سياسة

السودان.. من هي قوات الدعم السريع؟


نفق مظلم يقف السودان في منتصفه ولا يبدو أي ضوء في آخره منذ اتهامات وجهها الجيش السوداني لقوات الدعم السريع.

ومنذ فجر الخميس باتت قوات الدعم السريع نقطة اتهام واهتمام، بعد حديث القوات المسلحة عن انتشارها في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى دون تنسيق، فما قصة تلك القوات؟

من رحم أزمات ثمانينيات القرن الـ21 بالسودان. ولدت قوة عسكرية جديدة، حين سارع مئات الشباب في الانضمام إليها، متعهدة بحماية الدستور الأول لهذا البلد.

مرت السنوات، وتلك القوة تتأثر بكل ما يشهده السودان، إلى أن حل عام 2010 لتقر سلطات الخرطوم بـ”قوات الدعم السريع” تحت قيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ(حميدتي). ويتم تكليفها بمهام محددة بدارفور، في محطة ثانية فارقة بتاريخ تلك القوات.

منذ عام 2011، شاركت تلك القوات في حماية الحدود السودانية وحفظ النظام في البلاد، وكانت تتبع جهاز المخابرات قبل أن تنتقل تبعيتها إلى الجيش في يناير 2017.

ومع الإطاحة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير أبى (حميدتي) ومن معه التحول إلى خنجر مسموم في ظهر الثورة السودانية. بل قرر الوقوف كسد منيع أمام كل محاولات النيل من المحتجين والمعتصمين بمقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم.

والفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) يشغل في الوقت الحالي منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي.

وبحسب وكالة أنباء رويترز فإن محللين يقدرون عدد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد لهم قواعد وينتشرون في أنحاء السودان.

وبعد أدائها المهام المحددة التي كلفت بها في إقليم دارفور، في محطة فارقة بتاريخ تلك القوات، نمت “الدعم السريع” بمرور الوقت.

ومن بين المهام الرئيسية التي تولته قوات الدعم السريع دورها كحرس حدود على وجه الخصوص لتضييق الخناق على الهجرة غير النظامية.

مهام متصاعدة

بدءا من 2015، لعبت قوات الدعم السريع المنضوية ضمن الجيش السوداني دورا مهما في القوات السودانية المشاركة بالتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.

عقب ذلك بعامين، تم إقرار قانون يمنح قوات الدعم السريع صفة قوة أمن مستقلة، ثم في أبريل 2019، شاركت القوات في دعم الثورة السودانية التي أطاحت بعمر البشير.

وفي وقت لاحق من العام نفسه (2019)، وقع حميدتي اتفاقا سياسيا أصبح بموجبه نائبا لرئيس مجلس السيادة الانتقالي برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.

ومن المواقف التي يحسبها السودانيون لمحمد حمدان دقلو رفعه الحصانة عن بعض القوات للسماح بمحاكمتهم فيما وجه ضدهم بممارسة عنف قبلي.

خلافات 2023

في مطلع أبريل الجاري، عصفت خلافات حول بعض القضايا العالقة، بموعد توقيع الاتفاق النهائي بين القوى السياسية والجيش والدعم السريع في السودان.

وسبق أن تم تأجيل التوقيع على اتفاق سياسي نهائي بين القوى السياسية والجيش والدعم السريع، بسبب عدم وجود “توافق حول بعض القضايا العالقة”.

ويرتبط الخلاف في الأساس حول ملف “دمج قوات الدعم السريع” وجدوله الزمني. حيث تجرى المفاوضات برعاية الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، إيجاد).

وكان من المقرر توقيع اتفاق نهائي يؤدي إلى حكومة مدنية الشهر الماضي وبدء انتقال جديد نحو الانتخابات. إلا أن الخلافات ظهرت في مارس الماضي حول الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وهي خطوة تمت الدعوة إليها في الاتفاق الاطاري الذي تم توقيعه في ديسمبر الماضي.

ونص الاتفاق الإطاري على تأجيل النظر في بعض القضايا الحساسة. من بينها الإصلاح الأمني والعدالة الانتقالية، وإجراء المزيد من المناقشات حولها.

مصادر سياسية وعسكرية قالت في وقت سابق إن المحادثات في السودان التي تستهدف التوصل إلى اتفاق نهائي لتعيين حكومة مدنية. وبدء انتقال جديد نحو الانتخابات وصلت إلى طريق مسدود بشأن القضية الشائكة المتمثلة في إعادة هيكلة الجيش.

ودمج قوات الدعم السريع ووضع الجيش تحت سلطة مدنية كانا من المطالب الأساسية للاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير منذ أربع سنوات. فيما يعتبر محللون أن إصلاح قطاع الأمن حاسم في فرص السودان في التحول إلى الديمقراطية.

وسبق أن انسحب مندوبو الجيش والشرطة والمخابرات من المحادثات. احتجاجا على عدم وجود أي جدول زمني للاندماج.

وقالت المصادر إنه بينما يفضل الجيش السوداني جدولا زمنيا مدته عامان للاندماج. اقترح وسطاء دوليون خمس سنوات بينما اقترحت قوات الدعم السريع عشر سنوات.

ورغم ذلك، فإن القوتين (الجيش وقوات الدعم السريع) قالتا في تصريحات بثت سابقا إنهما ملتزمتان بالمحادثات وتنتظران نتائج لجنة فنية تناقش تفاصيل الاندماج.

وكان من المقرر التوقيع على إعلان دستوري أكثر رسمية في السادس من أبريل، مع حكومة مدنية من المقرر تسميتها في 11 أبريل ، إلا أن تأجيل الاتفاق، قد يرجئ تلك الخطط، بحسب مراقبين.

يذكر أن رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان. دعا خلال كلمة ألقاها في افتتاح المناقشات حول الإصلاح الأمني والعسكري. والتي نص عليها الاتفاق الاطاري الذي وقعه العسكريون مع المدنيين في ديسمبر الماضي، إلى التوقف عن مساندة الحكومات الديكتاتورية. كما سبق أن فعلت خلال العقود الأخيرة.

وضع الاتفاق مبادئ توجيهية لعملية انتقالية يقودها المدنيون. لكنه لم يتضمّن أي جداول زمنية، ما دفع منتقديه إلى وصفه بأنه “غامض”.

ويقول محلّلون إن إصلاحات قطاع الأمن، خصوصا دمج قوات الدعم السريع في الجيش، هي نقطة الخلاف الرئيسية بين البرهان ونائبه حميدتي. والذي يقود هذه القوات شبه العسكرية التي تشكلت في عام 2013 للقضاء على التمرّد في دارفور.

لكن الرجلين حضرا افتتاح تلك المناقشات مع دعوتهما إلى إتمام عملية الدمج. وقال دقلو إن “الإصلاح الأمني والعسكري مهمة ليست سهلة ونسير نحو إقامة جيش موحد (..) قبلنا الإصلاح الأمني والعسكري برضا ووعي بضرورة وجود جيش مهني موحد”.

وفيما قال دقلو إن قوات الدعم السريع لن تتخلى عن “خيار التحول الديمقراطي”. أكد البرهان سعيه إلى “بناء جيش مهني بعيدا عن السياسة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى