سياسة

الجزائر.. احتجاجات العطش تربك السلطة


 تتصاعد موجة الغضب في عدة مدن جزائرية من بينها ولاية تيارت (280 كلم جنوب غرب الجزائر) وأم البواقي (500 كلم عن العاصمة) على خلفية أزمة مياه قاسية وسط مخاوف من امتداد الاحتجاجات لولايات أخرى بينما يستعد الحزب الحاكم منذ الاستقلال (جبهة التحرير الوطني) بتزكية من الجيش لترشح الرئيس عبدالمجيد تبون لولاية رئاسية ثانية.

وتنذر الاحتجاجات بإرباك الحملة الانتخابية بينما تظهر حجم الغضب المتنامي من سياسات الدولة والسلطة الحاكمة التي يتهمها الاهالي بتجاهل أزمتهم في ذروة موجة الحر وبأنها تلجأ لحلول تسكينية بدلا من معالجة الأزمة من جذروها.

وتكابد السلطة منذ أيام لاحتواء تلك الاحتجاجات من خلال اجراءات من بينها توجيه صهاريج مياه إلى المدن التي تعاني نقصا شديدا في الماء بسبب الجفاف وبسبب عقود من الاهمال في بلد يرقد على ثروة نفطية وغازية وراكم احتياطيا ضخما من النقد الأجنبي من ايرادات الطاقة وانشغل في انفقا مليارات الدولارات على شراء الولاءات بينما لم يوجه بوصلته بشكل مركز لمعالجة أزمات مزمنة في أكثر من منطقة ولم يستثمر فائض ايرادات النفط في تعزيز المشاريع المستدامة ومن بينها حفر الآبار واستغلال التساقطات المطرية واستثمارها وانشاء محطات تحلية المياه وغيرها من الحلول التي كان يمكن العمل عليها لتخفيف معاناة المناطق التي تشهد عادة شحا في مياه الشرب.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتفاضة وموجة غضب واسعة وثقتها صور ومقاطع فيديو، بينما انتشرت هاشتاغات من قبيل #ثورة_العطش و #الجزائر_المنكوبة، وذلك بالتزامن مع اندلاع احتجاجات أول وثاني أيام عيد الأضحى في عدة مناطق من ضمنها تيارت بسبب عدم حل مشكل انقطاع مياه الشرب رغم وعود الحكومة بالقضاء على الأزمة قبل العيد بطلب من الرئيس عبد المجيد تبون.

وتحدثت صفحات وحسابات عن تجدّد “الاحتجاجات وغلق الطرق” في تيارت أمام السيارات يومي الأحد والاثنين المصادف ليومي العيد الذي يكثر فيه استخدام الماء بعد ذبح الأضاحي.

وأشارت المصادر خاصة الى الطريق الوطني رقم 14 بين فرندة ووسط مدينة تيارت، كما أظهرت الصور وضع أحجار ومتاريس لمنع مرور السيارات. وكذلك فعل سكان حي 220 سكن بإعلاق الطريق الرابط بين وسط مدينة تيارت وبلدية بوشقيف على بعد نحو 18 كلم.

وسخرت ناشطة من وعود تبون الانتخابية التي لم يتحقق منها شيء:

وتشهد تيارت الولاية شبه الصحراوية منذ أيار/مايو أزمة شديدة في توفير مياه الشرب بعد جفاف سد بخدة، المصدر الوحيد لتزويد المنطقة بالماء، ما تسبب في اندلاع احتجاجات عنيفة.

ودفعت الأزمة الرئيس عبد المجيد تبون، في وقت يتم التحضير لانتخابات رئاسية مبكرة، لعقد اجتماع لجزء من مجلس الوزراء في 2 يونيو/ حزيران أمر خلاله “وزيري الداخلية والري بوضع برنامج استعجالي واستثنائي …خلال 48 ساعة على أقصى تقدير”. ويبدو أن ذلك حل الأزمة في وسط المدينة لكن المناطق الأخرى مازالت تعاني بحسب شكاوى السكان على صفحة “الجزائرية للمياه”.

وعبرت التعليقات عن غضبها من استهانة الحكومة والرئيس تبون بمعاناتهم بإطلاق الوعود التي يبدو أنها ليست سوى دعاية انتخابية لم يتحقق منها شيء، وقال أحدهم:

وفي منطقة الرحوية التي تبعد نحو 40 كلم، نشر ناشطون الاثنين فيديو لتجمع للمواطنين قال ناشره انه لمحتجين “منعوا الوالي من مغادرة مقر الدائرة قبل ان يستمع لانشغلاتهم” بخصوص أزمة الماء. حيث زار الوالي المنطقة بعد احتجاجات ليلية تم فيها حرق إطارات السيارت في اليوم الاول لعيد الأضحى.

ولسنوات طويلة اشتكت عدة ولايات من شح في المياه ومن التهميش ومن تجاهل السلطة المركزية لمشاكلهم، لتتحول إلى احتجاجات في ظرف حساس بالنسبة للسلطة التي فشل في التحكم بهذه الأزمة الأمر الذي يعري الخطاب الرسمي الشعبوي ويضع الحكومة أمام واقع أزمة الجفاف ونقص مياه الشرب، ويضغط عليها من أجل إيجاد حلول آنية لتجنب احتجاجات مماثلة تعكر عليها التحضير للانتخابات الرئاسية.

 ويستعد الرئيس تبون للذهاب إلى انتخابات رئاسية تضمن ولاية ثانية له، بمشاركة واسعة وبخطاب دعائي حشدت له أحزاب السلطة بكامل ثقلها، لكنه اليوم يجد نفسه في مواجهة حقائق مفاجئة أفرزتها طريقة إدارة الشأن العام بالتغطية على الحاجيات الأساسية للمجتمع، الأمر الذي عمق أزمة الثقة بين الشارع والسلطات العمومية.

والأزمة الراهنة في تيارت وأم البواقي قد تتمدد إلى مناطق أخرى تعاني شحا في المياه أو تدهورا في مستوى الخدمات الصحية والاجتماعية ويعتبر الغرب الجزائري والهضاب العليا الغربية، أكثر المناطق المتضررة من موجة الجفاف، مقارنة بوسط البلاد وشرقها اللذين شهدا هطولا للأمطار خلال الأسابيع الماضية، وهو ما أنجح الموسم الزراعي وخفف من أزمة شح ماء الشرب، عكس المناطق المذكورة، حيث تعيش عدة مدن وولايات كمعسكر ووهران وسيدي بلعباس على وقع أزمة مياه، يجري التغطية عليها من قبل السلطات المحلية، الأمر الذي يزيد من حالة الاحتقان الشعبي ولا يستبعد انفجار احتجاجات مماثلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى