المغرب بوابة صناعة الطيران
تحول المغرب بفضل موقعه الجغرافي القريب من السوق الأوروبية، وما يوفره للشركات العالمية من تسهيلات وكفاءة بشرية مؤهلة، إلى منصة إفريقية رائدة في مجال صناعة الطيران، ووجهة مفضلة تستقطب أبرز المصنعين والماركات العالمية.
ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا، فإن هذا البلد المغاربي الذي ينشط في مجال صناعة الطيران منذ حوالي العقدين، يواصل جذب الشركات العالمية والأوروبية، الباحثة عن تكلفة إنتاج منخفضة وجودة تصنيع عالية في الوقت ذاته.
وفي مؤشر على عودة الزخم للقطاع، افتتحت مؤخرا مجموعة “لو بيستون” الفرنسية للطيران، مصنعا لها في العاصمة الاقتصادية، الدار البيضاء، لإنتاج أجزاء من محركات الطائرات ذات تقنية عالية، بتكلفة استثمارية بلغت 55 مليون درهم مغربي (حوالي 6 ملايين دولار)، وهو المصنع الأول من نوعه الخاص بالمعالجة الآلية للأجزاء المعدنية الصلبة الدائرية لمحركات الطائرات في المغرب.
وانضمت المجموعة الفرنسية إلى كوكبة من الشركات العالمية العملاقة في صناعة الطيران، يقدر عددها بـ142 مقاولة، اختارت المغرب كوجهة للاستثمار ولاستغلال مناخ الأعمال الذي توفره المملكة، إضافة إلى الاستفادة من خبرة المهندسين والتقنيين المختصين واليد العاملة المكونة.
وتوفر هذه الشركات أكثر من 11 ألف وظيفة، وعرفت انخفاضا طفيفا بنسبة 10 في المئة بسبب الأزمة المرتبطة بالوباء، في الوقت الذي تراجعت فيه
وكشف وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي والأخضر، حفيظ العلمي، أن قطاع صناعة الطيران بالمغرب قد تمكن من تجاوز الأزمة الاقتصادية، بنجاح كبير وخرج منها بشكل أقوى وبمؤشرات مستقبلية واعدة.
وأشار الوزير في لقاء رقمي مع ممثلي الشركات الوطنية والدولية العاملة في قطاع صناعة الطيران، هذا الأسبوع، أن نسبة الاعتماد على أجزاء محلية الصنع، بلغت السنة الماضية قرابة 38 في المئة، لتفوق بذلك الهدف المحدد ضمن مخطط التسريع الصناعي المغربي والمتمثل في 35 في المئة.
وأكد الوزير أن هناك فاعلين كبار في مجال صناعة الطيران، قد قرروا بالتزامن مع أزمة فيروس كورونا التعامل مع المغرب، حيث من المنتظر أن يتم في المستقبل القريب الإعلان عن استراتيجية في هذا السياق.
ويرجع الخبير الاقتصادي المغربي، عمر الكتاني، هذا الاستقرار النسبي الذي عرفه قطاع صناعة الطيران في المغرب رغم الأزمة المرتبطة بالجائحة، إلى طبيعة الطلب المسبق على اقتناء الطائرات في السوق العالمي والذي يتطلب سنتين أو ثلاث، نظرا لكلفة إنتاجها وحجمها، على خلاف صناعة السيارات التي تعتمد على الإنتاج قبل الطلب.
ويرى الكتاني في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “بإمكان المغرب توسيع قاعدة الاستثمارات في هذا القطاع، نظرا للثقة التي بات يحظى بها من طرف الشركات المصنعة، حيث أتبت أنه فاعل قوي وذا مصداقية على المستوى العالمي”.
سوق واعد
ويشدد الخبير الاقتصادي، على أن المغرب وبفضل الكفاءات التي يتوفر عليه وانخفاض كلفة اليد العاملة مقارنة بدول أخرى، فإنه يعطي للشركات المتخصصة في صناعة الطائرات والتي استوطنت في المملكة، قدرة على التنافس على مستوى السوق العالمي.
يقول المتحدث، أن من بين العوامل التي ساعدت المغرب على ولوج سوق صناعة الطيران بقوة، تطور المملكة في مجال التكنولوجيا وحرصها على تكوين كفاءات من مستوى عالي في المدارس العليا الوطنية والأوروبية، والذين أثبتوا قدراتهم المهنية في هذا المجال.
إضافة إلى ذلك يعتبر الكتاني، بأن “متانة العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والمغرب، ساهمت في استفادته من جزء كبير من التكنولوجيا المستخدمة في مجال صناعة قطع الغيار للطائرات، وبالتالي تغطية الاحتياجات الخاصة بالمنظومة الصناعية للشركات التي اختارت الاستثمار في المملكة”.
ومن أجل مواكبة هذا القطاع الذي يعرف ازدهارا ملحوظا ودينامية متواصلة، فقد عمل المغرب ومن خلال معاهد متخصصة، على تطوير مهن جديدة ذات قيمة مضافة عالية، تهم تخصصات متنوعة من قبيل الأسلاك الكهربائية والميكانيك وتصنيع المعادن والتركيب والتجميع الميكانيكي.
وقد احتل المغرب صدارة الدول الإفريقية ونال المرتبة 17 عالميا، للدول التي توفير أفضل الظروف لمزاولة الأعمال بين الأسواق الناشئة على مستوى العالم، ضمن 50 دولة شملها التصنيف في تقرير المؤشر العالمي “أجيليتي اللوجستي السنوي للأسواق الناشئة لسنة 2021″، والذي اعتمد على ثلاث محاور رئيسية في أساسيات مزاولة الأعمال، وفرص الخدمات اللوجستية الدولية، وفرص الخدمات اللوجستية المحلية.