العنف الأسري في الجزائر.. إحصاءات صادمة تكشف حجم الأزمة

يُشكل العنف الأسري في الجزائر مشكلة اجتماعية خطيرة تؤثر على حياة العديد من الأفراد والأسر وهي ظاهرة متفشية في العديد من المجتمعات، لكنها تبدو أكثر انتشارا في المجتمع الجزائري، وفق احصائيات رسمية وصفت بالصادمة، اذ كشف مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة أن 10 آلاف طفل جزائري يتعرضون للعنف سنويا، مؤكدا أيضا أن نحو 80 في المئة من حوادث العنف داخل المنازل لا يتم الإبلاغ عنها.
-
الجزائر تضغط على فرنسا عبر ورقة إمدادات الطاقة
-
العراق والجزائر.. صفقة غاز تاريخية لتقليل الاعتماد على إيران
وتعيش الجزائر هذه الأيام على وقع حادثة صادمة بعد انتشار مقاطع فيديو لطفل جزائري تعرض للحرق والتعذيب من قبل والده، ما أثار موجة غضب واسعة في حادثة تقول مصادر إنها ليست معزولة وتتعلق بظاهرة تفشت في مجتمع تغلب عليه الهيمنة الذكورية والتشدد الاجتماعي.
وتشمل أنواع العنف الأسري الاعتداءات الجسدية مثل الضرب والركل والدفع والعنف النفسي ويتضمن التهديدات والإهانات والتحكم والتلاعب العاطفي والعنف الجنسي ويشمل الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والإكراه على ممارسة الجنس والعنف الاقتصادي ويتضمن التحكم في الموارد المالية ومنع الضحية من الوصول إليها.
-
من التنافس إلى الهوس.. الجزائر تواصل مناكفة المغرب في الساحل
-
الجزائر توقف خدماتها القنصلية في فرنسا.. ما القصة؟
ومن بين أسباب العنف الأسري عوامل اجتماعية وثقافية تشمل الأعراف والتقاليد التي تبرر العنف وتصورات خاطئة عن الرجولة والسلطة وعوامل اقتصادية تشمل البطالة والفقر والضغوط المالية التي تزيد من التوتر في الأسرة وعوامل نفسية تشمل اضطرابات نفسية لدى المعتدي وتعاطي المخدرات والكحول.
وتشير الإحصائيات إلى أن النساء والأطفال هم الأكثر عرضة للعنف الأسري في الجزائر. وقد كشفت بعض البيانات عن ارتفاع ملحوظ في نسبة العنف ضد المرأة خلال السنوات الأخيرة، ممن يتعرضن للعنف سواء في الوسط الأسري أو في الشارع.
-
فرنسا تلوح باتخاذ إجراءات ضد الجزائر بسبب ملف المرحلين
-
لحوم الحمير تثير ضجة في الجزائر.. ومطالب بمحاسبة المسؤولين
وثمة تحديات تواجه مكافحة العنف الأسري في الجزائر من بينها أن العديد من الضحايا يتردد في التبليغ عن العنف بسبب الخوف من الانتقام أو الوصم الاجتماعي إضافة إلى نقص الوعي. حيث لا يزال هناك نقص في الوعي حول خطورة العنف الأسري وكيفية التعامل معه. كما تكاد المؤسسات التي تقوم بإيواء الضحايا وحمايتهن معدومة.
وتكابد السلطة الجزائرية الغارقة في أكثر من أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية، في مواجهة انتشار ظاهر العنف الأسري رغم سنها عددا من التشريعات لضبط الوضع ومقاومة هذه الظاهرة وتوفير الخدمات للضحايا. وقد عزز الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون آليات التكفل بالنساء ضحايا العنف ووسّع تعريف التحرّش الجنسي وشدّد عقوبته وجرّم التحرّش في الأماكن العامّة. لكن مختلف تلك الإجراءات تبقى محدودة ولا ترقى إلى مستوى كبح العنف الأسري بمختلف أنواعه ولا توفر الحماية القانونية والاجتماعية للضحايا بشكل كاف.
-
حملة مغربية لمواجهة محاولات الجزائر الاستيلاء على التراث المعماري
-
الخطوط الجوية الجزائرية تنخرط في الأزمة السياسية مع فرنسا
ويقول مصطفى خياطي إن الهيئة التي يترأسها سبق وتعاملت مع حالات تعذيب مماثلة لتلك التي ظهرت في مقاطع فيديو لأب يحرق ابنه. مشيرا إلى أنه رفع دعاوى قضائية ضد المتهمين تطبيقا لقانون حماية الطفولة وهو التشريع الصادر في العام 2015 والذي يتيح لمؤسسات المجتمع المدني التدخل كطرف في مثل هذه القضايا.
لكن تاريخ صدور قانون حماية الطفولة يشير بوضوح إلى أن الجزائر متأخرة بعقود في حماية الطفولة مقارنة بدول مجاورة وأن الأمر يعود في جزء منه لطبيعة نظام الحكم من جهة وطبيعة تركيبة المجتمع الجزائري عموما.
10 آلاف طفل جزائري يتعرضون للعنف سنويا و80 في المئة من حوادث العنف داخل المنازل لا يتم الإبلاغ عنها
وأوضح الخياط أن الهيئة لا تملك سوى أن ترفع دعاوى لدى وكلاء الجمهورية (الادعاء العام) أو ابلاغ أجهزة الأمن في صورة وجود خطر دائم. وأحيانا يتم سحب الطفل من أسرته بشكل مؤقت لحين استكمال التحقيقات، مضيفا أن الهيئة تقوم برفع دعاوى قضائية لدى وكلاء الجمهورية أو تتصل بمصالح الأمن في حال وجود خطر دائم على الطفل الضحية. مما يؤدي إلى سحب الطفل مؤقتاً لحين استكمال التحقيقات.
وتبدو الجزائر متأخرة في حماية الطفولة مقارنة مع دول الجوار مثل المغرب وتونس وهذا لا ينفي أن ظاهرة العنف الأسري عموما متفشية في معظم المجتمعات .بينما تبقى الجهود المبذولة لمكافحتها متفاوتة من دولة إلى أخرى.
-
إقالة وزيرين في الجزائر تكشف عن عدم استقرار حكومي
-
الجزائر تفشل في الانضمام لمجلس السلم والأمن الإفريقي: هل هو مؤشر على تراجع مكانتها الدولية؟
ويولي المغرب أهمية كبيرة لحماية حقوق الطفل وقد تم وضع العديد من القوانين والآليات لضمان ذلك، مقارنة بما اتخذته الجزائر من إجراءات في هذا المجال.
وينص الدستور المغربي على حماية حقوق الطفل ويؤكد على ضرورة توفير الرعاية اللازمة. لهم وقد صادقت المملكة على اتفاقية حقوق الطفل وهي بمثابة الإطار المرجعي لحماية حقوق الطفل في البلاد
-
حملة #مانيش_راضي تستفز وتستنفر تبون في الجزائر
-
الجزائر توقف إحصاء تندوف: هل يهدف ذلك لإخفاء فساد بوليساريو؟
ومن ضمن القوانين التي اتخذتها الرباط لتعزيز حماية الطفل:
* القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات المنزليات ويهدف هذا القانون إلى حماية الأطفال العاملين في المنازل من الاستغلال وسوء المعاملة.
* القانون رقم 15.01 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين: ينظم هذا القانون عملية كفالة الأطفال المهملين ويهدف إلى توفير الرعاية اللازمة لهم.
* قانون المسطرة الجنائية: يتضمن قانون المسطرة الجنائية مجموعة من الأحكام المتعلقة بحماية الأطفال الذين هم ضحايا أو متهمون في قضايا جنائية.
-
مجلة الجيش الجزائري.. ترويج لدور إفريقي يناقض الواقع
-
فشل في مالي: الجزائر تسعى لإيجاد دور جديد في أزمة كنشاسا
آليات حماية الطفولة:
يقوم المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمراقبة وضعية حقوق الطفل في المغرب وتقديم التوصيات اللازمة لتحسينها ويعمل المرصد الوطني لحقوق الطفل على جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بوضعية الأطفال وإعداد الدراسات والتقارير المتعلقة بحقوقهم. وتعتبر الخلايا اللامركزية للتكفل بالنساء والأطفال حجر الزاوية في التكفل بقضايا العنف ضد الأطفال، بينما تعمل الآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال على حماية الأطفال من الانتهاكات. التي قد يتعرضون لها وتهتم بجميع فئات الأطفال الموجودين فوق التراب الوطني دون أي تمييز.
وفي تونس يُمثل قانون حماية الطفل إطارا قانونيا شاملا يهدف إلى ضمان حقوق الأطفال وحمايتهم من جميع أشكال العنف والإساءة والاستغلال. وتعتبر مجلة حماية الطفل الصادرة بموجب القانون عدد 92 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، النص القانوني الأساسي الذي ينظم حقوق الطفل في تونس.
-
إجراءات تطمينية تفشل في احتواء احتجاجات طلاب الجزائر وسط تصاعد المطالب بالتغيير
-
فضيحة فساد جديدة تهدد طموح الجزائر لتنظيم بطولات عالمية
ويُعرّف القانون الطفل بأنه كل إنسان يقل عمره عن ثمانية عشر عاما، ما لم يبلغ سن الرشد بموجب أحكام خاصة. ويكفل القانون حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء وفي التمتع بحقوقه دون تمييز وفي الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والحماية الاجتماعية.
ويضمن حق الطفل في التمتع بمختلف التدابير الوقائية ذات الصبغة الاجتماعية .والتعليمية والصحية وبغيرها من الأحكام والإجراءات الرامية إلى حمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير التي تؤول إلى إساءة المعاملة أو الاستغلال.
-
دعوة البرلمان الأوروبي للإفراج عن صنصال تُؤجّج الأزمة مع الجزائر
-
الجزائر تنفي استضافة انفصاليين أكراد وتحمل المسؤولية للبوليساريو
ويحظر القانون جميع أشكال العنف والإساءة الجسدية والنفسية والجنسية التي يتعرض لها الأطفال، سواء داخل الأسرة أو في المؤسسات التعليمية أو في أي مكان آخر. كما يمنع استغلال الطفل من مختلف أشكال الإجرام المنظم بما في ذلك زرع أفكار التعصب والكراهية فيه وتحريضه على القيام بأعمال العنف والترويع.
ويوفر القانون ضمانات خاصة للأطفال الذين يرتكبون جرائم. بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة وفي الحصول على مساعدة قانونية. ونص الفصل 81 من مجلة حماية الطفل على أنّ “القضاة الذين تتأّلف منهم محاكم الأطفال سواء على مستوى النيابة أو التحقيق أو المحاكمة يجب أن يكونوا مختصّين في شؤون الطفولة”.