سياسة

الرباط وباماكو تعززان التعاون الأمني في مواجهة التحديات الإقليمية


أفضى تنسيق بين الرباط وباماكو إلى الإفراج عن أربعة سائقي شاحنات مغربيين اختطفوا في أوائل العام الجاري، مما يسلط الضوء على تزايد التعاون المخابراتي بين البلدين اللذين يرتبطان بعلاقات تشهد زخما لافتا مع انخراط مالي في المبادرة الأطلسية التي أطلقتها الرباط بهدف تسهيل وصول دول الساحل الأفريقي إلى الممر الحيوي.

وتقيم هذه العملية الدليل على مستوى عالٍ من الثقة بين الأجهزة الأمنية المغربية والمالية، ما يشير إلى وجود قنوات اتصال فعالة ومباشرة، حتى في ظل الاضطرابات التي تشهدها مالي بسبب ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية.

ويعكس هذا النجاح قدرات المغرب الاستخباراتية العالية، ومساهمته بفعالية في حل الأزمات الأمنية المعقدة في المنطقة. ولطالما أكدت المملكة على أهمية المقاربة الشاملة لمكافحة الإرهاب، التي تتضمن التعاون الأمني.

ويساهم هذا التنسيق في تعزيز مكانة المغرب كشريك أمني موثوق به في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، وهو ما يتوافق مع استراتيجية المملكة لتمتين علاقاتها مع دول القارة وتقديم خبراتها لحكوماتها.

وبما أن المغرب لديه مصالح تجارية واقتصادية مهمة مع دول غرب إفريقيا، فإن تأمين طرق التجارة وحماية مواطنيه العاملين في هذا القطاع يمثل أولوية استراتيجية، فيما يخدم هذا التعاون الأمني هذه الأهداف بشكل مباشر.

وقال مصدر دبلوماسي إن الرجال وشاحناتهم الثلاث اختفوا في يناير/كانون الثاني أثناء عبورهم دون تأمين من بلدة دوري في بوركينا فاسو إلى مدينة تيرا في النيجر، وهي منطقة معروفة بتهديدات المتشددين.

وظهروا إلى جانب زعيم المجلس العسكري في مالي أسيمي غويتا في لقطات بثتها وسائل الإعلام الحكومية مساء الاثنين وذكرت أنهم أطلق سراحهم يوم الأحد.

وأرسلت باماكو خلال الآونة الأخيرة إشارات تؤكد رغبتها في الاستفادة من الخبرة التي راكمها المغرب في عدة مجالات، فيما توقعت بعض التحليلات أن تتوسط المملكة في إنهاء الصراع بين الجيش والانفصاليين الطوارق، لا سيما بعد أن ألغت مالي في نهاية العام 2023 اتفاق السلام الهش الذي رعته السلطات الجزائرية ولم يؤدي إلى تحقيق أي نتائج ملموسة.

وتتوجس الجزائر من تزايد النفوذ المغربي في الساحل الافريقي مقابل تراجع حضورها في المنطقة، لا سيما بعد أن فشلت في ترميم علاقاتها المتصدعة مع دولها. وتقاتل بوركينا فاسو والنيجر ومالي، التي تحكمها جميعا مجالس عسكرية، جماعات متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وتتسبب هذه الميليشيات في زعزعة استقرار منطقة الساحل في غرب أفريقيا منذ أكثر من عقد من الزمان.

وأوقفت الدول الثلاث التعاون الدفاعي مع فرنسا وقوات غربية أخرى واتجهت نحو روسيا للحصول على الدعم العسكري. وأعلنت هذه البلدان انسحابها العام الماضي من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، مما يزيد من خطر العزلة الدبلوماسية.

وفي الوقت نفسه، زاد تقارب المغرب مع الدول الحبيسة الثلاث. ففي أبريل/نيسان، صادق وزراء خارجية بوركينا فاسو والنيجر ومالي على مبادرة تتيح لهم الوصول إلى التجارة العالمية عبر موانئ المملكة على المحيط الأطلسي.

وتوسط المغرب في ديسمبر/كانون الأول للإفراج عن أربعة مواطنين فرنسيين ظلوا محتجزين في بوركينا فاسو لعام. وأفادت وسائل إعلام رسمية مالية بأن إطلاق سراح عن سائقي الشاحنات الأربعة يوم الأحد جاء نتيجة للتعاون بين أجهزة الأمن والمخابرات في باماكو والرباط.

ونجح المغرب في إقامة شراكات إستراتيجية مع الدول الأفريقية وعمل على بناء جسور التواصل مع حكوماتها وشعوبها كما يقوم بدور رائد في تعزيز الإسلام المعتدل، ويدعم تكوين الأئمة والمرشدين الدينيين الأفارقة، مما يسهم في مكافحة التطرف ويقوي الروابط الروحية.

وتساهم المملكة في جهود حل النزاعات وتحقيق الاستقرار في القارة، وتعمل كشريك فاعل في القضايا الإقليمية وملفات التنمية والعدالة الاجتماعية في إفريقيا، وتدعم أجندة القارة في المحافل الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى