الملف الأسود يعود إلى الواجهة.. اتهامات تطال سياسياً بارزاً في قضية إبستين
تتواصل تداعيات قضية فيرجينيا جيوفري، ضحية الملياردير الأمريكي جيفري إبستين، بعد صدور مذكراتها الأخيرة “لست فتاة أحد” عقب وفاتها المأساوية في أبريل/نيسان الماضي.
ورغم إعادة الفصول المتعلقة بعلاقتها بالأمير أندرو تسليط الضوء على أوساط النفوذ والمال، يحمل الكتاب كشفاً صادماً يتعلق برئيس وزراء سابق “معروف” قالت إنه اغتصبها وضربها بوحشية، لكنها امتنعت عن الكشف عن هويته خوفاً على حياتها وحياة عائلتها، وفقا لصحيفة ديلي ميل.
وكشفت الكاتبة الأمريكية آمي والاس، التي شاركت جيوفري في إعداد مذكراتها، في مقابلة مع الإعلامي بيرس مورغان عبر برنامجه “بيرس مورغان بدون رقابة” أن فيرجينيا تلقت تهديدات صريحة من هذا الرجل ومن شخصيات نافذة أخرى.
وأوضحت والاس: “كل ضحية اغتصاب توازن بين الرغبة في كشف الحقيقة والخوف من العواقب، لكن في حالة فيرجينيا كان الخوف حقيقياً. لقد اعتقدت بصدق أن هذا الرجل سيقتلها إذا كشفت هويته”.

وروت جيوفري في كتابها تفاصيل مروعة عن الاعتداء الذي وقع قبل أكثر من عشرين عاماً على جزيرة إبستين الخاصة، حيث طلب منها الأخير مرافقة أحد رؤساء الوزراء السابقين إلى كوخ قريب. وكتبت تقول: “منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أنه لا يريد الملامسة، بل العنف. خنقني مراراً حتى فقدت الوعي، وكان يستمتع بخوفي من الموت، ويضحك حين أتوسل إليه أن يتوقف”.
وبعد الحادثة، توسلت جيوفري إلى إبستين ألا يعيدها إلى ذلك الرجل، لكنها لم تتلق أي وعد منه. ونقلت عنه قوله ببرود: “ستحصلين على ذلك أحياناً”. وبعد نحو شهرين، أرسلها إليه مجدداً – هذه المرة على متن طائرته الخاصة – حيث ظلت طوال الرحلة غارقة في الرعب، متسائلة إن كانت ستنجو بحياتها هذه المرة.
تهديدات مستمرة
وأكدت الكاتبة آمي والاس أن التهديدات لم تتوقف حتى بعد وفاة جيوفري. وقالت إنها تلقت اتصالات من أشخاص أكدوا أن “الجميع يعرف هوية ذلك الرجل، وأنه كان بالفعل قادراً على قتلها”.
وأشارت إلى أن رجال نافذين آخرين وردت أسماؤهم في مذكرات جيوفري حاولوا إسكاتها بتهديدات قضائية، محذرين إياها من “ذكر أسمائهم مجدداً تحت طائلة التدمير القانوني لحياتها”.
وأضافت والاس: “كانت جيوفري أمّاً قبل كل شيء، وكانت تخاف على عائلتها أكثر من نفسها. كانت تحاول حماية أطفالها من الانتقام. أما هي، للأسف، فقد رحلت وهي لا تزال تنتظر العدالة”.
وشددت على أنها تحترم قرار جيوفري بعدم الكشف عن الاسم الحقيقي للمعتدي، قائلة: “أردت أن أمنحها شيئاً لم تحصل عليه في حياتها – الاحترام. لقد اتخذت قراراتها من منطلق الخوف والحب، وأنا أحترم ذلك ولن أخرق وصيتها”.
ودعت والاس مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأمريكية إلى إعادة فتح الملف ومحاسبة جميع المتورطين في شبكة إبستين، بمن فيهم السياسي الذي ورد ذكره في الكتاب.
وقالت: “ذهبت فيرجينيا وناجيات أخريات إلى السلطات مراراً، وذكرن الأسماء صراحة، لكن لم يُتخذ أي إجراء. القانون لم يقف في صفهن بعد”.

من جانبها، أكدت محامية جيوفري، سيغريد مكولي، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” أن موكلتها قدّمت جميع المعلومات المتعلقة بالمعتدين إلى السلطات الأمريكية منذ سنوات، بما في ذلك اسم السياسي المزعوم. وقالت: “فيرجينيا كانت صريحة منذ البداية، وقدّمت كل ما لديها من تفاصيل. كنا نأمل أن تتحرك العدالة بعد إدانة غيسلين ماكسويل (المقربة من أبستين)، لكن لم يحدث شيء”.
وعندما سُئلت عما إذا كانت وزارة العدل قد فتحت تحقيقاً مع “رئيس الوزراء”، أجابت مكولي بحزم: “لا علم لي بأي خطوة من هذا النوع حتى الآن”.
يشار إلى أن وفاة فيرجينيا جيوفري المفاجئة أعادت إلى الأذهان الوجه المظلم لشبكات الاتجار بالبشر التي استخدم فيها إبستين نفوذه لاستغلال فتيات صغيرات، تحت غطاء من الصمت السياسي والمالي.
ويُتوقع أن تؤدي هذه الفصول الجديدة من مذكراتها إلى ضغوط متزايدة على السلطات الأمريكية والدولية للتحقيق في مزاعم تورط شخصيات سياسية بارزة.
وبينما يستمر الجدل حول هوية “رئيس الوزراء السادي”، تبقى كلمات جيوفري الأخيرة في كتابها شاهدة على معاناة جيل من الضحايا الذين حُرموا من العدالة: “لم أكن أريد سوى أن يتوقفوا عن معاملتي كشيء يمكن شراؤه واستعماله ثم التخلص منه”.
