المغرب العربي

الدبيبة يحيل مقتحمي مؤسسة النفط إلى القضاء تهدئةً للأزمة


في ظل تصاعد التوترات السياسية والشعبية المطالبة بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية الليبية وإقالة رئيسها عبدالحميد الدبيبة، تبدو الحكومة في سباق مع الزمن لتفادي انهيار محتمل قد تسببه واحدة من أهم أوراق القوة في البلاد وهي النفط.

وأعلنت حكومة الدبيبة، الخميس، تسليم عناصر اقتحموا مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس إلى النيابة العامة، في خطوة فسّرها مراقبون. بأنها محاولة للسيطرة على الوضع الأمني لحماية المؤسسة الأهم في البلاد. وتهدئة المخاوف المتزايدة بشأن استقرار قطاع النفط.

جاء هذا التطور في وقت صعّدت فيه الحكومة المكلّفة من البرلمان لهجتها. مهددة باتخاذ خطوات قد تصل إلى حد وقف إنتاج النفط، ما يضع حكومة الوحدة أمام تحدٍ خطير. ليس فقط في إدارة الانقسام السياسي، بل في الحفاظ على مورد اقتصادي حيوي ترتبط به شرعيتها واستمرارها.

وداخل أروقة حكومة الوحدة، تسود مخاوف حقيقية من أن أي اضطراب في قطاع النفط  سواء من خلال الإغلاق أو استخدامه كورقة ضغط سياسي . قد يؤدي إلى فقدان ما تبقى من الدعم الشعبي والسياسي، وبالتالي إلى انهيار حكومي شامل.
ويحذر خبراء من أن استمرار التصعيد قد يُفجّر أزمة اقتصادية جديدة. ويدفع نحو فوضى مؤسساتية، خصوصاً مع هشاشة التوازن القائم بين الأطراف المتصارعة على السلطة في ليبيا.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن حكومة الدبيبة تحاول إرسال رسائل طمأنة. داخلياً وخارجياً، مفادها أنها لا تزال قادرة على حماية أهم قطاع في البلاد. ومنع الانزلاق نحو استخدام النفط كسلاح سياسي، وهي معركة تبدو مصيرية في ظل ما تواجهه من ضغوط.
والموقفان_حكومة حماد وحكومة الدبيبة_ جاءا في بيانين، أحدهما لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية عبر منصة “حكومتنا” الرسمية. والآخر لحكومة البرلمان في الشرق نشر على حسابها الرسمي في فيسبوك.

ويأتي ذلك في ظل اتهامات متبادلة وتخوف من تجدد الصراع على قطاع حيوي لطالما كان محور النزاعات الليبية.
والأربعاء، تداولت وسائل إعلام محلية ودولية، صورًا قالت إنها تظهر آليات مسلحة تقتحم مقر مؤسسة النفط في طرابلس، ما أثار جدلًا واسعًا بشأن احتمال تجدد الصراع على المؤسسة. كما حدث مرارًا خلال العقد الماضي، متسببًا في خسائر قدرت بمليارات الدولارات.
وقالت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، إنها تابعت الحادثة “بشكل مباشر وميداني” التي وقعت عند مدخل المؤسسة، واتخذت إجراءات فورية بالتنسيق مع النيابة العامة. أسفرت عن تسليم العناصر المقتحمة إلى الجهات القضائية المختصة.

وأكدت الوزارة التزامها بحماية المرافق السيادية ودعم سلطة القانون.
في المقابل، أدانت الحكومة المكلفة من مجلس النواب الاقتحام. واعتبرت الحادثة “تهديداً خطيراً لقطاع النفط ومقدرات الليبيين”، مؤكدة أنها تقوض فرص توحيد المؤسسات السيادية.
وحذّرت حكومة البرلمان من أنها قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات احترازية، من بينها إعلان “القوة القاهرة” في الحقول والموانئ النفطية، أو نقل مقر المؤسسة مؤقتًا إلى “مدينة آمنة”.
وأكدت أنها لن تقبل بـ”أي تدخل أممي ضد هذه القرارات” مستنكرة ما اعتبرته “السكوت المتعمد من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمبعوث الأميركي”. ودعتهم “لتحمل مسؤولياتهم تجاه التهديدات المباشرة التي قد تواجه قطاع النفط”.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلنت حكومة البرلمان “القوة القاهرة” .ووقف الإنتاج والتصدير من عدد من الحقول النفطية التي تسيطر عليها، منها حقل الشرارة أكبر حقول البلاد.
وبشأن التطورات القضائية، أعلن النائب العام المستشار الصديق الصور، مساء الخميس. أن النيابة أمرت بحبس ثلاثة متهمين شاركوا في الاقتحام، بعد مراجعة الأدلة المصورة وشهادات الشهود.
وذكر أن النيابة باشرت استجواب المتهمين، مع توجيه وزارة الدفاع وأجهزة الضبط للقبض على باقي المتورطين في الحادثة.

وتعيش ليبيا منذ أكثر من ثلاث سنوات حالة انقسام سياسي، بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة ومقرها طرابلس، والتي تدير غرب البلاد. وحكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب ومقرها بنغازي، وتدير شرق البلاد وأجزاء من الجنوب.
في ظل هذا الانقسام، تواصل بعثة الأمم المتحدة جهودها للوصول إلى انتخابات شاملة. تنهي الفترات الانتقالية المستمرة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011 (1969-2011).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى