الصدر يحسم قراره.. الفساد السياسي يدفعه إلى مقاطعة الانتخابات
أعلن زعيم التيار الوطني الشيعي “التيار الصدري” مقتدى الصدر عن عدم مشاركته في الانتخابات المقبلة، بسبب وجود “الفساد والفاسدين”، فيما بين أن العراق “يعيش أنفاسه الأخيرة”، وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الداخلية والخارجية ووجود قوى متنفذة تعرقل أي مساع للتغيير والإصلاح التي حاول الصدر الدفع بها.
-
مقتدى الصدر يشعل تفاعلا بتحريف آيات القرآن
-
هل يعيد مقتدى الصدر ترتيب أوراقه في العراق بعد اعتزال الناس؟
وقال الصدر، ردا على سؤال وجه له من أحد أنصاره حول المشاركة بالانتخابات النيابية العراقية المقبلة، إن “ليكن في علم الجميع، ما دام الفساد موجودا فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء، لا هم لها إلا المصالح الطائفية والحزبية بعيدة كل البعد عن معاناة الشعب، وعما يدور في المنطقة من كوارث كان سببها الرئيس هو زج العراق وشعبه في محارق لا ناقة له بها ولا جمل”.
وتواجه محاولات الصدر معالجة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية صعوبات كبيرة، حيث تتصاعد محاولات القوى السياسية الكبرى لتعطيل هذه الإصلاحات خوفا من تهديد مصالحها.
محاولات القوى السياسية الكبرى تتصاعد لتعطيل الإصلاحات التي يعمل عليها الصدر خوفا من تهديد مصالحها.
ويمر العراق حاليا بمرحلة حساسة تتشابك فيها الأوضاع الداخلية مع المتغيرات الإقليمية، خاصة بعد تصاعد التوترات في سوريا ولبنان، واستمرار الضغوط الأميركية على الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران. ما فرض تحديات كبرى على البيت السياسي الشيعي، الذي يواجه خطر الانقسام في ظل تصاعد الاستهدافات والتدخلات الخارجية.
وكان الصدر حازما في موقفه بالطلب من أنصاره مقاطعة الانتخابات وقال “إنني ما زلت أعول على طاعة القواعد الشعبية لمحبين الصدرين في التيار الوطني الشيعي، ولذا فإني كما أمرتهم بالتصويت فاليوم أنهاهم أجمع من التصويت والترشيح ففيه إعانة على الإثم .. وسنبقى محبين للعراق ونفديه بالأرواح ولا نقصر في ذلك على الإطلاق”.
وأضاف “فأي فائدة ترجى من مشاركة الفاسدين والبعثيين والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة، بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله”.
-
رئيس الوزراء العراقي الأسبق: ‘التنسيقي’ طلب ابادة الصدريين بالطائرات
-
مقتدى الصدر يضع اللمسات الأخيرة على عودته للساحة السياسية
ومنذ أشهر سرت توقعات بعودة الصدر إلى العملية السياسية، عبر المشاركة في الانتخابات، خاصة بعد دعوته جماهيره إلى تحديث بياناتهم الانتخابية. وبعثت العديد من الكتل السياسية ممثلين عنها للنجف في محاولة لجس موقف زعيم التيار الوطني الشيعي من المشاركة بالانتخابات البرلمانية المقبلة من عدمها.
وقال مجاشع التميمي الباحث في الشأن السياسي المقرب من التيار الوطني الشيعي، “الأغلب يتفق على أن الصدر يتمتع بذكاء سياسي يجعله يقيم بعناية توقيت وأسلوب مشاركته في العملية السياسية، خاصة في ظل الظروف الحالية المعقدة، فقد كان الصدر يعلم أن المنطقة ذاهبة نحو التصعيد، وحاول استباق الأوضاع وإجراء الإصلاحات، لكن قوى داخلية وإقليمية حالت دون ذلك”.
وأضاف أن “الضغوط المتزايدة على حكومة محمد شياع السوداني بسبب وجود الفصائل المسلحة، والضغط الأميركي الناتج عن الصراع مع إيران. إضافة إلى هشاشة الأوضاع على المستوى الوطني، قد تدفع الصدر إلى الابتعاد المؤقت عن المشهد السياسي. وهذا يمنحه فرصة للحفاظ على شعبيته وتجنب التورط في تداعيات هذه الضغوط التي لم يكن طرفا في حدوثها”.
-
“مقتدى الصدر يمنع الاستعراضات العشوائية لسرايا السلام خوفاً من الاندساس”
-
الصدر ينتقد قمع احتجاجات الجامعات الأميركية
وقبل أيام قليلة، وجّه التيار الصدري، جناحه العسكري “سرايا السلام”. بعدم استخدام السلاح داخل البلاد وخارجها.
وجاء في بيانٍ للمعاون الجهادي لسرايا السلام، تحسين الحميداوي، بأنه تلقّى تعليمات من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بـ”ترك التصريحات الطائفية. فمآل ذلك لا يُحمد عقباه ومضر بالعراق وشعبه”. ومن ضمن تعليمات الصدر، “يُمنع منعاً باتاً استعمال السلاح وإشهاره داخل العراق وخارجه. فمصير الوطن والشعب لا يحدده فرد أو مجموعة”. وأضاف أنه في حال تعرض العراق لهجومٍ خارجي “فعليكم بالرجوع إلى حوزتكم ومراجعكم والحكماء منكم وعدم الرجوع إلى الفاسدين والظالمين”.
وأوضح التميمي “الصدر كان قد حذر مسبقا من انتشار السلاح خارج إطار القانون. ومن استشراء الفساد وسوء الإدارة، والتدخل الخارجي، وغياب العدالة والشفافية”. مؤكدا أن “المرحلة المقبلة تتطلب قرارات إصلاحية تتعارض مع المصالح الحزبية والسياسية للقوى المتنفذة. كما أنها لن تلقى ترحيبا من القوى الإقليمية الفاعلة في العراق. لا توجد ضمانات حقيقية لوقوف القوى السياسية إلى جانب مشروع الصدر الإصلاحي”.
واعتبر أن إصلاح الأوضاع في العراق ليس مستحيلا، لكنه يحتاج إلى إرادة داخلية للبدء به. ومع ذلك، فإن أغلب القوى السياسية غير راغبة في الإصلاح. ولذلك ربما توصل الصدر إلى قناعة بأن المشاركة في الحكومة المقبلة لن تمنحه الفرصة الحقيقية لتحقيق برنامجه السياسي للعراق. لهذا لا أستغرب استمراره في العزلة عن العمل السياسي”.
وقرر الصدر في حزيران/يونيو 2022 الانسحاب من العملية السياسية في العراق. وعدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة “الفاسدين”. بعد دعوته لاستقالة جميع نوابه في البرلمان والبالغ عددهم 73 نائباً.
ويستعد العراق لإجراء انتخابات تشريعية في أكتوبر/تشرين الأول 2025. وتتزامن الاستعدادات مع الجدل المستمر بشأن القانون الذي ستجرى وفقه الانتخابات. إلى جانب اتساع عدد مقاعد مجلس النواب لتناسب الزيادة التي أظهرتها نتائج التعداد السكاني في البلاد.
وتمر القوى السياسية الشيعية، بأزمات عديدة نتيجة للصراعات والخلافات في وجهات النظر بشأن الانتخابات المقبلة. وعدم الوصول إلى رأي موحد بشأن تعديل قانون الانتخابات لغاية الآن.
وبينما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. أن قرابة 30 مليون شخص يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة. صرحت بأنها ستجري الانتخابات وفقاً لقانون الانتخابات الحالي، الذي يحدد 329 مقعداً في مجلس النواب، دون تغيير في عدد المقاعد بناءً على التعداد السكاني الأخير.