سياسة

التطرف يطل برأسه مجددا في القوقاز


 

يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن حرب بلاده في أوكرانيا تأتي في إطار صراع وجودي مع الغرب يتطلب تركيزا كاملا، لكن هجمات المسلحين الدموية في داغستان تظهر أن التشدد الإسلامي يمثل خطرا متزايدا قد يجبره على إعادة توجيه بعض موارده.

وتثير أحدث أعمال للعنف التي لاقى فيها 20 شخصا على الأقل حتفهم مساء الأحد في سلسلة هجمات بأسلحة نارية منسقة على ما يبدو في أقصى جنوب روسيا. تساؤلات محرجة لأجهزة المخابرات والأمن الروسية.

وقد أُخذت هذه الأجهزة على حين غرة فيما يبدو في وقت يتركز فيه الكثير من اهتمامها على أوكرانيا وخطر الهجمات المرتبطة بكييف داخل روسيا.

وقال سيرغي ماركوف وهو مستشار سابق للكرملين .كان قد عاد للتو من زيارة إلى منطقة شمال القوقاز “التطرف الإسلامي يطل برأسه مجددا في روسيا”.

وتابع “من الواضح أن هناك مشكلة مع الإرهاب الإسلامي وهي خطيرة للغاية. نحن بحاجة إلى تحرك من جانب السلطات”.

وأثار ما ورد عن ضلوع اثنين من أقارب مسؤول محلي. عقد اجتماعا لمكافحة الإرهاب في الآونة الأخيرة في أبريل/نيسان. وانتماء مهاجم آخر في الماضي إلى حزب موال للكرملين مخاوف من وجود تغلغل في أوساط النخبة المحلية.

وتمثل الهجمات في ديربنت ومحج قلعة التي قُتل .فيها قس أرثوذكسي روسي و15 شرطيا على الأقل وأُحرق كنيس يهودي. ضربة لتعهد بوتين طويل الأمد للشعب الروسي بأنه سيضمن الاستقرار الداخلي.

ويقول بعض الخبراء إن الهجمات قد تدفع أيضا إلى مراجعة في موسكو للطريقة. التي يتم بها إدارة داغستان ذات الأغلبية المسلمة الفقيرة.

وتعرضت ذات المنطقة التي تبعد نحو 1600 كيلومتر جنوبي موسكو في أكتوبر/تشرين الأول لهزة عندما اقتحم مثيرو شغب كانوا يكبرون مطارا بحثا عن ركاب يهود على متن رحلة طيران قادمة من تل أبيب.

وداغستان مهمة للجيش، إذ يتم بناء قاعدة بحرية “لأسطول بحر قزوين” الروسي هناك. وتقع الشيشان إلى الغرب منها وهي أيضا منطقة .ذات أغلبية مسلمة خاضت موسكو حربين مع انفصاليين فيها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.

وقال ريكاردو فالي مدير الأبحاث في مركز يوميات خراسان وهو مركز غير حزبي يعد تقارير عن التشدد في المنطقة، إن تنظيم الدولة الإسلامية .وجماعات جهادية أخرى تناقش الفرصة التي أتاحتها لهم الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأوضح أن حرب أوكرانيا أعاقت التعاون الأساسي بين موسكو .والغرب في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية فضلا عن تحويل الموارد الروسية .وأن هجوم داغستان كشف عن “فجوة أمنية كبيرة في جمع المعلومات الاستخباراتية الروسية”.

وقال إن الجهاديين في غضون ذلك، كانوا “يكتبون في مقالات عن كيفية كون أوكرانيا تمثل ما يسمى ثقبا أسود للغرب وروسيا. بمعنى أنه بينما يركز الغرب وروسيا اهتمامهما في أوكرانيا. يمكن للجهاديين الاستفادة من هذا الوضع وتوجيه ضرباتهم”.

وفي هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه في مارس/آذار. داهم مسلحون قاعة كروكوس سيتي للحفلات الموسيقية بالقرب من موسكو. وقتلوا نحو 150 في واقعة أشارت روسيا إلى أن أوكرانيا لها دور في تدبير الهجوم، لكن كييف نفت ذلك.

وفي 16 يونيو/حزيران، حطم ستة سجناء على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية قضبان نافذة زنزانتهم في مركز احتجاز بمدينة روستوف وهبطوا بالحبال عدة طوابق. ثم احتجزوا حارسين تحت تهديد سكين وفأس وتمكنت القوات الخاصة الروسية من تحرير الحارسين وقتل السجناء الستة.

وقال خبراء عسكريون غربيون إن هجمات الأحد بدت جيدة التخطيط والتنسيق. ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها، لكن الذراع الإعلامية. لفرع تنظيم الدولة الإسلامية في روسيا (الدولة الإسلامية-خراسان) نشرت بيانا أشادت فيه بمن وصفتهم “الإخوة من القوقاز” لتنفيذ الهجوم.

وقال معهد دراسات الحرب الذي يتخذ من واشنطن مقرا في مذكرة بحثية إن ولاية القوقاز، فرع تنظيم الدولة الإسلامية في شمال القوقاز، هي التي “نفذت على الأرجح” عمليات إطلاق النار. وقال الكرملين إن بوتين يتابع الأحداث عن كثب ويصدر الأوامر، وإن التحقيق جار.

وفي معرض الرد على سؤال من أحد الصحفيين قلل دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين من أهمية المخاوف من أي عودة إلى أواخر تسعينات القرن الماضي وأوائل القرن الحادي والعشرين. وهي الفترة التي شن فيها مسلحون إسلاميون هجمات بصفة متكررة على أهداف مدنية في أنحاء روسيا.

وقال بيسكوف “روسيا مختلفة الآن، المجتمع متماسك تماما. ومثل هذه المظاهر الإرهابية الإجرامية التي رأيناها في داغستان بالأمس، ليس لها أي نصير بين المجتمع، سواء في روسيا نفسها أو في داغستان”.

ووصف سيرغي ميليكوف رئيس منطقة داغستان. الهجمات بأنها محاولة لزعزعة استقرار المجتمع.

وكانت الولايات المتحدة قد قدمت لروسيا تنبيها قبل وقوع الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو في مارس/آذار، لكن الكرملين أصر على أنه لم يغفل عن الأمر. مشيرا إلى أن أي دولة ليست محصنة ضد الإرهاب.في حين أقر بأن حرب أوكرانيا أضرت بالتعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب.

وقال فالي من مركز يوميات خراسان “قبل أيام قليلة. كشفت مصادر حكومية تركية أن تركيا ساعدت روسيا في تفكيك خلية كانت تنوي تنفيذ هجوم آخر في موسكو”. مضيفا “لذلك فهذا يعني أن هناك مشكلة مستمرة داخل البيئة الأمنية في روسيا تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى