الصدر يستثمر “أزمة حرق المصحف”.. لماذا؟
دفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأنصاره إلى الشارع مجددا. مستعرضا قدرته على التحشيد. إذ تظاهر المئات منهم بعد صلاة الجمعة للتنديد بحادثة الاعتداء على القرآن في السويد. التي أثارت أزمة دبلوماسية بين بغداد وستوكهولم ودفعت بمحتجيين إلى حرق السفارة السويدية في العراق.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستثمر فيها الصدر واقعة الاعتداء على المصحف لتوجيه رسالة إلى خصومه من الإطار التنسيقي مفادها أنه لا يزال يتمتع بقدرة على التأثير.
ويستعرض زعيم التيار الصدري الذي يستعد للعودة إلى المشهد السياسي من بوابة انتخابات مجالس المحافظات، إمكانياته في تحريك الشارع لخدمة أجندته السياسية والضغط على الحكومة.
وكشف قيادي بارز في التيار الصدري الشهر الماضي عن اعتزام الصدريين المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها نهاية العام 2023. ما يمهّد الطريق لعودة الصدريين إلى الحياة السياسية بعد انسحاب زعيمهم العام الماضي في أعقاب مواجهات دامية مع قوى الإطار التنسيقي المكوّن من أحزاب شيعية موالية لإيران.
وحذرت قوى شيعية “معتدلة” مؤخرا من مخاطر الانجرار إلى اقتتال داخلي إثر اتهامات التيار الصدري لحزب الدعوة الذي يقوده نوري المالكي بالإساءة إلى المرجع الشيعي العراقي محمد صادق الصدر والد رئيس التيار
وتضمنت الحملات اتهامات للمرجع الصدر بالعلاقة بحزب البعث والنظام العراقي السابق. فيما طالب زعيم التيار الصدري مجلس النواب بالعمل على تشريع قانون يجرِّم سب الرموز الدينية.
وتعرضت مقرات ومكاتب تابعة لحزب الدعوة وعدد من الأحزاب والقوى الشيعية الأخرى من بينها “أهل الحق” وحركة أنصار الله الأوفياء” في بغداد ومحافظات وسط وجنوبي العراق، لعمليات حرق وإغلاق.
وأرجع القيادي المقرب من رئيس التيار الصدري صالح العراقي هذه الهجمات إلى “الحالة العاطفية العفوية لأتباع التيار في إطار سعيهم لإيقاف التعدي على العلماء”.
وتزامنت هذه التطورات مع مرور عام على تسريب تسجيلات صوتية منسوبة للمالكي، هدد فيها رئيس التيار بضربه في معقله في حي الحنّانة بمدينة النجف ووعد القضاء العراقي آنذاك بالتحقيق في صحة التسجيلات دون أن يصدر عنه أي قرار أو إجراءات.
وفي ذروة أزمة التسجيلات المسربة العام الماضي أشار الصدر إلى أنه ساهم في عديد المناسبات في “حقن دماء العراقيين بمن فيهم دم المالكي نفسه”. في إشارة إلى صدام سابق عام 2008 بين القوات الأمنية التي كان يقودها المالكي وجيش المهدي الجناح العسكري للتيار الصدري والذي أعلن الصدر حلّه بعد أسابيع من الاشتباكات في البصرة.
واحتمى المتظاهرون اليوم الجمعة من أشعة الشمس بمظلّات مفترشين سجادات الصلاة في ساحة واسعة في حيّ مدينة الصدر الفقير في بغداد. هاتفين “نعم نعم للاسلام، نعم نعم للقرآن”.
وبعد تأدية الصلاة رفع المئات وغالبيتهم من الرجال نسخاً من المصحف وصوراً لمقتدى الصدر. هاتفين من جديد “نعم نعم للقرآن” و”نعم نعم للعراق”، وهم يلوحون بالأعلام العراقية.
وحرق محتجون علم المثليين وهو فعل يرى فيه مقتدى الصدر تحدياً واضحاً للغرب وتنديداً بـ”ازدواجية المعايير” المتعلقة بحرية التعبير. واقتحم مناصرو الصدر مرتين السفارة السويدية، فيما قاموا بحرقها فجر 20 يوليو.
وقال عامر شمال الموظف في بلدية مدينة الصدر المشارك في التظاهرة إنه “من خلال هذه التظاهرة نريد أن نوصل صوتنا للأمم المتحدة. ونطلب تجريم أي شخص يحاول الإساءة إلى الكتب السماوية، سواء كانت تابعة للمسلمين والمسيحيين أو اليهود، كلها كتب مقدسة”.
وكان مقتدى الصدر قد صرّح الخميس بأنه “لم يشأ التصعيد ضد السويد حتى لا يؤخذ الأمر بشكل شخصي”، وفق وكالة “شفق نيوز” الكردية.
ودعا زعيم التيار الصدري الجامعة العربية إلى الاجتماع في العراق أو خارجه من أجل نصرة الإسلام، مطالبا السعودية وإيران والشعوب الإسلامية بـ”موقف” إزاء الإساءة للمصحف، فيما حثّ دول العالم على سن قانون يجرّم حرق القرآن ويصنفه “جريمة إرهابية”.
ومنذ يناير/كانون الثاني جرى حرق المصحف أو صفحات منه مرتين في السويد، الثانية في يونيو على يد اللاجئ العراقي في السويد سلوان موميكا، ما أثار غضبا في العالم الإسلامي. وفي يناير قام المتطرف اليميني السويدي الدنماركي راسموس بالودان بالفعل نفسه قرب السفارة التركية.
ووسط حماية الشرطة السويدية، قام موميكا الخميس بدوس المصحف مراراً أمام مقر السفارة العراقية في ستوكهولم، لكنّه غادر المكان من دون أن يحرق صفحات منه كما سبق أن فعل، فيما احتشد أمامه جمع من الناس للاحتجاج على فعلته.