مشروع قرار قدمته دولة الإمارات، يدعو إلى «وقف عاجل ودائم للأعمال العسكرية» في غزة، بعد 10 أيام من فيتو أمريكي أحبط محاولة إماراتية مماثلة.

مشروع كان مقررًا التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين، إلا أنه أرجئ إلى الثلاثاء لإفساح المجال أمام استمرار المفاوضات حول النص المقترح، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.

واستخدمت الولايات المتحدة في الثامن من ديسمبر/كانون الأول حق النقض ضد مشروع قرار قدمته دولة الإمارات أيضا يدعو إلى «وقف إنساني فوري لإطلاق النار في غزة»، فيما تواصل إسرائيل حملة بلا هوادة على قطاع غزة، رغم ضغوط غير مسبوقة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وما بين مشروعي القرارين، اتخذت دولة الإمارات خطوة رائدة وغير مسبوقة لدفع جهودها قدما، باتجاه إقناع المجتمع الدولي باتخاذ خطوات فعلية لوقف الحرب الدائرة منذ أكثر من شهرين، فنظمت بالتعاون مع مصر زيارة لمندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة يوم 11 من الشهر الجاري لإطلاعهم مباشرة على الحاجة الماسة لوقف إطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية.

وعلى الأثر، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في اليوم التالي (12 ديسمبر/كانون الأول الجاري) قرارا غير ملزم يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار والإفراج الفوري عن جميع الرهائن وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، بغالبية 153 صوتا من أصل الدول الأعضاء الـ193، فيما صوتت عشر دول ضده وامتنعت 23 عن التصويت.

رسائل قوية

مواقف قوية ورسائل تضامن تاريخية مع غزة تسجلها دولة الإمارات عبر حراكها المتواصل بمجلس الأمن الدولي لدعم القضية الفلسطينية ونشر السلام.

ومنذ تجدد التصعيد بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقد مجلس الأمن 12 جلسة حول القضية الفلسطينية والوضع في غزة (بما فيها الجلسة المرتقبة يوم الثلاثاء)، لم يمر أي منها دون أن تسجل دولة الإمارات رسائل قوية داعمة لغزة، إضافة إلى سعيها لتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف والعمل على دعم جهود السلام وتخفيف حدة التصعيد.

ومن بين تلك الجلسات الـ12 في مجلس الأمن، عقد 7 منها بطلب من دولة الإمارات، قدمت خلال اثنتين منها (8 و19 ديسمبر) مشروعي قرارين لوقف الحرب في غزة.

 وحرصت عبر جلسات أخرى على إتاحة المجال لأعضاء المجلس، والاستماع إلى إحاطات من مسؤولين أمميين وآخرين في المجال الإنساني، كشفت حقائق الوضع الإنساني المأساوي في غزة.

حراك إماراتي متواصل لدعم غزة

إحاطات كان لها الأثر الكبير في حلحلة مواقف أعضاء مجلس الأمن الدولي، وصولا إلى اتخاذ أول قرار أممي بشأن الوضع في غزة يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

في ذلك الاجتماع، خرج مجلس الأمن الدولي عن صمته للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بإصداره قرارا يدعو إلى «هدنات وممرات إنسانية» في قطاع غزة.

والقرار الذي صاغته مالطا وتم تبنيه بأغلبية 12 صوتا، بينهم دولة الإمارات العضو العربي الوحيد بالمجلس، دعا إلى هدنات وممرات إنسانية واسعة النطاق وعاجلة لعدد كاف من الأيام، لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة.

ويعد هذا القرار الوحيد الصادر من مجلس الأمن الدولي بشأن غزة، من بين 7 مشاريع قرارات تم تقديمها، بما فيها القرار الإماراتي المرتقب التصويت عليه لاحقا اليوم الثلاثاء.

آمال ومخاوف

وسبق أن شهد مجلس الأمن الدولي 5 جلسات للتصويت على 6 مشاريع قرارات في 16 و18 و25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، و15 نوفمبر/تشرين الثاني و8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، رفض 5 مشاريع منها، 2 منها بسبب استخدام واشنطن حق النقض ضدهما، فيما تمت الموافقة على مشروع قرار واحد فقط منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على أن يُصوت على مشروع القرار السابع اليوم الثلاثاء.

ويدعو مشروع القرار الذي طرحته دولة الإمارات إلى «وقف عاجل ودائم للأعمال القتالية للسماح بوصول المساعدة الإنسانية من دون عوائق إلى قطاع غزة».

ويطالب النص طرفي النزاع بتسهيل دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة برا وبحرا وجوا، ويؤكد على ضرورة دعم حل الدولتين و«يشدد على أهمية توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية».

ورغم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن حذر قبل أيام قليلة إسرائيل من أنها قد تخسر دعم الأسرة الدولية بسبب قصفها العشوائي على قطاع غزة، إلا أن مراقبين توقعوا أن تستخدم واشنطن الفيتو مجددا لإحباط أي قرار لوقف إطلاق النار في غزة.

ويبقى أمل في تفادي الفيتو الأمريكي بحسب ما تسفر عنه نتائج المفاوضات المتواصلة بهذا الشأن.

حراك إماراتي متواصل لدعم غزة

وكان مقرراً التصويت الإثنين لكن تم تأجيله، إلى الثلاثاء، للسماح بمواصلة المفاوضات وتفادي مأزق جديد للمجلس، وفق ما ذكرت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس.

وإضافة إلى مشروعي قرار دولة الإمارات، تم تقديم 5 مشاريع قرارات، اثنان قدمتهما روسيا يومي 16 و25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وثالث قدمته البرازيل يوم 18، ورابع قدمته أمريكا يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وخامس قدمت مالطا منتصف الشهر الماضي.

آخر جلسة عقدت يوم 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لبحث مشروع قرار إماراتي يدعو إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض الفيتو ضدّه.

وصوّتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار الذي طرحته دولة الإمارات، وحظي بدعم عشرات الدول غير المنضوية في مجلس الأمن، ومنظمات دولية وإنسانية.

مواقف قوية

وسجلت دولة الإمارات خلال تلك الجلسات مواقف قوية داعمة لغزة والقضية الفلسطينية أبرزها:

  • رفض مشروع القرار الأمريكي بالمجلس يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، لعدم دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة.
  • أيدت الإمارات مشروعي قرار روسيا والبرازيل، باعتبار أن القرارات الثلاثة تدعو إلى هدنة إنسانية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
  • تقديم مشروع قرار يوم 8 ديسمبر الأمن يدعو إلى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار في غزة”.
  • تقديم مشروع قرار يوم 19 ديسمبر يدعو إلى “وقف عاجل ودائم للأعمال العسكرية” في غزة.
  • عقد 7 جلسات من 12 في مجلس الأمن بطلب من دولة الإمارات.
  • إحاطات كان لها الأثر الكبير في حلحلة مواقف أعضاء مجلس الأمن الدولي، وصولا إلى اتخاذ أول قرار أممي بشأن الوضع في غزة يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 

رسائل هامة

كما بعثت خلال تلك الجلسات رسائل عدة للعالم خلال تلك الاجتماعات تعبر عن رؤيتها لحل الأزمة، وترسم من خلالها خارطة طريق لنشر السلام بشكل مستدام عبر حل القضية من جذورها، بالتوصل لحل سياسي يفضي إلى قيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في وئام وسلام.

وعبر جميع تلك الجلسات، قدمت دولة الإمارات مطالب عاجلة تتعلق بالأزمة الراهنة، إضافة إلى روشتة لتحقيق سلام مستدام، أبرزها مطالبتها بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكلٍ آمن وعاجل ومستدام ودون عوائق.

كما طالبت بحماية جميع المدنيين واحترام القانون الإنساني (وقف القتل وإطلاق سراح جميع الرهائن)، إضافة إلى رفض التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، احتراما للقانون الدولي الإنساني.

حراك دبلوماسي إماراتي متواصل في أروقة مجلس الأمن الدولي، سعيا نحو وضع حد لحرب غزة وحماية المدنيين وإيجاد أفق للسلام، يأتي امتدادا للدعم الإماراتي التاريخي للقضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والذي يعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيسها عام 1971.

ملحمة إنسانية

جهود إماراتية تتواصل ضمن ملحمة سياسية وإنسانية يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لدعم غزة والقضية الفلسطينية.

وتتواصل حاليا عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، العمليات المشتركة في وزارة الدفاع ببدئها لدعم الشعب الفلسطيني في غزة، ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.

وأرسلت دولة الإمارات حتى اليوم، 114 طائرة وسفينة شحن واحدة تحمل 7549 طنا من المساعدات الإغاثية، في إطار تلك العملية.

وتواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي توزيع طرود المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة على أهالي قطاع غزة، ضمن العملية.

وقررت دولة الإمارات في إطار تلك العملية -أيضا- إقامة مستشفى ميداني إماراتي متكامل داخل القطاع، والذي جرى تدشينه في 2 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وباشر الفريق الطبي الإماراتي المختص في المستشفى الميداني في قطاع غزة، والذي يضم كوادر متخصصة ومؤهلة في المجالات والفروع الطبية المختلفة، تقديم خدماته العلاجية لأبناء القطاع، حيث تم استقبال 333 حالة.

حراك إماراتي متواصل لدعم غزة

كما أقامت دولة الإمارات 3 محطات لتحلية مياه البحر يوم 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري بقدرة إنتاجية 600 ألف غالون يوميا، بالإضافة إلى توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية في مستشفيات الدولة.

كما وجه باستضافة ألف طفل فلسطيني برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم. ووصل بالفعل 338 من الأطفال المصابين ومرضى السرطان في إطار تلك المبادرات.

وكانت دولة الإمارات قد أطلقت حملة لإغاثة الأشقاء الفلسطينيين المتأثرين من الحرب في قطاع غزة، تحت شعار «تراحم من أجل غزة» بمشاركة المؤسسات الإنسانية والخيرية ومراكز التطوع والقطاع الخاص وأطياف المجتمع كافة في الدولة، ووسائل الإعلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى