سياسة

الإمارات ومسيرة الوساطة في أزمة أوكرانيا: نجاحات وتحديات الدبلوماسية


وساطات إماراتية متتالية لتبادل الأسرى بين كييف وموسكو، تتوج جهود الإمارات المتواصلة لحل الأزمات ودعم الاستقرار ونشر السلام بالعالم.

وساطات تأتي في وقت يتواصل فيه التصعيد العسكري الواسع بين الطرفين، الأمر الذي يبرز حجم وأهمية وثقل الدور الذي تقوم به الإمارات، ومدى الثقة والتقدير التي تحظى به من طرفي الأزمة.

أيضا تبقي الإمارات عبر نجاحها في تلك الوساطات نافذة أمل لحل سياسي ودبلوماسي لتلك الأزمة التي تجاوزت العامين.

ضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأربعاء أنها استعادت 95 عسكريا روسيا من أوكرانيا. وذلك نتيجة عملية لتبادل الأسرى جرت بوساطة الإمارات.

وبذلك، تكون هذه هي الوساطة الإماراتية الثانية خلال أقل من شهر. والسادسة خلال العام الجاري، والسابعة منذ بدء الأزمة فبراير/شباط 2022. الأمر الذي يتوج الحراك السياسي والدبلوماسي والإنساني المتواصل لحل الأزمة الأوكرانية.

“وساطة إنسانية” إماراتية

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الأربعاء، أنها استعادت 95 عسكريا من أوكرانيا، وذلك نتيجة عملية لتبادل الأسرى جرت بوساطة دولة الإمارات.

وقالت الدفاع الروسية في بيان: “نتيجة عملية تفاوض، أعيد 95 عسكريا روسيا. كانوا في الأسر في خطر مميت، من الأراضي التي يسيطر عليها نظام كييف”.

وأضاف البيان أنه “في المقابل، تم نقل 95 أسير حرب إلى القوات المسلحة الأوكرانية”.

وذكر البيان أنه سيتم نقل العسكريين المفرج عنهم بطائرات نقل عسكرية روسية إلى موسكو لتلقي العلاج وإعادة التأهيل في المؤسسات الطبية التابعة لوزارة الدفاع الروسية. مضيفا أن جميع المفرج عنهم يتلقون حاليا المساعدة الطبية والنفسية اللازمة.

ووفق البيان فإن دولة الإمارات قدمت “وساطة إنسانية” لتأمين عودة العسكريين الروس من الأسر.

جهود لا تتوقف

وقبل أقل من شهر، نجحت وساطة إماراتية، 25 يونيو/حزيران الماضي. في إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، أدت إلى إتمام عملية تبادل أسرى حرب شملت 180 أسيراً من كلا الجانبين.

وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها آنذاك على استمرار مساعي دولة الإمارات في دعم كافة الجهود والمبادرات التي تهدف إلى الوصول لحل سلمي للنزاع بين البلدين.

وأكدت على أن الحوار وخفض التصعيد وتبني المسار الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لحل الأزمة، وسيسهم في التخفيف من الآثار الإنسانية الناجمة عنها.

رؤية إماراتية تبرز الموقف المتوازن للإمارات من الأزمة. وجهودها الصادقة المتواصلة لحلها على أكثر من صعيد، والتي أثمرت عن نجاح وساطتها في إجراء 7 صفقات تبادل للأسرى بين البلدين. بينها 6 خلال العام الجاري وهي كما يلي:

17 يوليو/تموز 2024

استعادة روسيا 95 من جنودها الأسرى، مقابل استعادة أوكرانيا عدد أسرى مماثل من روسيا

25 يونيو/حزيران 2024

صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا. أدت إلى إتمام عملية تبادل أسرى حرب شملت 180 أسيراً من كلا الجانبين

31 مايو/أيار 2024

استعادة روسيا 75 من جنودها الأسرى، مقابل استعادة أوكرانيا عدد أسرى مماثلا من روسيا

8 فبراير/شباط 2024

استعادة روسيا 100 من جنودها الأسرى، مقابل استعادة أوكرانيا عدد أسرى مماثلا من روسيا.

31 يناير/كانون الثاني 2024

عودة 195 جنديا إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا عدد أسرى مماثلا من روسيا

3 يناير/كانون الثاني 2024

وساطة عاد بموجبها 248 جنديا إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا أكثر من 200 أسير. فيما تعد إحدى أكبر عمليات تبادل للأسرى بين الجانبين منذ بداية الأزمة في فبراير/شباط 2022.

4 فبراير/شباط 2023

وساطة عاد بموجبها 63 أسير حرب “من الفئة الحساسة” إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا

وإضافة لتلك الوساطات، نجحت وساطة إماراتية في ديسمبر/كانون الأول 2022. في تبادل مسجونين اثنين بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.

رسائل ودلائل

جهود متتالية تحمل رسائل ودلائل عدة أبرزها:
–    نجاح الإمارات في عقد صفقات متتالية لتبادل الأسرى بين طرفي الأزمة. جاء نتيجة العلاقات القوية التي تربطها بطرفيها، وثقة الدولتين بها وبجهودها الداعمة للحوار والسلام، وتقديرهما لموقفها المتوازن من تلك الأزمة.

–    أيضا فإن حرص الإمارات على مواصلة القيام بدور الوسط بين طرفي الأزمة. وعقد صفقات متتالية بين الطرفين، يعكس سعي الإمارات الحثيث والمتواصل للدفع بحل سلمي للأزمة الروسية الأوكرانية.

ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية قبل أكثر من عامين تقود دولة الإمارات جهودا سياسية ودبلوماسية لخفض التصعيد والدفع بحل عقلاني واقعي سلمي، يستند إلى قواعد القانون الدولي. التي تقضي باحترام سيادة الدول.

جهود قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بنفسه. حيث أجرى مباحثات عدة بشأن الأزمة مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلا على حدة.

وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في هذا السياق أن دولة الإمارات تدعم تسوية مختلف النزاعات في العالم عبر الحوار والأساليب الدبلوماسية بما يعزز السلام والأمن العالميين. وذلك انطلاقاً من نهجها الراسخ في دعم السلام والتعاون والاستقرار على المستويين الإقليمي والعالمي.

جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ومتابعته الحثيثة لحل الأزمة. وجدت صدى إيجابيًا لدى طرفي الأزمة، وسبق أن عبر كلا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي ، بموقف الإمارات ووساطتها. مؤكدين أن بلادهما تقدر هذه الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات.

–    أيضا النجاحات المتتالية التي تحققها الإمارات في ملف الوساطة تثبت صواب الرؤية الحكيمة للإمارات منذ بدء الأزمة في اتخاذ موقف الحياد الإيجابي المتوازن. والتي أتاح لها لعب دور إيجابي على طريق حل الأزمة.

الحفاظ على هذا الموقف المتوازن أتاح لدولة الإمارات بما تملكه من علاقات قوية .وصداقة مشتركة مع كل من روسيا وأوكرانيا دعم جهود فتح قنوات حوار ووساطة لحل الأزمة دبلوماسيا.

– الحياد الإيجابي خلال الأزمة، نجحت الإمارات أيضا في توظيف لدعم التعاون الاقتصادي مع أوكرانيا. الأمر الذي توج بإنجاز مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما قبل 3 شهور.

وأنجزت دولة الإمارات وأوكرانيا مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما 29 أبريل/نيسان الماضي، تمهيدا لتوقيع الاتفاق النهائي في وقت لاحق. وذلك في إطار التزام دولة الإمارات بتحقيق شراكات قوية مع أوكرانيا من خلال إتمام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة. كأحدث إنجاز تاريخي في العلاقات الثنائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى