المغرب العربي

المغرب يفكك شبكة تُجند جهاديين لداعش في الساحل الافريقي


قامت السلطات المغربية بعملية منظمة لتفكيك شبكة إرهابية تنشط في عدة مدن في مجال تجنيد وإرسال مقاتلين من أجل الالتحاق بفرع تنظيم “داعش” بمنطقة الساحل جنوب الصحراء، وذلك في إطار استراتيجية متعددة الأبعاد للوقاية من الإرهاب ومكافحته، باعتبار المغرب أحد “المحاور الحقيقية” لمحاربة الإرهاب والتطرف العنيف في أفريقيا.

ويلعب المغرب دورا أساسيا في الحفاظ على استقرار المنطقة استنادا إلى تأثيره الكبير في محيطه، خاصة بعد أن فرض نفسه رقما صعبا في معادلة التوازنات الإقليمية والشراكات الاقتصادية والأمنية في فضاء جغرافي سياسي متقلب.

وتمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يومي 29 و30 يناير/كانون الثاني 2024، من تفكيك الشبكة الإرهابية المكونة من أربعة عناصر تتراوح أعمارهم ما بين 35 و40 سنة، بكل من مدن طنجة والدارالبيضاء، وبني ملال وانزكان، حيث أثبتت التحريات أن هذه الشبكة تقوم بالتنسيق مع قياديين لهذا التنظيم بالساحل جنوب الصحراء لتسهيل التحاق متطرفين بهذه المنطقة.
وأضاف المصدر أن إجراءات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم مكنت من حجز مجموعة من المعدات الالكترونية، ومبالغ مالية وأسلحة بيضاء عبارة عن سيوف من الحجم الكبير، وأقنعة وقفازات بالإضافة إلى بندقية.

ويعتبر المكتب المركزي للأبحاث القضائية الهيئة الرئيسية المسؤولة عن قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف ويقدم تقاريره وأبحاثه إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني التي تعمل تحت إشراف النيابة العامة. وتعلن السلطات الأمنيّة بانتظام تنفيذ عمليّات لمكافحة الإرهاب وإحباط خطط هجمات. وظلّت المملكة عموما في منآى عن الهجمات الإرهابيّة خلال الأعوام الأخيرة.

وتأتي هذه العملية في سياق انخراط الأجهزة الأمنية المغربية في مواجهة تنامي التهديدات التي يشكلها “داعش” وباقي التنظيمات الإرهابية الأخرى، لاسيما بعد توالي الدعوات التحريضية الداعية للالتحاق بمعاقل هذه التنظيمات خصوصا بمنطقة الساحل.

وأشار المصدر إلى أنه تم الاحتفاظ بالأشخاص الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية على ذمة البحث الذي يجريه المكتب المركزي للأبحاث القضائية تحت إشراف النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب والتطرف، وذلك لرصد التقاطعات التي تجمعهم بالتنظيمات الإرهابية خارج المغرب والكشف عن مخططاتهم ومشاريعهم الإرهابية المحتملة. وسيتم تقديم المشتبه فيهم إلى العدالة فور انتهاء البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة.

ويعمل المغرب على مقاربة شاملة في مجال مكافحة الإرهاب، بحيث أنها لا تنحصر فقط في رد الفعل بل تشمل أيضا الوقاية، ويدمج المستويات الأمنية والروحية والتربوية والاجتماعية في مواجهة ظاهرة التطرف العنيف والتعصب. كما جفّف منابع التطرف من خلال إقرار مناهج علمية تقوم على التوعية من مخاطر التشدد الديني وترسخ مبادئ التسامح والتعايش وأتاح التعاون مع شركاء غربيين لمحاصرة الظاهرة التي تفشت خلال السنوات الأخيرة.

وأدت جهود المغرب فعليّا إلى تفكيك مجموعة من الخلايا في المراحل الأولى من تخطيطها لهجمات ضد مجموعة من الأهداف، بما فيها البنايات العامة والشخصيات البارزة ومباني خدمات الأمن الحكومية والأجانب، وقد استفادت السلطات من جمع المعلومات الاستخباريّة المتاحة ومن عمل الأجهزة المحلية والتعاون مع الشركاء الدوليين، وشاركت في مجموعة واسعة من البرامج لتحسين القدرات التقنية والتحقيقية للبلاد، بما في ذلك التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والطب الشرعي والأمن السيبراني.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية في تقرير أصدرته في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي أن “المغرب لديه إستراتيجية شاملة لمكافحة العنف تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية، بالإضافة إلى مكافحة التطرف والعنف والإشراف على المجال الديني”، مضيفة أنه “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية وضعت منهجا تعليميا لما يقرب من 50000 إمام وكذلك للمرشدات الدينيات”. ويعمل كذلك معهد تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات بالرباط على تدريب الأئمة من غرب إفريقيا.

وتتصدى الرابطة المحمدية الملكية للعلماء للتطرف من خلال إنتاج بحوث علمية، ومراجعة المناهج التعليمية، وإجراء توعية للشباب حول التيمات الدينية والاجتماعية. وبشراكة مع الرابطة كانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أطلقت برنامج ‘مصالحة’ لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية المتابعين في قضايا الإرهاب والتطرف.

كما يولي المغرب أهمية كبرى لأهداف التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة في القارة الإفريقية بحيث قام بإرساء نموذج واعد للتعاون جنوب-جنوب، ووقع على عدة اتفاقيات تعاون مع العديد من البلدان الإفريقية في مختلف المجالات. وتعتبر المملكة المغربية من أهم المستثمرين في القارة في المجالات الاجتماعية والمالية والاقتصادية والتكنولوجية والبنيات التحتية، حيث أصبحت أول مستثمر إفريقي في غرب القارة، باستثمارات تصل إلى أكثر من 4.5 مليار دولار.
وتتزايد أهمية التعويل على المغرب بالنسبة إلى القوى الأوروبية في ظلّ تنامي التحديات الأمنية وتمدد الجماعات الإرهابية في الساحل الإفريقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى