القاذفة بي 52.. رسالة أميركية مشفّرة في سماء إسرائيل

يقول مسؤولون إسرائيليون إن الحرب الحالية على إيران لن تتوقف قبل تدمير مفاعل فوردو النووي في إيران، لكن تحقيق ذلك يحتاج إلى “قلعة السماء”.
و”قلعة السماء” هذه هي القاذفة الأمريكية “بي-52 ستراتوفورتريس”، التي لوّح الأمريكيون، الثلاثاء، بأنها باتت ضمن خيارات واشنطن لحسم المسألة الإيرانية.
وتقول الولايات المتحدة وإسرائيل إن إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية، لكن طهران تنفي ذلك نفيًا قاطعًا وتقول إن برنامجها سلمي.
وخصّبت إيران اليورانيوم بنسبة 60%، بحسب وكالة الطاقة الذرية، ما يضعها على بعد 30% من عتبة القنبلة النووية.
لماذا بي 52؟
ومن أجل حماية منشآتها النووية، أقامت إيران مفاعلاتها الرئيسية تحت سطح الأرض، مستفيدة من جغرافيا البلاد.
ومن أجل تدمير هذه النوعية من المنشآت المحمية، يحتاج المهاجم قنبلة قادرة على اختراق التحصينات بقوة هائلة لا يمكن نقلها إلا عبر القاذفة الأمريكية بي 52.
وتُعد القاذفة الأمريكية “بي-52 ستراتوفورتريس” واحدة من أكثر الطائرات الحربية شهرة في تاريخ الطيران العسكري، إذ لعبت دورًا محوريًا في الاستراتيجية النووية والتقليدية للولايات المتحدة منذ دخولها الخدمة في خمسينيات القرن العشرين، ولا تزال العيون تتعلق بها اليوم.
الحرب الباردة
أدركت الولايات المتحدة أنها في حاجة إلى قاذفة استراتيجية يمكنها أن تحمل قنابل نووية من أجل الوصول إلى أهدافها في الاتحاد السوفياتي دون الحاجة إلى التزود بالوقود.
وفي ضوء هذه الحاجة، طوّرت الولايات المتحدة القاذفة B-52 من قبل شركة “بوينغ” في أوج الحرب الباردة، بعد طلب من سلاح الجو الأمريكي عام 1946، لكنها حلّقت للمرة الأولى في عام 1952، ولم تدخل الخدمة رسميًا إلا في عام 1955.
وتتميز الطائرة بتصميم كلاسيكي يعتمد على أجنحة عالية و8 محركات توربوفانية موزعة على أربعة أبراج، ما يمنحها قدرة طيران طويلة واستقرارًا كبيرًا في الأجواء. ويبلغ طولها نحو 49 مترًا، وعرض جناحيها حوالي 56 مترًا.
قلعة السماء
وكلمة “Stratofortress” هي اسم مركّب أطلقته شركة بوينغ على القاذفة B-52، وتتكون من جزأين:
Strato: وهي اختصار لكلمة Stratosphere (الستراتوسفير)، وتعني طبقة من الغلاف الجوي التي تقع على ارتفاعات عالية، وتشير هنا إلى قدرة الطائرة على التحليق على ارتفاعات شاهقة (تصل إلى نحو 15 كيلومترًا).
أما المقطع Fortress، ويعني “قلعة”، فيشير إلى ضخامة الطائرة وتسليحها وقدرتها على البقاء في الجو لفترات طويلة.
التسليح
القاذفة B-52 قادرة على حمل حتى 32 طنًا من الذخائر، تشمل القنابل التقليدية، والصواريخ المجنحة، والأسلحة النووية. ويمكنها إطلاق صواريخ “كروز” من خارج نطاق الدفاعات الجوية للعدو، مما يمنحها ميزة هجومية استراتيجية.
وتصل سرعة الطائرة القصوى إلى نحو 1,000 كم/ساعة، ويبلغ مداها العملياتي أكثر من 14,000 كيلومتر دون الحاجة للتزود بالوقود، ما يجعلها مثالية للضربات البعيدة. وقد استخدمت في حروب كبرى مثل فيتنام، والعراق، وأفغانستان، وحملت مهام ردع في أزمات دولية كبرى.
ورغم أنها صُمّمت في خمسينيات القرن الماضي، إلا أن B-52 خضعت لعشرات التحديثات التقنية، أبرزها تحديثات في أنظمة الملاحة، والاتصالات، والتسليح، والقدرة على حمل أسلحة ذكية وصواريخ حديثة.
قرب الميدان
وأظهر تحليل لوكالة فرانس برس لصور أقمار اصطناعية تمركز أربع قاذفات أمريكية، الإثنين، في قاعدة دييغو غارسيا العسكرية الأميركية البريطانية في المحيط الهندي.
وشوهدت هذه الطائرات من طراز “بي-52” القادرة على حمل رؤوس نووية وقنابل ثقيلة ذات توجيه دقيق، في 16 يونيو/حزيران عند الساعة 9:22 بتوقيت غرينيتش في الجزء الجنوبي من هذه القاعدة الاستراتيجية الواقعة في جزر تشاغوس.
ويُرجّح أن تكون هذه الطائرات، القادرة على نقل نحو 32 طنًا من الذخائر، قد وصلت إلى القاعدة منتصف مايو/أيار، بحسب تحليل لصور أقمار “بلانيت لابز”.ويأتي ذلك في خضم تكهنات عن احتمال انخراط الولايات المتحدة في المواجهة غير المسبوقة المستمرة منذ 6 أيام بين حليفتها إسرائيل وإيران.
وأفادت وزارة الدفاع الأمريكية بأن حاملة الطائرات نيميتز التي كانت تبحر في بحر الصين الجنوبي بدّلت وجهتها الإثنين للانتقال إلى الشرق الأوسط. كما أعادت واشنطن توجيه نحو ثلاثين طائرة تزود بالوقود من الولايات المتحدة إلى قواعد عسكرية في أوروبا.