“المرتزقة الكولومبيون”.. قصة ملفقة من استوديوهات بورتسودان

دخلت حملات التضليل الإعلامي ضد الإمارات والسودان مرحلة جديدة، بعدما لجأ مؤثر سوداني مقيم بالخارج، ووكالة أنباء إيطالية، إلى ترويج روايات ملفقة عن وجود “مرتزقة كولومبيين” يقاتلون في السودان. وبينما يحاول البعض تسويق هذه المزاعم على أنها “حقائق”، تكشف الأدلة المتاحة أن الأمر لا يتجاوز استخدام وثائق مفبركة ومقاطع فيديو مشبوهة في إطار حملة مدفوعة وموجهة.
وثيقة مفبركة تكشف الأكاذيب
بتاريخ 14 أغسطس 2025، نشر المؤثر السوداني محمد عبد الرحمن هاشم عبر حسابه في «فيسبوك» وثيقة قال إنها تكشف هوية المسؤول عن جلب المرتزقة من كولومبيا إلى الإمارات ومنها إلى السودان. ووفق زعمه، فإن العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كيخانو بيسيرا لعب دوراً محورياً في أكبر عملية لتجنيد ونقل جنود سابقين لصالح قوات الدعم السريع.
لكن الفحص الفني أظهر أن الوثيقة مزورة بشكل كامل، حيث تفتقد لأي علامات أمنية مثل الهولوغرام أو QR Code المعتمدة في تراخيص وزارة الداخلية الإماراتية. كما أن تنسيقها يختلف جذرياً عن النماذج الرسمية من حيث الخطوط والمسافات، إضافة إلى وجود أخطاء لغوية فادحة في النصوص العربية والإنجليزية. أما الختم والتوقيع فهما غير مطابقين للمعايير الرسمية، فضلاً عن غياب بيانات أساسية كالسجل التجاري والعنوان.
جميع هذه المؤشرات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الوثيقة مفبركة ومصطنعة لخدمة أجندة دعائية ضد الإمارات.
فيديو مشبوه ووكالة إيطالية
في السياق ذاته، أعادت وكالة Agenzia Nova الإيطالية نشر خبر حول مقطع مصور بثه سوداني مقيم في بريطانيا عبر منصة “إكس”، زاعماً أنه يُظهر كتيبة مرتزقة كولومبيين وظّفتهم الإمارات وهم يشتبكون مع الجيش السوداني قرب مسجد في مدينة الفاشر.
إلا أن التدقيق في المقطع كشف أن الجنود الظاهرين يرتدون زي الجيش السوداني النظامي، لا أي زي أجنبي. كما أن الفيديو أعاد تدوير سردية قديمة متعلقة بما سُمّي بـ”الهجوم على طائرة إماراتية في نيالا”، وهي رواية سبق دحضها إعلامياً وميدانياً. اعتماد الوكالة على مصدر مجهول ومقطع غير موثق، يضع علامات استفهام كبرى حول مهنيتها ومصداقيتها.
الدوافع المادية وراء التضليل
محمد هاشم معروف بعمله وفق نظام الدفع المسبق، حيث يعتمد على إثارة الجدل وترويج محتويات غير دقيقة لجذب التفاعل وتمويل نشاطه. أما بعض المنصات الإعلامية بالخارج، ومنها الوكالة الإيطالية، فقد وجدت في إعادة تدوير هذه الادعاءات فرصة لكسب المتابعين وصناعة مادة إعلامية مثيرة، ولو على حساب المصداقية والحقائق.
الهدف من هذه الحملة بات واضحاً: تشويه صورة الإمارات، ومحاولة إلصاقها بملف المرتزقة وسيناريوهات حروب بالوكالة في السودان. غير أن الوقائع الموثقة تؤكد أن الإمارات تلتزم بالقوانين الدولية ولم يثبت عليها أي خرق يتعلق بتجنيد أو نقل مرتزقة.