التدخلات التركية في السودان: مصالح استراتيجية وتحالفات مشبوهة

تُعد تركيا واحدة من أبرز القوى الإقليمية التي تسعى إلى توسيع نفوذها في القارة الإفريقية، ولا سيما في السودان الذي يُعد بوابة استراتيجية للقرن الإفريقي. ويمتلك موقعًا جغرافيًا وثروات طبيعية واقتصادية مغرية للعديد من الأطراف الإقليمية والدولية.
-
التدخلات العسكرية في السودان: تاريخ من الدعم والأطماع التركية والإيرانية والقطرية
-
المطامع التركية في السودان: إفريقيا بوابة تركيا
تاريخ الأطماع التركية في السودان
بدأ التمدد التركي في السودان يظهر بشكل واضح منذ عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية بين أنقرة والخرطوم. أبرز هذه الاتفاقيات كانت تلك التي منحت تركيا حق تطوير جزيرة “سواكن” على البحر الأحمر، في خطوة فُسّرت على أنها محاولة لإنشاء قاعدة عسكرية تركية في المنطقة. الأمر الذي أثار مخاوف عدد من الدول الإقليمية، وعلى رأسها مصر والسعودية.
كما عملت تركيا خلال حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب إردوغان، على دعم جماعة “الإخوان المسلمين” في السودان. وتعزيز حضورهم في مفاصل الدولة، وهو ما عمّق العلاقات بين الجانبين، سياسيًا وأيديولوجيًا.
-
لقاءات البرهان في تركيا تثير تساؤلات.. الإخوان على أعتاب المشهد السوداني؟
-
النفوذ التركي على إسلاميي السودان يعزز فرص نجاح مبادرتها لحل النزاع
علاقة البرهان بإردوغان: عودة التحالف القديم؟
في تطور لافت، تشير مصادر مطّلعة إلى أن رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قام في 30 مارس 2025 بزيارة سرية إلى تركيا لحضور مناسبة عيد الفطر مع أسرته المقيمة هناك. ورغم الطبيعة “الخاصة” للزيارة. إلا أنها تحمل أبعادًا سياسية، خاصة في ظل الأنباء عن لقاءات جمعته بقيادات تركية بارزة.
ومن المتوقع أن يشارك البرهان أيضًا في المؤتمر الاقتصادي بمدينة أنطاليا التركية في 15 أبريل 2025، وهي مناسبة قد تشكّل فرصة لتعميق التفاهمات السياسية والاقتصادية بين الطرفين.
-
زيارة البرهان إلى تركيا.. هل تعيد الإسلاميين إلى المشهد السياسي في السودان؟
-
السودان: كيف يموّل الذهب حرب البرهان؟
إعادة رموز النظام السابق: صفقات ومساومات
تفيد تقارير بأن البرهان يسعى إلى إعادة عناصر من النظام السوداني السابق إلى الواجهة السياسية، وتحديدًا من المنتمين إلى “تنظيم الإخوان المسلمين” الذين يحظون بدعم تركي واضح. وتشير هذه التقارير إلى أن البرهان قدم .وعودًا باستثمارات تركية في السودان مقابل تسهيل عودة هذه العناصر ومشاركتهم في حكومة مستقبلية.
كما يُقال إنه خلال زيارته إلى تركيا، التقى بممثلين عن النظام السابق .وأبلغهم بنيته ضمّهم إلى الحكومة مقابل دعم تركي سياسي ومالي، في محاولة لاستعادة السيطرة على المشهد السوداني في ظل الفوضى الأمنية والسياسية الراهنة.
-
تركيا تسعى إلى استغلال المساعدات لإعادة نفوذها بالسودان
-
هل يساهم اقتلاع نظام البشير في وقف تهريب الأسلحة التركية؟
التدخلات الخارجية التركية في السودان: أدوات ناعمة وخشنة
تعتمد أنقرة في تدخلها في الشأن السوداني على مزيج من الأدوات الناعمة، مثل المساعدات الإنسانية والاستثمارات الاقتصادية. والأدوات الخشنة، مثل الدعم السياسي والإعلامي للجماعات الإسلامية، ومحاولة التأثير على القرار السوداني من خلال الحلفاء المحليين.
وتسعى تركيا من خلال هذه التحركات إلى:
-
إيجاد موطئ قدم دائم في البحر الأحمر.
-
تعزيز نفوذها في إفريقيا بالتوازي مع النفوذ الصيني والروسي.
-
تأمين أسواق جديدة لمنتجاتها واستثماراتها.
-
إعادة تموضع تنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة.
-
تعويضاً عن السودان.. أردوغان يعزز نفوذه في الصومال
-
على النائب العام إجراء تحقيق في حيازة البرهان قصراً وجواز سفر تركياً
إن التحركات التركية في السودان تُعد امتدادًا لاستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى توسيع النفوذ التركي في المناطق الحساسة من العالم الإسلامي. وفي الوقت الذي يواجه فيه السودان أزمات متعددة، يصبح ساحة خصبة للتدخلات الأجنبية. ومنها التركية التي تسعى عبر تحالفاتها الأيديولوجية والاستثمارية إلى إعادة رسم خريطة النفوذ داخل هذا البلد.
تبقى الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، خاصة مع اقتراب المؤتمر الاقتصادي التركي. الذي قد يكون مناسبة لإعلان تفاهمات جديدة بين الخرطوم وأنقرة، وسط تساؤلات كثيرة حول ثمن هذه التحالفات. وأثرها على مستقبل السودان واستقراره.