الشعب الإسرائيلي ترفض تشبيه هجوم حماس بالمحرقة النازية
يرفض العديد من الإسرائيليين تشبيه عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس الشهر الماضي بالمحرقة النازية “الهولوكوست”، معتبرين أن أي مقارنة بينهما تنطوي على التقليل من هول الكارثة التاريخية، مؤكدين أن الظروف تختلف بما أن الدولة العبرية تمتلك حاليا جيشا وتخوض حربها للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية.
ويؤكد مدير النصب التذكاري للمحرقة داني ديان على التمييز بين هذه المأساة التي عاشها اليهود على أيدي النازيين وهجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول رغم الصدمة التي خلفها في نفوس الإسرائيليين.
وتثير المقارنة بين الحدثين نقاشا محتدما في الدولة العبرية، حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجوم حماس بأنه “أسوأ جريمة ترتكب ضد اليهود منذ المحرقة”.
لكن ديان يشدد على التمييز قائلا “لا أقبل المقارنة التبسيطية مع المحرقة رغم أن هناك تشابها في نوايا الإبادة وسادية وهمجية حماس“.
ويضيف الدبلوماسي السابق “الجرائم التي ارتكبت في السابع من الشهر الماضي من الدرجة نفسها لجرائم النازيين، لكنها ليست المحرقة”.
ويشير إلى الفرق بين دوافع الإبادة في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، التي خلفت ستة ملايين قتيل في أوروبا أساسا، وهجوم حماس الذي تسبّب بمقتل 1200 شخص في إسرائيل، بحسب السلطات الإسرائيلية.
ويوضح “قد يبدو التشابه بديهيا بالنسبة لأي يهودي سمع عن قصص عائلات تغلق أفواه الرضع كي لا يبكون، جميعنا فكر في الأمر”، متداركا “لكن لا يمكن أن نقارن مع الفترة التي وقعت فيها المحرقة، لأن هناك جيشا يقاتل ويجعل حماس تدفع ثمن جرائمها”، فمنذ هجوم حماس تشن إسرائيل قصفا مدمّرا على قطاع غزة أوقع 14128 قتيلا بينهم 5840 طفلا، وفق حكومة حماس.
كما بدأت عمليات برية واسعة داخل القطاع منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول وتفرض الدولة العبرية “حصارا مطبقا” على قطاع غزة الذي لا تصله إمدادات وقود ومواد غذائية ومياه.
وسبق لديان أن انتقد ظهور السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتّحدة جلعاد إردان بنجمة صفراء على صدره وتأكيده خلال اجتماع لمجلس الأمن أواخر الشهر الماضي أنه سيستمر في تعليقها “بكل فخر” طالما أنّ الأخير “لم يدِن” حماس.
وتحيل النجمة الصفراء على محرقة اليهود، إذ كانت ألمانيا النازية تجبرهم على تعليقها على ملابسهم قبل أن تقتادهم إلى معسكرات الإبادة، لكن ديان اعتبر أن إردان “يهين ضحايا المحرقة ودولة إسرائيل”، كما كتب على موقع إكس (تويتر سابقا).
وأضاف “ترمز النجمة الصفراء لعجز الشعب اليهودي وارتهانه للآخرين، بينما لدينا الآن دولة مستقلة وجيش قوي اليوم نعلق على ستراتنا علما أبيض وأزرق وليس نجمة صفراء”.
وفي تصريح آخر أكثر حدة انتقد ديان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بعدما أكد أن مجازر حماس “لم تحدث خارج أي سياق”، مشيرا إلى خضوع الشعب الفلسطيني على مدى 56 عاما للاحتلال الخانق.
وقال المسؤول الإسرائيلي “أي سياق يمكن أن يفسر تقطيع أطفال، اغتصاب أو إطلاق نار على شباب في مهرجان موسيقي؟”.
وخلف هجوم حماس ضحايا من أسرة المتحف أيضا، إذ انقطعت أخبار كل من الكس دانسيغ وهو اسرائيلي بولندي يعمل مدربا فيه وليات اتزيلي التي تعمل مرشدة. وهما محتزجان ضمن الرهائن الإسرائيليين في غزة.
ومنذ اندلاع الحرب ألغيت دورات التدريب على تدريس المحرقة، في النصب الذي أقيم العام 1953، لإحياء ذكراها.
كما تحولت بعض قاعاته الشاغرة إلى حجرات دراسية لنحو 400 تلميذ تم إجلاؤهم من جنوب إسرائيل وذلك بعدما تمت “أقلمة” المكان مع خصوصيات هؤلاء الأطفال، إذ نزعت من جدرانه الصور التي تحيل على المحرقة “كي لا نفاقم صدمتهم”، وفق قول ديان.
بدوره يرفض شلومو بلسام، الذي يعمل مدربا في المتحف، المقارنة بين المحرقة وهجوم حماس ولو أنه يعتقد أن “هناك روابط بين الايديولوجيا النازية وايديولوجيا الإسلامويين” ورغم أن “ناجين يقولون إن الهجوم يذكرهم بفترة المحرقة، خصوصا إخفاء الأطفال” خلال المجازر التي ارتكبتها حماس.
وبلسام هو الرئيس الشرفي للجمعية الإسرائيلية للأطفال المخفيين في فرنسا أثناء المحرقة، الذين صار الأحياء منهم اليوم متقدمين في السن.
وقد اجتمع بعضهم في جلسة للبوح في المتحف التابع للدولة. وتحدث عدد منهم عن ذكرياته عن الحرب، فيما عبر آخرون عن مخاوفهم على مصير الرهائن الإسرائيليين أو أحفادهم الجنود المقاتلين في غزة.
وتقول مئيرا برستاين – برير الناجية من المحرقة “الأطفال المحتجزون في غزة وحيدون مثلنا، تماما كما كنا وحيدين خلال الحرب” العالمية الثانية.
أما برت بادهي (91 عاما) فتقول “الخوف الذي كان ينتابني في تلك الفترة قد عاد”. وكانت اختبأت في جنوب شرق فرنسا لدى إحدى المزارعات ونجحت في النجاة من المحرقة في الحرب العالمية الثانية، مضيفة بحزم “لكننا سنخرج منتصرين”.