الشرق الأوسط

اللعب على المكشوف.. لقاءات الحوثي والإخوان بحثا عن «سقوط» قرب كرسي السلطة


لم يتفاجأ اليمنيون بلقاءات حزب الإصلاح الإخواني والحوثيين، بعد أن ظلت لوقت طويل سرية ضمن “شراكة دم”.

وأخرج الحوثيون وإخوان اليمن، اتصالاتهم، إلى العلن كجزء من ترتيبات بين الطرفين تسعى إلى استباق عملية الحل الشامل للأزمة اليمنية، والتي تقودها الأمم المتحدة ودول إقليمية في محاولة لإنهاء الانقلاب الحوثي.

ورأى مراقبون أن الاستعراض العلني الإخواني قفزة في الهواء على أمل السقوط قرب كرسي السلطة.

وأجرت مليشيات الحوثي وحزب الإصلاح الإخواني مؤخرا لقاءات عدة كان أبرزها خلال اليومين الماضيين، وضمت القيادي الحوثي البارز علي القحوم، عضو المكتب السياسي للمليشيات، وكلاً من فتحي العزب عضو الأمانة العامة في حزب الإصلاح، ومنصور الزنداني عضو الكتلة البرلمانية للحزب الذي يمثل الرافعة السياسية لتنظيم الإخوان.

وبحسب القيادي الحوثي القحوم، فإن اللقاء مع الإخوان استهدف “بناء العلاقات” و”التنسيق المستمر” لتعزيز ما أسماه “الجبهة الداخلية” و”الشراكة”، حفاظا على “الاستقلال والوحدة”.

توافق 

تكشف اللقاءات الحوثية الإخوانية الشراكة الخفية بين الطرفين والتي تستهدف إرباك أمن المناطق المحررة وعلى وجه الخصوص الجنوب بقيادة المجلس الانتقالي؛ إثر وقوفه حجر عثرة في طريق عودة الحوثي والإخوان إلى المشهد الشرعي، وفقا لسياسيين يمنيين.

وفي حديثه لم يتفاجأ نائب الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح باللقاءات الحوثية الإخوانية باعتبارها مستمرة ومتواصلة منذ كانت المليشيات في معقلها الرئيسي في صعدة.

آنذاك، بحسب صالح، ذهب أمين عام حزب الإصلاح عبدالوهاب الآنسي والتقى زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، للتفاهم ما قبل دخول الحوثي صنعاء، والاتفاق على عدم المواجهة من قبل الفرقة الأولى مدرع والقبائل الموالية للإخوان، مقابل بقاء قادة الإخوان واستثماراتهم في صنعاء.

وأشار القيادي الجنوبي إلى “حالات الغزل المستمرة من بعض القيادات الإخوانية خاصة المقيمة في الخارج للحوثي، من خلال مهاجمة التحالف وامتداح المليشيات والتأكيد على أنه مكون يمني لا بد من القبول به”.

الجنوب

وعن ما إذا كان لقاء الإخوان والحوثي يستهدف مشروع الانتقالي في الجنوب، أكد صالح أن “الإخوان والحوثي مهما كان اختلافهما وتباينهما إلا أنهما يلتقيان في عدائهم للجنوب وقضيته وقياداته، وكلما استشعرا أن الجنوب ذاهب لتقرير مستقبله، كلما جمّدت خلافاتهما للتفرغ للجنوب”.

 واستشهد صالح بتوقيف الإخوان مواجهتهم العسكرية “الهشة” فعلا مع مليشيات الحوثي والاتجاه لقتال الجنوب، تحت شعار أن الطريق إلى صنعاء يمر عبر عدن، بعد ضمان السيطرة عليها ومنع ما تسميه الجماعة “الانفصال“.

وأضاف “بعيدا عن هذه اللقاءات المعلنة، هناك لقاءات سابقة وحالة تواصل سابقة سرية بين التنظيمين وهناك خطاب إعلامي موحد ضد الجنوب ومفردات عدائية تكاد تكون خارجة من مطبخ واحد يستهدف الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي”. 

وبشأن بحث إخوان اليمن عن شراكة جديدة مع الحوثي في حكومة الانقلاب التي تعتزم المليشيات تشكيلها، قال إن الإخوان “لا يمانعون في أن يكونوا في حالة شراكة مع مليشيات الحوثي وسبق أن وقعوا معها اتفاق السلم والشراكة بعد سيطرتها على صنعاء، ودخلوا معها في تفاهمات لم تكتمل في العام 2014، حول طي صفحة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي وتقاسم السلطة”.

وطالما أبقت الجماعة على “شعرة معاوية” ولم يقطعوها ولم يواجهوا المليشيات عسكرياً بجدية أملاً في بقائهم في السلطة”، وفقا للقيادي الجنوبي.

 وأشار إلى أن “الإخوان جاهزون اليوم للتفاهم مع المليشيات سياسيا بعد أن عجزوا عسكريا عن الدخول في شراكة يحتاجها الطرفان، حيث يريد الحوثي أن يقول للعالم إنه منفتح على الجميع ويسكت أصوات المعارضة، والإخوان يريدون العودة للسلطة لأن ذلك هدف أساسي بالنسبة لهم”.

 التوقيت والدلالات

استغل الإخوان والحوثيون، انشغال الشعب اليمني بمتابعة أحداث غزة، ولجأ التنظيمان لإعلان لقائهما الأخير بصنعاء في خطوة تحمل الكثير من الرسائل السياسية والدلالات على حجم الشراكة بينهما، بحسب مراقبين.

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي في اليمن صالح علي الدويل باراس، أن “اللقاءات في هذا التوقيت مثالية بالنسبة للحوثي والإخوان نظرا لانشغال الشارع بأحداث غزة“.

وأكد باراس  أن اللقاءات تثبت أن الحوثي والإخوان مشروعان متكاملان وأن جهة إقليمية واحدة ترعاهما وأن لهما مصالح مشتركة.

وأشار إلى أن الإخوان ينظرون إلى الاتفاق السعودي الإيراني بعتباره مفتاح حل الأزمة في اليمن ويريدون موقعا في المستقبل، خصوصا أن هذه اللقاءات ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة.

ولفت إلى أن التقارب الحوثي الإخواني يستهدف محاربة مشروع الانتقالي وكذلك ضد بعض تيارات حزب المؤتمر الشعبي العام شمال اليمن.

وقال “بالتأكيد تستهدف اللقاءات الحوثية الإخوانية مشروع الانتقالي جنوبا، حيث سيوضح الإخوان للحوثي أهمية اختراقاتهم الحزبية على الساحة الجنوبية التي يستدرجون بها قطاعات جنوبية بالخطاب الديني وهو ما لا يستطيع خطاب الحوثي الطائفي تحقيقه في الجنوب”.

وعن بحث الإخوان عن شراكة جديدة مع الحوثي، أكد المحلل السياسي أن “استراتيجية الإخوان تقوم أساسا على التحالف مع السلطة أو البقاء بالقرب منها، والمتتبع لتاريخ التنظيم يجد أنهم كذلك حتى وإن كانت السلطة قمعية وفي عداء معهم، كما هو حاصل مع مليشيات الحوثي“.

ويرى مراقبون أن اللقاءات الإخوانية الحوثية تأتي في ظل تغيرات على الأرض على الساحة الجنوبية وهو ما دفع المليشيات الحوثية والإخوان إلى إعلان لقاءاتهما التي ظلت لفترة طويلة قيد السرية والكتمان، قبل أن تظهر للعلن اليومين الماضيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى