الملك محمد السادس يدعو إلى فتح الحدود مع الجزائر
دعا عاهل المغرب الملك محمد السادس بأسلوب واضح ومباشر إلى ضرورة فتح الحدود مع الجزائر، الأمر الذي عدّه محللون مدّ يد للجارة الشرقية.
ولاحظ مُحللون مغاربة نبرة أخوية صادقة في خطاب الملك بمناسبة ذكرى الجلوس على العرش، مؤكدين، في تصريحات منفصلة لـ”العين الإخبارية”، أن الدعوة الملكية، كانت نابعة من قلب الجار المحب لجاره، والعقل الذي يُريد الخير لأشقائه، حسب تعبيرهم.
وعدّ حسن بلوان، الخبير في العلاقات الدولية، اختيار الملك توجيه هذه الدعوة إلى الجزائر في خطاب العرش، رسالة دالّة على أهمية ملف فتح الحدود مع البلد الجار لدى المملكة المغربية.
ولفت بلوان، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إلى أن المعتاد في خطاب العرش، هو تقديم الملك لخلاصة العام الماضي، وطرح تطلعات العام المقبل -وكذلك كان- إذ تحدث عن النموذج التنموي الجديد، وجائحة كورونا، وأيضا الإقلاع الاقتصادي، قبل أن يخصص حيزا للعلاقة مع الجزائر، ويُسهب في الحديث إلى جيرانه الجزائريين، ماداً إليهم يد الأخوة والجوار.
نصف خطاب العرش للجزائر
وشدد المتحدث على أن الحديث بهذا الإسهاب عن أهمية فتح الحدود وضرورة تعزيز العلاقات الأخوية بين المغرب والجزائر في خطاب العرش، بل وتخصيص ما يناهز نصف الخطاب عنه، يعكس الصدق الكبير في الدعوة المغربية، وأهمية حل الخلاف بين البلدين لدى أعلى سلطة في البلاد.
كما أن العبارات التي استعملها الملك، كقوله إن المغرب والجزائر ليسا جارين بل توأمين، وقوله إن أمن واستقرار الجزائر من أمن واستقرار المغرب، لخير دليل على أن المملكة المغربية تريد وضعاً وعلاقات أكثر أريحية مع جارتها الشمالية، وهو الشيء الذي ترجمه الملك في آخر عبارات خطابه التاريخي، والذي دعا فيه بشكل مباشر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تدارس سبل تعزيز العلاقات.
من جهته، أكد الأستاذ الجامعي ورئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، أن الخطاب الذي وجهه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش، بادرة نابعة “من القلب والعقل والحكمة” تجاه الجزائر .
وقال الباحث المغربي “إنها دعوة لتحكيم العقل وتحمل المسؤولية التاريخية للمضي قدما وتجاوز عقد الماضي”، معتبرا أن “اليد التي مدها الملك للجزائر تؤكد مرة أخرى أن قناعاته وخياراته مغاربية”.
وأردف بنحمو أنها دعوة أيضا لتجاوز الوضع الراهن للعلاقات، ولتجاوز هذا الوضع غير الطبيعي والتعامل معه بعيون الحاضر وليس الماضي، مشيرا إلى أن هذه الدعوة الملكية تهدف إلى “تجاوز كل ما من شأنه أن يزرع الانقسام بين الشعبين”.
وتابع المحلل المغربي أن “إغلاق الحدود وضع غير طبيعي بين البلدين، ويمس بالعديد من الحقوق والحريات الأساسية للإنسان”، معتبرا أن أسباب الإبقاء على هذا الإغلاق “لا تستند على أي أساس ولا مبرر لها“.
وأشار إلى أن “البلدين يواجهان التحديات والمخاطر ذاتها”، مذكرا بتأكيد الملك محمد السادس للجزائر، على نحو واضح وصريح بأن الشر والمشاكل لن تأتيها أبدا من المغرب وأن ” أمن واستقرار الجزائر من أمن المغرب واستقراره”.
بنحمو شدد على أن الأمر يتعلق بدعوة للجزائر، لبناء علاقات متجددة وتجاوز هذا “الوضع غير السليم الذي يؤثر سلبا على البلدين، ويعاكس طبيعة العلاقات التي تربط الشعبين عبر سنوات من الكفاح المشترك” .
دعوة ملكية
والسبت، دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس إلى فتح الحدود بين المملكة المغربية والجارة الشرقية الجزائر، مشدداً على ضرورة عقد لقاء ثنائي بينه وبين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وقال الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الثانية والعشرون لجلوسه على العرش، “إن الوضع الحالي للعلاقات ليس في مصلحة شعبينا وغير مقبولة من العديد من الدول”، مضيفا أن “الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي ومبدأ قانوني أصيل تكفله المواثيق الدولية”.
وأرف العاهل المغربي: “لا فخامة الرئيس الحالي للجزائر ولا أنا مسؤولون عن إغلاق الحدود، ولكننا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا استمرار (ذلك) أمام الله والتاريخ ومواطنينا”.
ولفت إلى أنه ليس هناك أي منطق معقول، يمكن أن يفسر الوضع الحالي، لا سيما أن الأسباب التي كانت وراء إغلاق الحدود، أصبحت متجاوزة، ولم يعد لها اليوم أي مبرر مقبول.
واستدرك بالقول: “أما ما يقوله البعض، بأن فتح الحدود لن يجلب للجزائر، أو للمغرب، إلا الشر والمشاكل، فهذا غير صحيح. وهذا الخطاب لا يمكن أن يصدقه أحد، خاصة في عصر التواصل والتكنولوجيات الحديثة”
واعتبر أن “الحدود المغلقة لا تقطع التواصل بين الشعبين، وإنما تساهم في إغلاق العقول، التي تتأثر بما تروج له بعض وسائل الإعلام، من أطروحات مغلوطة، بأن المغاربة يعانون من الفقر، ويعيشون على التهريب والمخدرات”.
طمأنة للجزائر
وأنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا، بحسب تعبيره.
وفي نفس السياق، شدد على أنه يعتبر أن “أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره، لأنهما كالجسد الواحد. ذلك أن المغرب والجزائر ، يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات ، والاتجار في البشر. فالعصابات التي تقوم بذلك هي عدونا الحقيقي والمشترك. وإذا عملنا سويا على محاربتها، سنتمكن من الحد من نشاطها ، وتجفيف منابعها”.
وخلص الملك محمد السادس إلى أن “المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان,,, لذا، أدعو فخامة الرئيس الجزائري ، للعمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك”.