إيران

العراق يندد أمام مجلس الأمن باختراق أجوائه في الهجمات ضد إيران


قدّم العراق اليوم الجمعة رفع شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل اتهمها فيها باستخدام أجوائه في ضرب إيران فيما وصفه بأنه “تجاوز لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”، بينما يأتي هذا التحرك في سياق تواجه فيه بغداد تحديات أمنية وسياسية داخلية وإقليمية.

ويعكس هذا الإجراء قلقا عراقيا من تحول أجواء وأراضي البلاد إلى ساحة لتصفية الحسابات بين إسرائيل وإيران، وهو ما قد يزعزع الاستقرار الهش.

وأدانت وزارة الخارجية العراقية في بيان “قيام الكيان الإسرائيلي بخرق الأجواء العراقية واستخدامها في تنفيذ اعتداءات عسكرية في المنطقة”، مطالبة “مجلس الأمن باستخدام صلاحياته لردع الكيان الإسرائيلي ومنعه من تكرار مثل هذه الانتهاكات”.

وقالت مصادر أمنية لفرانس برس إن ثلاثة صواريخ وقعت منذ الفجر في العراق، أحدها في محافظة ديالى (وسط) لم ينفجر، فيما تسبب الاثنان الآخران في محافظة ذي قار (جنوب) بحفرة عمقها أربعة أمتار.

وأكدت بغداد مرارا على التزامها النأي بنفسها عن أي صراعات إقليمية، داعية إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لحل النزاعات بالحوار والتفاهم المتبادل.

ولطالما اتسمت العلاقات بين العراق وإسرائيل بالعداء الشديد، حيث لا يوجد اعتراف دبلوماسي بين الدولتين، وتعتبر بغداد نفسها من الناحية الفنية في حالة حرب مستمرة مع الدولة العبرية، منذ عام 1948، لا سيما وأن الموقف الرسمي العراقي يدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة حقًا أساسيًا.

وترى إسرائيل أن الوجود الإيراني والنفوذ المتزايد للفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق، خاصة المنضوية تحت تشكيل “المقاومة الإسلامية”، يمثل تهديدًا لأمنها. ويمكن أن يؤدي أي تصعيد بين بغداد والدولة العبرية إلى تأجيج الصراع بين الأخيرة وإيران.

وكانت حكومة بنيامين نتنياهو قدمت العام الماضي شكوى إلى مجلس الأمن بشأن ارتفاع وتيرة هجمات الميليشيات الموالية لإيران على أراضيها، فيما لم يستبعد مسؤولون إسرائيليون حينها شن هجمات على الأراضي العراقية لردع هذه الفصائل، بينما حظيت بغداد بدعم عربي واسع في مواجهة هذه التهديدات.

ويرى مراقبون أن الشكوى التي قدمها العراق تعتبر محاولة للضغط على كافة الأطراف لاحترام موقف بغداد القائم على التزام الحياد ورفض الانخراط في أي صراعات.

وبما أن الولايات المتحدة لديها وجود عسكري في العراق وتجمعها اتفاقيات أمنية مع حكومة محمد شياع السوداني، فإن الشكوى تضع واشنطن في موقف حرج، خاصة بعد خرق الطائرات الإسرائيلية الأجواء التي تخضع لسيطرة جزئية أو تنسيق أميركي. وتدعو بغداد الولايات المتحدة إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه أمنها وسيادتها، خاصة في ظل اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي.

ويرجح أن تكون الشكوى أيضا محاولة من الحكومة العراقية لإظهار أنها تتخذ خطوات رسمية وقانونية للتعامل مع التهديدات الخارجية، وهو ما قد يخفف الضغط الذي تمارسه بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران التي تطالب بردود فعل أكثر تصعيداً.

بدوره جدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في وقت لاحق من اليوم الجمعة، رفض بلاده “القاطع” لاستخدام أراضيها وأجوائها في تنفيذ أعمال عدائية ضد أي دولة مجاورة وذلك خلال لقاء مع القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى بغداد، ستيفن فاغن، وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش الجنرال كيفن ليهي.

ونقل بيان صدر عن مكتب السوداني تأكيده على “موقف العراق الثابت والحاسم بأن ما حصل ضد إيران يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي”. كما اعتبره “عملاً عدوانياً يقوّض قواعد النظام الدولي ويهدد الأمنين الإقليمي والدولي”.

وشدد على أن “توقيت الاعتداء، الذي جاء في وقت لا تزال فيه المساعي الدبلوماسية جارية، لا يُضعف جهود التهدئة فحسب، بل يكشف عن نية متعمدة للتصعيد وجرّ المنطقة إلى مواجهة أوسع بدلاً من منعها”.

وأكد على “حق العراق ومسؤوليته في حماية سيادته، وأن الحكومة العراقية ستتخذ جميع الإجراءات القانونية لهذا الغرض، إلى جانب مطالبة كل الأطراف الدولية باحترام هذا المبدأ”.

ودعا إلى “ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خطوات مسؤولة ومباشرة لإعادة التأكيد على حظر استخدام القوة، والعمل على منع انزلاق المنطقة إلى دوامة من العنف غير المنضبط”.

من جانبهما، أكد فاجن وليهي، على “موقف الولايات المتحدة المعلن بعدم المشاركة في الهجوم بأي شكل من الأشكال”، مشيرين إلى “حرص بلادهما على عدم إدخال العراق في الصراع، طبقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى