الذكاء الاصطناعي يغير وجه الحروب

لطالما كانت الحرب امتدادًا للعقل البشري، حيث يبتكر المحاربون استراتيجياتهم ويصوغ القادة قراراتهم وسط ضباب المعركة، لكن مع صعود الذكاء الاصطناعي، بدأت معادلة الصراع تتغير.
فلم تعد الآلات مجرد أدوات في يد الإنسان، بل أصبحت لاعبًا مستقلًا. قادرة على اتخاذ قرارات فورية، ورسم مسارات الاشتباك بسرعة تفوق الإدراك البشري.
ووفقًا لتقرير وزارة القوات الجوية الأمريكية، فإن المستقبل القريب سيشهد تراجعًا غير مسبوق للعامل البشري في ساحة القتال. حيث ستُدار المعارك بواسطة أنظمة ذاتية التشغيل تمتلك قدرة تحليلية خارقة، خالية من العواطف والتردد.
-
من الطائرات إلى الأهداف: كيف يستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في حرب غزة؟
-
بريطانيا وفرنسا تعززان الأمن البحري.. الذكاء الاصطناعي في مواجهة الألغام
فماذا سيحدث عندما يتحكم بها الذكاء الاصطناعي؟
تعتقد وزارة القوات الجوية الأمريكية أن طبيعة الحرب .وليس فقط طابعها الخارجي السطحي على وشك أن تتغيّر بشكل لا يمكن التعرّف عليه.
ورغم أن التقرير المقدم في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى الكونغرس بعنوان “وزارة القوات الجوية في عام 2050”. لم يصدر مثل هذا الحكم القاطع لكنه يكشف أن السنوات الـ25 القادمة تُنذر بتغييرات تاريخية عالمية.
وفي ضوء التقرير، يبدو أن الحرب على وشك أن تصبح صراعًا بين الآلات بدلًا من أن تكون بين محاربين بشريين يُبدعون في استخدام الآلات كالطائرات .والسفن والصواريخ والقنابل كأسلحة وذلك وفقا لما ذكره موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي.
-
الذكاء الاصطناعي في الحروب: الآلة بين القاضي والجلاد
-
الإخوان وتوظيف الذكاء الاصطناعي في حملاتهم المفبركة: ما المستجد؟
ويؤكد التقرير أن الذكاء الاصطناعي والأنظمة ذاتية التشغيل وغيرها من التقنيات الحديثة تندمج في نمط من صنع الحرب مُتغير. وسريع الخطى لدرجة أن أي صانع قرار بشري لا يستطيع مواكبته.
ويقول التقرير إن الذكاء الاصطناعي وحده قادر على مراقبة البيئة العملياتية والتكتيكية. والتوجيه للمتغيرات الطارئة بينما يُكيّف الخصم تكتيكاته. وتحديد كيفية الاستجابة للظروف الجديدة، والتحرك سعيًا لتحقيق النصر.
ويضيف التقرير “نحن نتجه نحو حرب تُدار عن بُعد. وقد تصبح حقيقة واقعة بحلول عام 2050″ وبالنسبة لمؤلفيه فإن الأمر يتعلق بـ”متى” وليس “هل”.
-
ألمانيا تستخدم الذكاء الاصطناعي لدعم أوكرانيا: 4 آلاف مسيرة في الطريق
-
المغرب.. الأمن يتعقب بالذكاء الاصطناعي خلايا التطرف السيبرانية
ويتابع “سيتطلب النجاح في هذا النوع من الصراعات مزيجًا من أجهزة الاستشعار المتقدمة، ومصادر المعلومات الأخرى، والاتصالات الآمنة. وأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم عملية صنع القرار” كما يتطلب “سلاحًا جويًا وفضائيًا أمريكيًا مختلفًا تمامًا عما هو عليه اليوم”.
العامل البشري خارج المعادلة
بعبارة أخرى، قد ينخفض العامل البشري في الصراعات المسلحة. بشكل حاد وإذا اختفت خيارات البشر وشهواتهم، فستتغير طبيعة الحرب بالتأكيد.
لطالما كانت طبيعة الحرب في تغير حيث تتغير أساليب القتال بتغير الأزمنة والظروف والتكنولوجيا وذلك على النقيض مما كان الوضع عليه لآلاف السنين. حيث كانت الحكمة السائدة، أن طبيعة الحرب أبدية لا تتغير.
-
سباق التسلح الرقمي: كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في تعقيد نزع السلاح؟
-
المملكة المغربية تعزّز خططها للتصدي للحرائق بالذكاء الاصطناعي
والسؤال الآن ماذا يحدث عندما لا تعود الحرب إنسانية؟
للإجابة عليه، يجب أن نفكر من منظور كارل فون كلاوزفيتز. حكيم بروسيا العسكري الذي يرى الحرب مسعىً بشريًا بحتًا، ويرى الأنماط نفسها تتكرر.
وللتغلب على التعقيد والفوضى، يناشد كلاوزفيتز القادة والسياسيين التزام الهدوء والمضي قدمًا. والحفاظ على عقلانيتهم وسط صخب القتال بعيدا عن العواطف المظلمة كالكراهية والغضب والحقد التي تخيم على أي ساحة معركة.
لكن هذه الملاحظة قد تصبح غير ذات جدوى بحلول عام 2050 .لأن تسليم الحرب إلى الآلات وهي أدوات بلا عاطفة بطبيعتها سيُقلل من عنصر العاطفة البشرية في الحرب.
-
الذكاء الاصطناعي يجيب عن أسئلة الحرب والإعمار والإدارة في غزة
-
إسرائيل تستغل الذكاء الاصطناعي لاستهداف قادة حماس في غزة
ماذا عن القيادة العسكرية؟
يُصوِّر صن تزو، الكاتب العسكري الصيني القديم فضيلة القائد .كواحدة من خمسة عناصر أساسية فقط لأي مواجهة عسكرية، إلى جانب الطقس والتضاريس والقيادة والعقيدة.
وبالمثل يكتب كلاوزفيتز عن “العبقرية العسكرية”. ويرى أن القائد الأعلى الموهوب بـ”نظرة ثاقبة” تمكنه من التحديق عبر ضباب الحرب .وتمييز ما يجب فعله وسط الفوضى، و”الحماسة الداخلية” لحشد الجيش للقيام بذلك.
ومع اقترابنا من عام 2050، ربما تقل ضرورة هذه القيادة شيئًا فشيئًا. وستتباهى محركات الحرب التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بقدرة غير مسبوقة على جمع البيانات المتعلقة ببيئة العمليات وتقييمها وتسخيرها. مما يُزيل ضباب الحرب، جزئيًا على الأقل ولن يعرف المحاربون الآليون الشغف أو الروح المعنوية. مما يُغني عن الحاجة إلى قيادة مُلهمة.
وفي ختام التقرير، يتوقع المؤلفون المشاركون نهاية الموقع الجغرافي المحظوظ للولايات المتحدة. جزئيًا على الأقل لأن ظهور الذخائر الدقيقة بعيدة المدى يعني أن الضربات التقليدية على الوطن الأم شبه مؤكدة في أوقات الصراع.