الشرع والإخوان: صراع الأيديولوجيات وهل العودة ممكنة؟
قال الكاتب الأردني هزاع البراري: قد تبدو الجوامع والقواسم التأسيسية والفكرية بين جماعة الإخوان المسلمين ومنظمة أحمد الشرع متعددة الأسماء وجوهرية، وكانت لفترة قريبة ذات نهج متطابق إلى حد بعيد فكرًا ونهجًا، غير أنّ حضوره الجهادي التكفيري الذي تمت عنونته بمرحلة “الجولاني” كانت السمة الأبرز حضورًا، منذ تنقله بين القاعدة وداعش ومن بعدها جبهة النصرة التي أسسها وتزعمها في سوريا، وصولًا إلى جبهة تحرير الشام، ومع سقوط دمشق المدوي غاب فجأة “الجولاني” لنجد أنفسنا أمام “أحمد الشرع” في انعطافة حادة وسريعة، ومحاولة مدروسة لإعادة الإنتاج، لكنّها تبقى كحال الوجبات سريعة الإعداد غير صحية على المدى المتوسط ومضرة على المدى البعيد، فقد بقيت المكونات ذاتها لكنّ طريقة الطهو تغيرت.
وأضاف البراري، في مقالة نشرها عبر موقع (عمون) المحلي، أنّ الإخوان المسلمين تلقوا نبأ سقوط نظام الأسد وتقدّم الشرع بأناقته الأوروبية و”برمجياته” التركية بارتياح وفرح كبير، وربما اعتبروا أنّ معركتهم الطويلة مع النظام السابق، التي امتدت لعقود طويلة، حسمت أخيرًا لصالحهم، وأنّ الرعاية التركية هي بشكل أو بآخر رعاية إخوانية، وأنّ الشام دانت لهم أخيرًا، لكنّ هذا الفرح بقي مغمّسًا بقلق تعقيدات المرحلة الزمنية، وفوضى عارمة في الإقليم، وتعدد مراكز القوى في سوريا، وتشابك وتصادم مصالح الحلفاء والفرقاء في سوريا أيضًا، ممّا يجعل من مساحة الفرح بالفوز ضئيلة وغير مضمونة العواقب، وهذا ما جعل فرحة “الإخوان” مشوبة بالقلق والحذر.
وتابع البراري: دشن الشرع مرحلته الجديدة بسلسلة من الإجراءات والتصريحات التي أصابت “الإخوان” بحالة من عدم اليقين، وربما عدم الراحة، فقد أعلن صراحة أنّ سوريا لن تدخل في صدام أو حرب مع إسرائيل، في الوقت الذي تقدمت فيه الدبابات الإسرائيلية إلى ما هو قريب من مشارف دمشق، كما أعلن توقف سوريا عن دعم واحتضان المقاومة، وكذلك الموقف المعادي تمامًا لإيران وحزب الله، وهذا موقف معاكس لموقف الإخوان من غزة وحزب الله وإيران.
وبيّن الكاتب الأردني أنّ الإخوان يشهدون حالة شبه انقلابية، إن لم تكن انقلابًا كامل الأركان، على فكرهم ونهجهم، بل من الواضح رغم بعض التلكؤ أنّ الشرع يسعى لدولة مدنية وليس لدولة دينية تقوم على أسس الشريعة الإسلامية، وهي إحدى أهم أهداف وأدبيات الجماعة المعلنة، وهذا ما زاد في قلق وريبة “الإخوان” الذين أحسوا لأيام قصيرة أنّ دمشق دانت لهم.
وتابع البراري: “استقبل الشرع في شهر آذار (مارس) الجاري وفدًا من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ علي القرة داغي، ولم ينشر عن هذه الزيارة المهمة الكثير، ولم يصدر بيان عن الرئاسة السورية، لكنّ الزيارة تأخذ أهميتها أيضًا من طبيعة العلاقة التاريخية بين سوريا وجماعة الإخوان المسلمين، وأعتقد أنّ توقيت الزيارة وطبيعتها شبه السرّية، إذ لم يرشح شيء عن طبيعة المحادثات التي جرت، كلها تؤكد على حالة الالتباس وعدم اليقين وعدم الارتياح المتوارية لدى “الإخوان” تجاه تحولات الشرع وانفتاحه على الأنظمة العربية والغربية، ونهجه البراغماتي السافر الذي لا يريح الجماعة.