الجزائر: أزمة المياه تتفاقم والاحتجاجات تكشف الفشل الحكومي
تجددت الاحتجاجات في مناطق جزائرية على خلفية أزمة مياه قاسية، فشلت الحكومة في إيجاد حل لها مع تواصل تهميش هذه المناطق خصوصا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، بينما يهدد المحتجون باللجوء إلى خطوات تصعيدية في حال استمرار تجاهل الحكومة لمعاناتهم.
وذكرت صحيفة “الخبر” المقربة من السلطات، أن سكان حي عبان رمضان بالمقاطعة الإدارية عين وسارة، أقدموا مساء الأربعاء، على قطع الطريق المحاذي لمقبرة سي السبخاوي، بحرق العجلات المطاطية تعبيرا عن غضبهم واستيائهم من استمرار أزمة انقطاع المياه الصالحة للشرب التي تجاوزت الأسبوعين.
وأفاد المحتجون أن انقطاع المياه أجبرهم على شراء صهاريج المياه بأسعار باهظة مما شكل عبئًا ماليًا كبيرًا على عائلاتهم، مشيرين إلى أن السبب وراء تفاقم الأزمة هو التوصيلات العشوائية التي ترتبط بالأنبوب الرئيسي الناقل للمياه من آبار أولاد سعيد بحد الصحاري، حيث تُستهلك كميات كبيرة من المياه بشكل غير قانوني دون أي رقابة أو تدخل من السلطات.
ويرى متابعون أن الجزائر باعتبارها دولة نفطية، تملك الإمكانيات المادية الكفيلة بمساعدتها على التغلب على مخاطر أزمة المياه، من خلال ما تتيح التكنولوجيا الجديدة من وسائل لمواجهة ندرة المياه، لاسيما أن هناك نماذج ناجحة لبعض الدول العربية، التي تعاني من استدامة قلة التساقطات المطرية وشح المياه، كما هو حال دول الخليج العربي، وتمكنت من توظيف جزء من مقدراتها النفطية لحل مشكلة المياه كما وضعت سياسات عمومية مستمرة لجعل مواجهة نقص المياه والتغلب عليه محور اهتماماتها، وفي صدارة أولوياتها الوطنية، غير أن السلطات الجزائرية أثبتت فشلا ذريعا في هذا المجال.
ويطالب سكان عين وسارة بالإسراع في عملية إنجاز مشروع إعادة شبكة المياه بالحي، والذي تأخر بشكل غير مبرر، كما دعوا السلطات المحلية والجهات المعنية إلى التدخل العاجل لمعالجة هذه الأزمة، واتخاذ إجراءات صارمة للقضاء على التوصيلات العشوائية التي حرمتهم من حقهم المشروع في الحصول على المياه.
وأكد المحتجون أن خطوتهم الاحتجاجية هذه جاءت بعد محاولات متكررة لمطالبة السلطات بحل مشكلتهم دون أي استجابة تُذكر، مشددين على أنهم قد يلجؤون إلى خطوات تصعيدية أخرى إذا استمر تجاهل مطالبهم، ووجهوا نداءً عاجلا إلى والي ولاية الجلفة للتدخل شخصيا من أجل إنهاء هذه المعاناة التي أثقلت كاهلهم.
وكل عام تتجدد احتجاجات العطش في الجزائر، ويتزايد غضب المواطنين الذين لم توفر لهم دولتهم، من الإمكانيات والوسائل ما يواجهون به تحدي الأمن المائي، وما يترتب عنه من صعوبات في العيش والمعيش. فدائرة العطش تتسع لتشمل أغلب ولايات الجزائر، وترصد مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار هذا الواقع على مدار العام.
وجاء في تغريدة:
وكثيرا ما أثارت ذرائع السلطة بشأن أزمة المياه غضب الناشطين، فمع الفشل في تأمين أبسط الملتزمات الرئيسية للمواطن الجزائري، تلجأ السلطة إلى القاء اللوم على دول مجاورة في مبررات لا تقنع بها أحد.
وفي يونيو/حزيران الماضي اندلعت أعمال شغب “عنيفة” بمدينة صحراوية جزائرية تعاني من الجفاف بعد أشهر من نقص المياه، مما أدى إلى جفاف الصنابير وأجبر السكان على الوقوف في طوابير للحصول على المياه، بحسب أسوشيتد برس.
وفي مدينة تيارت – التي يبلغ عدد سكانها أقل من 200 ألف نسمة وتقع على بعد 250 كيلومترا جنوب غربي الجزائر العاصمة – عمد متظاهرون يرتدون أقنعة إلى إشعال النار في الإطارات وإقامة حواجز لسد الطرق احتجاجا على ترشيد المياه، وفقا للصور ومقاطع متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاءت الاضطرابات في أعقاب مطالبة الرئيس عبد المجيد تبون بإنهاء المعاناة، ونظرا لتوقيتها قبل الانتخابات الرئاسية بأشهر قليلة، سارعت السلطات لاحتواء الأزمة، وفي اجتماع لمجلس الوزراء ناشد الرئيس عبدالمجيد تبون الحكومة تنفيذ “إجراءات الطوارئ” في تيارت. وتم إرسال العديد من وزراء الحكومة في وقت لاحق “لطلب اعتذار من السكان”، والوعد باستعادة إمكانية الحصول على مياه الشرب.
وقال وزير الداخلية الجزائري، إبراهيم مراد، في تصريحات نشرتها وسائل إعلام حكومية، إن مياه الشرب بتيارت ستتوفر “في غضون أسبوعين أي بحلول عيد الأضحى، بفضل الإجراءات العملية التي سيتم اتخاذها”.
وجاءت أعمال الشغب بينما كان يتنافس تبون على فترة ولاية ثانية في الدولة الغنية بالنفط، وهي الأكبر في أفريقيا من حيث المساحة.
وكانت منطقة شمال أفريقيا من بين المناطق الأكثر تضررا في العالم من تغير المناخ. وأدى الجفاف الذي دام لعدة سنوات إلى استنزاف الخزانات الحيوية وخفض كمية الأمطار التي غذتها تاريخيا.