“الرهائن”.. الورقة الرابحة للحوثي و”القاعدة” لمساومة الأمم المتحدة
لمساومة وابتزاز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وفرض مطالبها باتت الرهائن ورقة ضغط جديدة للتنظيمات الإرهابية كـ”القاعدة” و”الحوثي”.
وقد كشف تطور الجريمة مؤخرا الأهداف المشتركة لتنظيم “القاعدة” الإرهابي وقيادات الصف الأول لمليشيات الحوثي من خلف اختطاف موظفي الأمم المتحدة ضمن عمليات ممنهجة ومدروسة بعناية أيضا.
ولا تقتصر هذه الأهداف على تربح الإرهاب المالي من الفدية المليونية أو إطلاق سراح عناصر وقيادات في سجون القوات الأمنية، أو إخضاع الخصوم السياسيين والعسكريين وخلط الأوراق، لكنه يتعدى إلى خلق مساحة لتدخلات دولية تحت غطاء “الوساطة” والتي دائما تُنفذ لأغراض سياسية بحتة تؤثر في ملف البلد.
وهذا ما أكدته مصادر متطابقة أنه بهدف إطلاق سراح الموظفين الأمميين المختطفين لدى مجموعة إرهابية مسلحة تتخذهم كـ”رهائن” وتتحصن في إحدى بلدات مديرية “مودية” في محافظة أبين (جنوب).
ولعرقلة وساطة محلية لليوم الـ5، تحاول العناصر الإرهابية المناورة برفع تدريجي لـ”الفدية المالية” كانت تشارك في عملية التفاوض غير المباشر مع العناصر وقوات الحكومة المعترف بها دوليا التي تجنبت استخدام القوة حفاظا على سلام “المختطفين الرهائن” بمن فيهم مدير مكتب الأمم المتحدة للأمن والسلامة في عدن “آكم سوفيول”، الذي يحمل الجنسية البلغارية.
وكشفت المصادر عن تدخل إحدى الدول الإقليمية على خط “الوساطة”، بعيد تواصلها المباشر عبر قنوات محلية بالعناصر الإرهابية المسلحة، ما ساهم في تعثر وتباطؤ المفاوضات المحلية غير المباشرة التي كانت تجري بين العناصر والمسؤولين الحكوميين.
وأتى هذا بعيد اجتماع عقده وفد أممي رفيع، وفق المصادر كان مكلفا بشكل مباشر من الأمين العام للأمم المتحدة مع قيادات السلطة المحلية والعسكرية في أبين لتدارس تحرير “الرهائن” الأمميين المختطفين.
وأكدت الحكومة اليمنية وقوفها أمام جريمة “اختطاف مسلحين مجهولين” سيارة تابعة لفريق الأمن والسلامة في مكتب الأمم المتحدة، في محافظة أبين، مشيرة إلى أن “العمل جارٍ في تحرير المختطفين وضمان سلامتهم بشكل عاجل”.
أداة القاعدة في أبين
وتتزامن جريمة “الرهائن” الأممية مع عودة نشاط التنظيمات الإرهابية كتنظيم “القاعدة” الإرهابي في أبين، مستغلا سيطرة وانتشار قوات موالية للإخوان على العديد من المديريات في المحافظة الجنوبية.
ولا يختلف الأمس عن اليوم كثيرا، بشأن المطالب السياسية والأمنية للخاطفين المتطرفين، سواء أن الخاطفين الجدد للرهائن الأممية اشترطوا فدية مالية من ملايين الدولارات وإفساح طريق لدور إقليمي للتوسط، ما يهدد بتعقيد الجهود المحلية القبلية والحكومية.
كما أن لخيار الفدية المالية تداعيات ستكون كارثية وسوف تنعش مجددا اختطاف الأجانب أو حتى اليمنيين المخالفين سياسيا وأيديولوجيا للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة لأهداف عدة منها التربح المالي، وفق خبراء.
ويشير الباحث والناشط السياسي حيدر الكازمي، إلى أن “تداخل الوساطات بما فيه إحدى الدول الإقليمية ساهم بالفعل في تعقيد وتباطؤ المفاوضات غير المباشرة لإطلاق سراح المعتقلين”.
وأوضح الكازمي أن “هذا التداخل ساهم في رفع الخاطفين لسقف مطالبهم ويزيد أطماعهم”.
كما يعد نهجا جديدا في ابتزاز الأمم المتحدة من قبل عناصر إرهابية تسلك ذات خطى مليشيات الحوثي في اختطاف “الرهائن” ومنح فرصة لدول تجري في فلك إيران في لعب أدوار الوساطة، وفقا للباحث اليمني.
ولم يستبعد الكازمي التخادم بين مليشيات الحوثي والمجموعة المسلحة الإرهابية، لافتا إلى أن العناصر لن تستطيع التحصن طويلا في أوكارها، وأن الفدية المالية التي تطرحها تؤكد أنها مجرد أداة تحركت بغرض إرباك جهود الحكومة اليمنية في المناطق المحررة.
وثمن الباحث اليمني الجهود الحكومية التي تستهدف الحفاظ على سلامة المختطفين “الرهائن”، وتبذل مساعي لإطلاق سراحهم كانت محل إشادة الأمم المتحدة.
رهائن الحوثي
ويأتي اختطاف الموظفين الأممين في أبين عقب أقل من 4 شهور على اختطاف مليشيات الحوثي موظفين اثنين للأمم المتحدة في صنعاء واتخاذهم كـ”رهائن” لابتزاز المجتمع الدولي بطريقة تشبه الأسلوب الإيراني، عبر اعتقال الرهائن والمساومة السياسية.
ولم تكتف مليشيات الحوثي خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2021 باختطاف موظفي الأمم المتحدة، لكنها وصلت إلى اعتقال 3 موظفين آخرين في عدة منظمات دولية كـ”رهائن” واستهدف خلالها الانقلابيون إجبار هذه الوكالات الإنسانية على تنفيذ أهدافهم السياسية والعسكرية.
وطيلة 7 أعوام من عمر الانقلاب، اتخذ الحوثيون مئات المدنيين كـ”رهائن” بعد اعتقالهم وإخفائهم قسريا في جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاك خطير لقوانين الحرب.
وترجع أول عملية اختطاف للرهائن باليمن إلى عام 1992 عندما اختطف القيادي في الصف الأول للحوثيين “مبارك المشن” دبلوماسيا أجنبيا وحاول استغلاله كـ”رهينة” قبل أن تدخل الدولة في تحريره، وذلك تزامنا مع تشكيل النواة الأولى للمليشيات أو ما عرف بـ”تنظيم الشباب المؤمن”، وفقا لتقارير يمنية.
ويرى الناشط اليمني أحمد النظاري، أن الاختطافات و”الرهائن” سياسة أصيلة لدى مليشيات الحوثي، وبالتالي من المستحيل التعايش معها، فهي لا تؤمن بالعمل الإنساني وتعيش حالة صراع دائم.
وأضاف أن “الجماعات المتطرفة كالحوثي والقاعدة تغرس في نفوس أتباعها ثقافة المؤامرة، وهي تنظر لمنظمات المجتمع الدولي والمدني كعدو، وتقف اليوم خلف هذه المخاطر التي تهدد حياة العاملين في هذه الوكالات الإغاثية”.