الشرق الأوسط

الحكومة اللبنانية تعلن خارطة طريق للإصلاح المالي


في خطوة وُصفت بأنها “محاولة الإنقاذ الأخيرة” للقطاع المصرفي المترنح، أعلن رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، اليوم الجمعة، عن تقديم أول إطار قانوني شامل يهدف إلى معالجة الفجوة المالية ووضع خارطة طريق واضحة لاسترداد الودائع.

ولا يعد هذا القانون، الذي سيُطرح على طاولة مجلس الوزراء يوم الاثنين المقبل، مجرد نص تشريعي، بل هو “جواز مرور” يسعى البلد من خلاله لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، وعلى رأسه صندوق النقد الدولي والدول العربية الشقيقة.

ومنذ خريف عام 2019، دخل لبنان في ما وصفه البنك الدولي بأنه واحدة من أشد عشر أزمات مالية عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر. وتتلخص هذه “الدوامة الطاحنة” في عدة نقاط من أبرزها احتجاز ودائع المواطنين، التي تقدر بعشرات المليارات، وتآكل قيمتها بسبب التضخم المفرط وانهيار سعر صرف الليرة.

وأدت الأزمة إلى اتساع الهوة في ميزانية مصرف لبنان والمصارف التجارية، وهي الفجوة التي يسعى القانون الجديد لسدها عبر تحديد المسؤوليات وتوزيع الخسائر.

ويشترط صندوق النقد الدولي إصلاحات بنيوية شاملة وقوانين واضحة (مثل قانون الكابيتال كونترول وهيكلة المصارف) قبل تقديم أي حزمة إنقاذ للبنان. وأكد سلام أن أهمية هذا القانون تكمن في قدرته على ترميم العلاقة مع المانحين العرب الذين ربطوا عودتهم بالإصلاح الجدي.

بدورها اشترطت الدول العربية، لا سيما دول الخليج، مراراً إرساء “حوكمة شفافة” قبل ضخ أي سيولة، فيما يمثل التشريع الجديد محاولة لإثبات أن لبنان بدأ فعلياً في مرحلة المحاسبة المؤسساتية.

كما يأتي هذا التحرك في وقت تواجه فيه بيروت ضغوطاً من “مجموعة العمل المالي” (FATF)، حيث يساهم تنظيم القطاع المصرفي في تعزيز مكافحة تبييض الأموال وإعادة ربط المصارف اللبنانية بنظام المصارف المراسلة عالمياً.

ورغم التفاؤل الرسمي، يواجه القانون “حقل ألغام” قد يعيق تنفيذه، حيث يخشى الكثيرون من أن تصطدم بنود “توزيع الخسائر” بمصالح القوى السياسية المرتبطة بمجالس إدارات المصارف.

وأشار سلام إلى أن “من تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار ويشكلون 85 بالمئة من إجمالي المودعين، سيحصلون على وديعتهم من المصارف كاملة”، لافتا إلى أن “سداد الودائع سيكون خلال فترة لا تتعدى 4 سنوات”.

وبين أن “المودعين المتوسطين والكبار سيحصلون على مئة ألف دولار، تماما كصغار المودعين وعلى سندات (مصرفية) قابلة للتداول بقيمة رصيد وديعتهم، دون أي اقتطاع من أصلها”.

زر الذهاب إلى الأعلى