العاهل المغربي يشيد بالمشاركة الواسعة في الانتخابات
شاد العاهل المغربي، الملك محمد السادس بالمشاركة الواسعة في الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية الأخيرة التي شهدتها البلاد.
ووجه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، والأمير مولاي رشيد، الجمعة، خطابا إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح البرلمان.
وبسبب الإجراءات الاحترازية لجائحة كورونا، ألقى الملك خطابه عن بعد عبر تقنية الفيديو، فيما اقتصر الحضور داخل البرلمان على تمثيل رمزي لأعضاء البرلمان الجديد.
انتصار للخيار الديمقراطي
ونوه الملك، بالتنظيم الجيد، والأجواء الإيجابية، التي مرت فيها الانتخابات الأخيرة، وبالمشاركة الواسعة التي شهدتها، خاصة في أقاليم الصحراء المغربية.
ولفت الملك إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات الأخيرة والتي تجاوزت عتبة الـ50%، خاصة في الصحراء المغربية.
وأوضح أن “هذه الانتخابات كرست الخيار الديمقراطي في البلاد”، موضحاً أن “الأهم ليس فوز هذا الحزب أو ذاك، لأن الأحزاب سواسية لدينا”.
مصالح عليا
وفي هذا الصدد، أكد العاهل المغربي على ثلاثة أبعاد رئيسية، على رأسها تعزيز مكانة المغرب، والدفاع عن مصالحه العليا، لاسيما في هذه الظروف المشحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات.
وشدد على أن “هذه المرحلة تقتضي تضافر الجهود لتجاوز التحديات، لأجل تعزيز مكانة المغرب والدفاع عن مصالحه العليا خاصة في هذه الظروف المشحونة بالتحديات والمخاطر والتهديدات”.
وأشار إلى أن “المملكة تمكنت من تدبير حاجياتها اليومية بالمواد الأساسية خلال كورونا”.
ولفت إلى أنه إذا كان المغرب قد تمكن من تدبير حاجياته، وتزويد الأسواق بالمواد الأساسية، بكميات كافية، وبطريقة عادية، فإن العديد من الدول سجلت اختلالات كبيرة، في توفير هذه المواد وتوزيعها.
وشدد على ضرورة “إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما المواد الغذائية والصحية والطاقة، والعمل على التوفير المستمر للاحتياجات الوطنية ، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد”.
مواصلة للإنعاش
وبشأن البعد الثاني، المتعلق بـ”تدبير الأزمة الوبائية، ومواصلة إنعاش الاقتصاد”، عبر الملك عن ارتياحه لما تم تحقيقه من مكاسب، في حماية صحة المواطنين، وتقديم الدعم للقطاعات والفئات المتضررة.
ولفت إلى أن المملكة قامت بواجبها، في توفير اللقاح بالمجان، الذي كلفها مليارات الدراهم، وكل الاحتياجات الضرورية، للتخفيف على المواطنين من صعوبة هذه المرحلة.
في المقابل، قال إنه لا يمكن أن تتحمل البلاد المسؤولية مكان المواطنين، في حماية أنفسهم وأسرهم، بالتلقيح واستعمال وسائل الوقاية، واحترام التدابير التي اتخذتها السلطات.
ومن جهة أخرى، أشار إلى أن الاقتصاد يشهد انتعاشا ملموسا، رغم الآثار غير المسبوقة لهذه الأزمة، وتراجع الاقتصاد العالمي عموما.
وأضاف: “بفضل التدابير التي أطلقناها، من المنتظر أن يحقق المغرب، نسبة نمو تفوق 5.5% في 2021. وهي نسبة لم تتحقق منذ سنوات، وتعد من بين الأعلى، على الصعيدين الجهوي والقاري”.
وتابع: “ومن المتوقع أن يسجل القطاع الزراعي، خلال هذه السنة، نموا متميزا يفوق 17%، بفضل المجهودات المبذولة لتحديث القطاع، والنتائج الجيدة للموسم الزراعي”.
وكشف أن “الصادرات قد حققت ارتفاعا ملحوظا، في عدد من القطاعات، كصناعة السيارات، والنسيج، والصناعات الإلكترونية والكهربائية”.
ولفت إلى أنه “رغم تداعيات هذه الأزمة، تتواصل الثقة في المغرب، وفي دينامية اقتصاده؛ كما يدل على ذلك ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بما يقارب 16%؛ وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، بحوالي 46%، حتى شهر أغطسط/آب الماضي.
وقد ساهمت هذه التطورات، بحسب الملك، في تمكين المغرب من التوفر على احتياطات مريحة، من العملة الصعبة، تمثل 7 أشهر من الواردات.
ورغم الصعوبات والتقلبات، التي تعرفها الأسواق العالمية، قال الملك إنه “قد تم التحكم في نسبة التضخم، في حدود 1%، بعيدا عن النسب المرتفعة لعدد من اقتصادات المنطقة”.
وأكد أنها كلها مؤشرات تبعث، على التفاؤل والأمل، وعلى تعزيز الثقة، عند الأهالي والأسر، وتقوية روح المبادرة لدى الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين.
ووعد بأن تواصل البلاد هذا المجهود الوطني، لا سيما من خلال الاستثمار العام، ودعم وتحفيز المقاولات.
وقال الملك إنه “في هذا السياق الإيجابي، ينبغي أن نبقى واقعيين، ونواصل العمل، بكل مسؤولية، وبروح الوطنية العالية، بعيدا عن التشاؤم، وبعض الخطابات السلبية”.
نموذج تنموي
أما البعد الثالث، يقول الملك، فيتعلق بالتنفيذ الفعلي للنموذج التنموي، وإطلاق مجموعة متكاملة، من المشاريع والإصلاحات من الجيل الجديد.
وعبر عن تطلعه إلى أن تشكل هذه الولاية التشريعية، منطلقا لهذا المسار الإرادي والطموح، الذي يجسد الذكاء الجماعي للمغاربة.
وذكر بأن النموذج التنموي ليس مخططا للتنمية، بمفهومه التقليدي الجامد، وإنما هو إطار عام، مفتوح للعمل، يضع ضوابط جديدة، ويفتح آفاقا واسعة أمام الجميع.
موضحاً أن “الميثاق الوطني من أجل التنمية”، يشكل آلية هامة لتنفيذ هذا النموذج؛ باعتباره التزاما وطنيا أمامنا، وأمام المغاربة.
وزاد أن النموذج التنموي يفتح آفاقا واسعة، أمام عمل الحكومة والبرلمان، بكل مكوناته.
في المقابل، أكد أن الحكومة الجديدة مسؤولة على وضع الأولويات والمشاريع، خلال ولايتها، واتخاذ الوسائل الضرورية لتمويلها، في إطار تنفيذ هذا النموذج.
وطالب الحكومة بـ”استكمال المشاريع الكبرى، التي تم إطلاقها، وفي مقدمتها تعميم الحماية الاجتماعية، التي تحظى برعايته الشخصية”.
وفي هذا الإطار، “يبقى التحدي الرئيسي، هو القيام بتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية، طبقا لأفضل المعايير، وفي تكامل بين القطاعين العام والخاص”، يضيف العاهل المغربي.
وأوضح أن “نفس المنطق، الذي ينبغي تطبيقه، في تنفيذ إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، والإصلاح الضريبي، وتعزيزه في أسرع وقت، بميثاق جديد ومحفز للاستثمار”.
وبموازاة ذلك، شدد على ضرورة الحرص على المزيد من التناسق والتكامل والانسجام، بين السياسات العامة، ومتابعة تنفيذها.
مرحلة واعدة
ولفت الملك محمد السادس، إلى أن “بداية هذه الولاية التشريعية، تأتي في مرحلة واعدة، بالنسبة لتقدم المغرب”.
ووجه الملك خطابه للحكومة والبرلمان، مؤكدا أنهم “مسؤولون مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية، على نجاح هذه المرحلة، من خلال التحلي بروح المبادرة، والالتزام المسؤول”.
وقال: “فكونوا رعاكم الله، في مستوى هذه المسؤولية الوطنية الجسيمة، لأن تمثيل المواطنين، وتدبير الشأن العام، المحلي والجهوي والوطني، هو أمانة في أعناقنا جميعا”.