اخترنا لكم

الخلافات تعصف بتنظيم القاعدة في أفريقيا

خوسيه لويس مانسيا


منذ اغتيال زعيم تنظيم القاعدة في مايسمى “بلاد المغرب الإسلامي”، عبد المالك دروكدال، المعروف أيضاً باسم أبو مصعب عبد الودود في 3 يونيو/ حزيران الماضي، لوحظت تغييرات على دعاية القاعدة. ويُرجِح ذلك إمكانية حدوث تغييرٍ ما داخل التنظيم الإرهابي، لا سيما في فرع “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، وأيضاً في “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” باليمن، حيث تُشير المعلومات إلى احتمال نشوب صراع داخلي بين إبراهيم آل قصي وزعيم القاعدة في جزيرة العرب، خالد باطرفي. 

ومنذ سنة 2004، كان دروكدال متابعاً من قبل أجهزة المخابرات في جميع أنحاء العالم تقريباً، وفجأة تم تحديد مكانه في شمال مالي خارج منطقة نفوذ تنظيمه. كل المعطيات المتوفرة تُشير إلى أنها كانت هدية، وعلى الرغم من أن قول ذلك فيه كثير من الجرأة، إلّا أنه يفتح الباب واسعاً أمام التكهنات بإمكانية حدوث تسريب لمكان اختبائه من قبل فرع تنظيمه في مالي، أنصار الدين.

ووفقاً للشائعات، فإن محادثات حكومة مالي السابقة “التي أطاح بها انقلاب عسكري”، مع إياد أغ غالي، زعيم جماعة أنصار الدين، كانت تتضمن بنداً بشأن التفاوض مع الطوارق في شمال مالي لتمكينهم من حكم ذاتي مقابل السلام في شمال البلاد. ولم تكن تلك الخطوة المحتملة تروق لتنظيم القاعدة على الإطلاق، لأنه يخشى من حدوث انقسام في فرعه في غرب أفريقيا، وبالتالي، فهو بحاجة إلى شمال مالي كمركز تحكّم لتوجيه عملياته.

ومنذ اغتيال دروكدال، توقّف فرع “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” في مالي “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”عن بث دعايته على القناة المعتادة. وفي الآونة الأخيرة، شرعوا في نشر المواد الإعلامية للمجموعة في قناة أخرى لا علاقة لها بمالي ولا حتى بالساحل. وتُشير كل المعطيات إلى أن قطع العلاقات هذا لا يمكن تفسيره إلا بكون دروكدال كان برفقة مسؤوله الإعلامي، توفيق شايب، الذي قُتِل معه أيضاً في الهجوم، لذلك تغيّر مكان نشر دعاية التنظيم.

وفي الواقع، عندما بدأ الإرهابيون الماليون نشاطهم سنة 2012، فإنهم كانوا بحاجة إلى دعم تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” مع قادته الجزائريين. وفي الوقت الحالي استطاعت أجهزة الأمن الجزائرية الضغط وبشكل رهيب على المنظمة الإرهابية وهو ما تركها في مأزق، بحيث أصبح الفرع المالي أكثر سلطة وقوة من التنظيم الجزائري. هل يمكن أن يكون هذا سبباً آخر للخلافات داخل المنظمة؟ من الوارد جداً، بالنظر إلى أن زعماء جماعة نصرة الإسلام والمسلمين يدافعون عن مناطق سيطرتهم، كأمادو كوفا “ماسينا”، وسط مالي، بينما يدافع القائد الآخر، إياد أغ غالي، عن شمال مالي الطارقي، وبالتالي هم غير مهتمين، في الوقت الحالي على الأقل، بالتحوّل إلى فرع الساحل التابع لداعش، لأن هذه المجموعة تريد التوسّع ولا يبدو أن ذلك وارد في خطط قادة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي.

ويواجه تنظيم القاعدة معضلة كبيرة، فهو لم تستطع حتى الآن تعيين أمير جديد، مخافة أن تتسبب تلك التسمية في نشوب خلافات بين فروعه في منطقة الساحل وحتى داخل التنظيم نفسه، بينما يرون داعش كالذئب الجائع يحاول الاستيلاء على مناطق سيطرتهم في الساحل.

لقد كان تشجيع زعيم القاعدة، أيمن الظواهري، على إنشاء فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي لتوحيد أتباعه في منطقة الساحل أمرا ملفتا، لكنه لم يُقدّر بشكل صحيح ما يحدث، إذ تمّت تصفية جميع قادته الشباب والقائدان المتبقيان تجاوزا الستين من العمر الآن، لذا فإن مخاوفهما ليست هي ذاتها التي قد توجد لدى قادة شباب مندفعين ينوون التوسّع واكتساب الشعبية من خلال أفعالهم.

ويرى بعض المحللين في الجزائري، أبو عبيدة يوسف العنابي “51 عاما”، بديلاً محتملا لقيادة “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. وستصب هذه الخطوة في مصلحة التنظيم هناك، ولكن الأمر لن يكون كذلك بالنسبة لفرعه في منطقة الساحل الذي يأمل في أن يكون للتنظيم زعيم من جنوب الجزائر. لذلك، فإن التوقّف عن نشر دعاية جماعة نصرة الإسلام والمسلمين “المبايعة للقاعدة “في بلاد المغرب الإسلامي”يمكن أن يكون مؤشراً على وجود خلافات مع القاعدة، ولكنها ليست قطيعة، لأنه لو كان الأمر كذلك لظهر بشكل جلي بطريقة ما.

نقلا عن العين الإخبارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى