سياسة

الصومال: اشتباكات مسلحة بين الجيش وجماعة صوفية


تشهد ولاية غلمدغ الصومالية توترات أمنية بين جماعة دينية صوفية تسمى “أهل السنة والجماعة”، والقوات الحكومية بالتعاون مع القوات المحلية.

ووقعت اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومة وعناصر الجماعة، الخميس، في منطقة بوهل الواقعة على بعد 35 شمال مدينة طوسمريب عاصمة ولاية غلمدغ “وسط”، أسفرت عن مقتل 10 على الأقل وإصابة اكثر من 20 من الطرفين، بحسب مصادر طبية وإعلامية.

وأعلن مسلحو الجماعة الدينية، السيطرة على ثلاث مركبات عسكرية وعتاد آخر خلال الاشتباكات، وأحكموا سيطرتهم على منطقة بوهل بعد انسحاب القوات الحكومية.

ووصلت العناصر التابعة لـ”أهل السنة والجماعة” زحفها إلى مناطق أخرى، حيث سيطرت الجمعة على مدينة عريعيل الاستراتيجية في محافظة غلغدوذ دون قتال بعد استسلام بعض قوات الأمن، وفرار الآخرين من المدينة.

وأصدرت العناصر التي سيطرت غوريعيل الليلة الماضية، أوامر صارمة بمنع هبوط أي طائرة تحمل أسلحة أو قوات حكومية، كما أعلنت سيطرتها أيضا على بلدة متبان الواقعة في غلغدوذ.

وأصدر المجلس الأعلى لأهل السنة والجماعة بيان رسميا عن التطورات الأمنية، قال فيه إن الجماعة “لا تخطط لشن هجوم على ولاية غلمدغ، أو عرقلة الانتخابات التشريعية الجارية، وترى حركة الشباب الإرهابية العدو الوحيد لها، ولا تريد إراقة الدماء”.

واتهمت “أهل السنة والجماعة” في البيان، كل من رئيس ولاية غلمدغ أحمد عبدي كاريه قور، والمستشار الأمني للرئاسة الصومالية، فهد ياسين، بالهجوم على عناصرها وحذرت من مغبة ذلك.

وفي غضون ذلك، أرسلت الحكومة الصومالية قوات من الشرطة العسكرية الخاصة، مساء الجمعة، لضبط الأوضاع الأمنية في غلمدغ، وتعزيز العمليات ضد مسلحي “أهل السنة والجماعة”.

من جهته، وصل أحمد عبدي كاريه “قورقور”، رئيس ولاية غلمدغ، عاصمة الولاية طوسمريب، حيث كان متواجدا خلال الأسابيع الماضية في مقديشو لحل الخلافات السياسية بين الرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلى، لكن الجهود باءت بالفشل.

وفي بيان صحفي، السبت، أدان رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلى بشدة أعمال العنف الجارية في ولاية غلمدغ.

وقال روبلي “في غلمدغ، كيان يتمتع بشرعية كاملة (حكومة الولاية)، وهو مسؤول عن أمن منطقة غلمدغ، لذا يجب تجنب أي عمل يبدو أنه يعطل سير العمل الحكومي”.

وأضاف “يجب على أي شخص لديه احتجاج أن يسعى إلى حل سلمي، ويجب وقف التعبئة المسلحة والهجمات الخارجة عن القانون التي تهدد الاستقرار والنظام”.

وأوضح رئيس الوزراء في البيان “يقع على عاتق قيادة غلمدغ،  مسؤولية الحفاظ على السلام والنظام والوحدة بين سكان الولاية، وحل ما يجري بأسرع وقت ممكن “.

ودعا رئيس الوزراء، جميع سكان غلمدغ إلى العمل معًا من أجل إحلال السلام والاستقرار في الولاية.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب عودة قيادة أهل السنة والجماعة، المتمثلة في كل من معلم محمود معلم حسن، القائد العام للجماعة ونائبه شيخ شاكر علي حسن إلى مناطق غلمدغ في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد خروجهم من الولاية في فبراير /شباط عام 2020 بعد انتخابات قورقور رئيسا للولاية الذي كان يحظى بدعم سخي من الحكومة الفيدرالية.

وقبل خروج قيادة أهل السنة والجماعة من ولاية غلمدغ في فبراير/ شباط 2020، أبرمت اتفاقا مع الولاية والحكومة الفيدرالية أسفر عن ضم عناصرها للجيش الوطني، ومنحها 20 نائبا في البرلمان المحلي للولاية إضافة إلى تسوية مالية كبيرة تقدرها تقارير صحفية بنحو 5 مليون دولار من أجل بناء إدارة جديدة موحدة بغلمدغ.

وفي البداية، فسرت قيادة جماعة أهل السنة والجماعة عودتها إلى الولاية بأنها زيارة روتينية لضريح أحد أبرز علماء الجماعة الصوفية وسط البلاد.

لكن خلال فعاليات الزيارة، بدأت الجماعة إعادة جمع وتسليح عناصر موالية لها وأعلنت الحرب ضد حركة الشباب الإرهابية خارج النظام الحكومي القائم.

ويرى مراقبون أن إعلان الحرب هو غطاء لاستعادة الجماعة قوتها العسكرية وتأثيرها السياسي لدخول مفاوضات سياسية مع الولاية تحت سياسة أمر الواقع والسلاح.

وأهل السنة والجماعة جماعة دينية صوفية تأسست عسكريا منذ 2007 وقاتلت حركة الشباب الإرهابية في ولاية غلمدغ بعد إقدام الأخيرة على الهجوم على طقوس الجماعة التي تملك ثقلا كبيرا هناك، وأحرزت انتصارات ميدانية كبيرة بشكل مفاجئ على الشباب الإرهابية .

وتحولت الجماعة إلى قوة سياسية وعسكرية هيمنت على الإقليم من 2007 وحتى 2020 رافضة المشاركة السياسية في نظام موحد لسكان غلمدغ .

لكن بعد جولات من المفاوضات السياسية الشاقة والتسوية، تخلصت الحكومة الفيدرالية بشكل ديناميكي من الجماعة عبر دمج عناصرهم في الجيش .

لكن الجماعة تحاول الآن إعادة التموضع والهيكلة من أجل استعادة التأثير السياسي والعسكري لها عبر استثمار ورقة الحرب على حركة الشباب بزعم فشل القوات الحكومة القضاء في القضاء على الإرهابيين. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى