الملف الكردي–العراقي.. بغداد أمام اختبار بعد التزامات أربيل

أكد رئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني اليوم الثلاثاء أن أربيل توصلت إلى توافقات مع بغداد بشأن إيرادات النفط، معربا عن أمله في أن تسعى الحكومة الاتحادية إلى إنهاء خلافها مع الشركات النفطية العاملة في الإقليم، ما يشير إلى أن الكرة باتت الآن في ملعب بغداد، لا سيما بعد أن أثبت الإقليم المتمتع بحكم ذاتي في أكثر من مرة استعداده التام لحلحلة ملف شلل صادرات الخام الذي أوقعه في أزمات مالية واقتصادية واجتماعية.
ونقل موقع “شفق نيوز” الكردي العراقي عن بارزاني قوله خلال افتتاحه معرض أربيل الدولي السادس للاستثمار “لقد كررنا هذا القول مراراً وتكراراً، وفي كل مرة أكدنا أملنا بأن تُحل هذه المشكلات في أسرع وقت ممكن، لكننا نرى دائماً أن مشكلة جديدة تظهر من جانب الحكومة الاتحادية”.
ولم تفض جولات من المفاوضات بين أربيل وبغداد إلى تسوية الخلافات حول الإيرادات النفطية التي تشكل قضية معقدة ومتعددة الأوجه، وقد شهدت تطورات متزايدة في الفترة الأخيرة.
وتصاعد التوتر بين الجانبين بعد أن توقفت الحكومة الاتحادية عن إرسال رواتب موظفي كردستان منذ مايو/ايار 2025، مما فاقم الأزمة الاقتصادية في الإقليم، وسط تحذيرات من تداعياتها الاجتماعية، في ظل الكساد التجاري وتدهور الأوضاع المعيشية.
وتعتبر بغداد أن عدم التزام أربيل بتسليم العائدات النفطية يبرر وقف إرسال الرواتب، بينما تتهم حكومة الإقليم الحكومة الاتحادية بممارسة بالضغط السياسي وتسييس الملف. وتُشير مصادر إلى أن هناك تفاهمًا وشيكًا بين الجانبين بشأن الإيرادات غير النفطية، لكن مسألة الأجور لا تزال معلقة.
وأكد مسرور بارزاني أن حكومته بذلت جهودا كبيرة لمعالجة التحديات، مضيفا “ما يهمنا بالدرجة الأولى هو رفاهية شعب كردستان وأمنه واستقراره، واستمرار التقدم الاقتصادي لذلك فإن كل ما ينعكس على الإقليم يعنينا بشكل مباشر، وسيبقى يعنينا دائما”.
وتابع “وفودنا تجري حالياً مفاوضات مستمرة مع وفد الحكومة الاتحادية. وفيما يخص العائدات غير النفطية، فقد وصلنا تقريباً إلى المرحلة النهائية من التفاهم”.
وأردف “أما بخصوص استئناف تصدير النفط، فإن إقليم كردستان لم يعد لديه أية مشكلة، لا مع الشركات المنتجة ولا مع الحكومة الاتحادية”، مبينا أن “ما تبقى هو نقطة خلاف بين الشركات وبغداد، حيث أن هذه المؤسسات تطالب الآن بضمانات تكفل استمرار حصولها على مستحقاتها المالية بشكل عادل”.
وكان مدير شركة تسويق النفط “سومو”، علي نزار أكد نهاية الأسبوع الماضي أن “استئناف تصدير نفط كردستان مرهون بالشركات المنتجة”، موضحا أن “الاتفاق بين وزارة النفط الاتحادية وشركة تسويق النفط، ووزارة الثروات الطبيعية في الإقليم وضع آليات محكمة لتطبق قانون الموازنة”.
وأضاف “نحن متفائلون بالاتفاق والآليات، ونتمنى أن نمضي بضخ النفط من إقليم كردستان عبر خط جيهان التركي، لما فيه من مصلحة للعراق وتعزيز وارداته المالية”.
ولا يزال الخلاف القانوني قائمًا، حيث قضت المحكمة الاتحادية في عام 2022 بعدم دستورية قانون النفط والغاز في كردستان، واعتبرت أن وزارة النفط الاتحادية هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن جميع العمليات النفطية. وترفض الشركات تسليم نفطها إلى بغداد دون تسوية لمستحقاتها المالية وفقًا لعقودها المبرمة مع حكومة الإقليم.
وهناك تباين في وجهات النظر حول كلفة إنتاج برميل النفط في كردستان مقارنة بالجنوب العراقي، حيث ترى الشركات في الإقليم أن الكلفة أعلى بسبب طبيعة الحقول الجبلية.
وتوقفت صادرات نفط كردستان عبر خط الأنابيب المؤدي إلى ميناء جيهان التركي في مارس/آذار 2023 بعد أن كسبت بغداد دعوى تحكيم دولي ضد أنقرة، مما أدى إلى خسائر اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات لكل من العراق والإقليم. وفي يوليو/تموز 2025، أعلن العراق عن اتفاق مع تركيا لاستئناف تصدير النفط.