لا بدّ من موقف دولي من المشروع النووي الإيراني الذي بات اليوم أشدّ خطورة على المنطقة والعالم من أي وقت مضى.
إذ لا تكفي مجرد الإشارة إلى خطورة مساعي إيران لامتلاك الأسلحة النووية والذرية في ظل حكم نظام الملالي وولاية الفقيه، مع ما يمثله من تهديد لاستقرار المنطقة وسيادة دولها واستقلالية قرارها، مع احتلال إيران لأربع عواصم عربية.
ومن الغريب أن لا نرى إجماعا دوليا على خطورة هذا المشروع، مع اعتماد العديد من دول القرار العالمي الكبرى موقف الحياد أو عدم الاكتراث حتى، إلى الحد الذي بات فيه مطلب نزع المخالب النووية للنظام الإيراني حكراً على دول بعينها دون سواها، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالدرجة الأولى، إضافة إلى دولنا العربية المتضررة من هكذا طموح هدّام.
نحن نتحدث عن نظام يربض على صدر الشعب الإيراني منذ 42 عاماً، ويتحكم بكل صغيرة وكبيرة في الداخل الإيراني، ممارساً أعتى أنواع التنكيل بمعارضيه والأقليات التي تقع تحت حكمه، أما عن سياساته الخارجية فحدّث ولا حرج، فهو النظام الأخطر عالمياً إلى جانب كوريا الشمالية، وهو النظام الذي يمدّ بالعتاد والسلاح مليشياته المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، ويدعم بتنسيق خفي حراك وحركة تنظيم الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش في كل مناطق نفوذها وتأثيرها، ويعدُّ الحامي الأول لهؤلاء “خاصةً مع تردد النظام التركي ومحاولة تحرره من عبء حضانة قيادات الإخوان وقبلها القاعدة وداعش”.
كما ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ المشروع النووي الإيراني لم ولن يكون يوما رافعةً للاقتصاد ومحفزاً للتنمية كما يحدث في دول عديدة استفادت من القدرات النووية الداعمة للطاقة المتجددة النظيفة، والمساهمة في تخفيض الاحتباس الحراري والتلوث باستخدام الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، فهذا المشروع بعسكرته المخيفة يشكّل مرحلة متقدمة من مراحل تصاعد النزعات التوسعية العدوانية الإيرانية، ويخدم الموقع التفاوضي الابتزازي لنظام الملالي في مفاوضات الاتفاق النووي في ظل تراخٍ أمريكي غير معهود، أقلّه حتى اللحظة.
ها هي إيران تبدأ بضخ سادس فلوريد اليورانيوم الطبيعي في مجموعتها الرابعة من 174 جهاز طرد مركزي، إلى جانب الخطورة الكبرى التي يمثلها مشروع إيران لتطوير الصواريخ الباليستية والدقيقة بعيدة المدى، وهي بذلك قد تمتلك قدرات الضرب على يد المفاوض الأمريكي والأوروبي في ظل حياد دولي مقلق، كما تمتلك في الوقت نفسه أدوات تهديد إضافي لدول الجوار العربي يتوجب علينا قراءتها بدقة، والعمل على تشكيل تحالف دولي رادع لها، فإما أن نواجه هذا المشروع التدميري الآن، وإلا فوات الأوان.