المجاعة في قبضة المتطرفين.. كيف تتحكم الجماعات الجهادية بقرى إفريقيا؟

يُفاقم نقص الغذاء المتزايد، في القارة الإفريقية، التوترات والتنافس على الموارد الأساسية على هامش المجتمعات الضعيفة، مما يزيد من خطر الانخراط في العنف، فيما يرى محللون أن الغذاء ليس مجرد محرك أو ضحية للعنف، بل هو أيضا عنصر أساسي في كيفية قتال الجماعات الجهادية وحكمها وبقائها.
واستخدم الإرهابيون، بحسب صحيفة “العرب” اللندنية، الغذاء كأداة لتحدي السلطات الوطنية وزيادة أتباعهم. وفي الوقت نفسه، يستغلون انعدام الأمن الغذائي للسيطرة على المجتمعات ومواجهة قوات مكافحة الإرهاب، مما يدفع الدولة للخروج من المناطق المتنازع عليها.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الأمر له تداعيات جسيمة. فاستخدام الغذاء كسلاح يُفاقم الأوضاع الإنسانية، ويتسبب في نزوح السكان في البيئات الهشة. ونتيجةً لذلك، يُفعّل آليات خطيرة لعدم الاستقرار، قد تُقوّض حتى المسلحين أنفسهم، مُقلّلةً من مواردهم وقدراتهم العملياتية.
ومنذ أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، خاضت جماعة بوكو حرام وحركة الشباب قتالًا عنيفًا مع قوات الأمن الأفريقية. وسعت كلتا الجماعتين إلى الإطاحة بالحكومات المحلية وترسيخ نفوذهما. ووسّعتا شبكاتهما في المناطق التي يعاني فيها الأمن الغذائي من التدهور، وهي ولاية بورنو النيجيرية وجنوب الصومال. وشهدت هذه المناطق احتكاكات تاريخية بين السكان والسلطات الحكومية.
واشتكت المجتمعات المحلية من التهميش الاجتماعي والاقتصادي، ونقص الموارد الأساسية، وارتفاع معدلات البطالة. وسعى كل من بوكو حرام والشباب إلى استغلال التفاوتات لكسب تأييد السكان المتضررين، سعياً منهما لاستبدال الدولة في توفير الموارد الأساسية.
وأفادت التقارير أن مسلحي بوكو حرام قدّموا إمدادات، كالبسكويت والأرز والمعكرونة، إلى القرى المهمّشة. وكما قال أحد سكان ولاية بورنو، فقد أظهر المسلحون “حبًا واهتمامًا” أثناء تلبية احتياجات السكان المحليين.
ولجأت حركة الشباب إلى ممارسات مماثلة لكسب قلوب وعقول سكان جنوب الصومال وتوسيع قاعدة مجنّديها. وزوّدت الجماعة المجتمعات المتعثرة بالوجبات والسلع، وعززت الأنشطة الزراعية المحلية، وفقا لتقرير “العرب”.
وبالتوازي مع هذه الأنشطة، تبنّت الجماعتان إجراءات أكثر صرامة لمواجهة تقدّم قوات مكافحة الإرهاب. واستخدمتا حرمان المدنيين من الطعام لمعاقبة عصيانهم وتعاونهم مع الدولة، معتمدتين على أساليب التجويع.
واستهدفت بوكو حرام البنى التحتية الغذائية بشكل ممنهج. وأحرقت الجماعة المحاصيل، وحظرت أنشطة الزراعة وصيد الأسماك، بل وسمّمت مصادر المياه.
خلال مجاعة الصومال عامي 2011 و2012، عرقل مسلحو حركة الشباب عمل الوكالات الإنسانية. وكان الهدف من ذلك منع توزيع المساعدات الغذائية للحد من النفوذ الغربي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وكان لاستخدام الغذاء كسلاح تداعيات جسيمة في ولاية بورنو وجنوب الصومال. وهو سبب رئيسي لتدهور الأمن الغذائي في هذه المناطق على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية.
وأدت الهجمات على الموارد الغذائية والبنية التحتية إلى تعطيل طرق الإمداد، ودفعت الناس إلى التخلي عن محاصيلهم ومراعيهم، مما أدى إلى انخفاض إنتاج السلع الأساسية وتوافرها. ونتيجة لذلك، تدهورت الأوضاع الإنسانية، وضعف الاقتصادات المحلية، وتزايدت موجات النزوح. وكانت لذلك آثار سلبية على بوكو حرام وحركة الشباب، حيث حُرم المسلحون من موارد رئيسية لاستمرار أنشطتهم وجذب مجندين جدد.