الهجمات على البنية التحتية في السودان: استراتيجية عسكرية بثمن إنساني باهظ

تعرضت مدينتا مروي والدبة في شمال السودان لسلسلة من الهجمات بالمسيَّرات ليل الثلاثاء – الأربعاء الماضيين، في واحدة من كبرى الهجمات، التي استهدفت مقرات عسكرية وشبكة كهرباء رئيسية، وتسببت تلك الهجمات في إظلام تام بولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر شرق البلاد. وطالت الهجمات أيضاً مستودعات للوقود، ومنازل مواطنين ما أدى إلى مقتل عدد منهم.
-
تداعيات الهجمات العسكرية على البنية التحتية في السودان: معاناة الشعب وأزمة الكهرباء والماء
-
السودان في الظلام.. هجوم يفاقم الأزمة ويقطع الكهرباء عن العاصمة
ووقع الهجوم الأول على مروي نحو الساعة الثالثة من عصر الثلاثاء بالتوقيت المحلي، (الخامسة بتوقيت غرينيتش) بطائرة مسيَّرة للجيش. استهدف بدقة محطة طاقة الكهرباء في محيط جسم سد «خزان مروي». ثم تعرضت المدينة لهجوم ثانٍ في منتصف الليل، بسرب من المسيَّرات الانتحارية، طالت المطار ومقر الفرقة العسكرية التابعة للجيش بالمدينة، وفق شهود عيان. وقال الشهود في مدينة مروي، إنهم شاهدوا القذائف التي أطلقتها المضادات الأرضية للجيش باتجاه المسيَّرات.

بالتزامن مع الهجوم على مدينة مروي، استهدف سرب من الطائرات المسيَّرة عدداً من المواقع في مدينة الدبة بالولاية الشمالية، وسقطت إحدى المسيَّرات فوق أحد المنازل. ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص من أسرة واحدة. وقال مواطنون في الدبة إن مسيَّرة انتحارية أصابت بشكل مباشر المقر العسكري للواء 73 التابع للجيش السوداني، وسط تكتم من الجهات الرسمية.
-
تغلغل الجهات الخارجية في السودان.. سلاح جديد يشعل الحرب الأهلية ويهدد استقرار البلاد
-
شركة أسلحة تركية ساعدت في تأجيج الحرب الأهلية الوحشية في السودان
مسيَّرات متطورة تدخل الحرب
ويرجح على نطاق واسع أن مسيَّرات متطورة دخلت الحرب. استخدمت في الهجوم على المدينتين حيث وأكد مجلس التنسيق الإعلامي للكهرباء (رسمي)، في بيان، الأربعاء، أن محطة مروي تعرضت ليل الثلاثاء لاعتداء بالمسيَّرات للمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أيام. وقال إن «الهجمات استهدفت محولات تغذية الولاية الشمالية، وعدداً من المفاعلات. ما أدى إلى توقف الإمداد الكهربائي عن الولاية وتعطيل الجهود المبذولة لإعادة تأهيل المحول المتضرر من الهجمات السابقة».
وجاء الهجوم على محطة مروي في وقت كانت تجرى فيه إصلاحات لإعادة التيار الكهربائي. بتركيب مولدات جديدة بديلة عن التي احترقت وتدمّرت بالكامل في الهجمات السابقة. وبحسب بيان شركة الكهرباء، تسبب حريق المحولات في تعطيل الخط المغذي لمدن العاصمة الخرطوم، وتأثرت به ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر. وأكد مجلس الكهرباء أن قوات الدفاع المدني تبذل جهوداً كبيرة في إخماد الحريق، بينما تجري عملية التقييم الفني لآثار الاعتداء ومن ثم اتخاذ المعالجات المطلوبة.
-
أم روابة تحت النار.. الجيش السوداني والإخوان في قفص الاتهام
-
حرب السودان: تصاعد القتال ومذابح «داعش» تلوح في الأفق

تدمير محطة مروي التحويلية وأثره على البنية التحتية
تعتبر محطة مروي واحدة من أبرز المنشآت الحيوية في السودان. حيث تلعب دورًا رئيسيًا في توفير الكهرباء لمناطق واسعة في شمال البلاد. الهجوم الذي استهدف هذه المحطة دمر جزءًا كبيرًا من البنية التحتية الخاصة بها، مما أدى إلى انقطاع كامل للكهرباء في العديد من المناطق المحيطة. تشمل هذه المناطق ولايات نهر النيل، بما في ذلك مدنها الرئيسية مثل عطبرة. شندي، قرى المحمية، البجراوية، بالإضافة إلى العديد من القرى في ولاية نهر النيل.
انقطاع التيار الكهربائي كان له تأثير سلبي على الحياة اليومية للمواطنين. حيث توقفت العديد من الخدمات الحيوية التي تعتمد على الكهرباء، مثل المستشفيات، والمخابز، والمرافق العامة. مما زاد من معاناة المواطنين. في ظل الظروف الحالية من القتال والصراعات الداخلية. شكل انقطاع التيار الكهربائي والماء تحديات إضافية للمواطنين الذين يعانون أساسًا من الظروف الاقتصادية الصعبة.
-
بيان الجيش السوداني حول تدمير كبري شمبات: محاولة يائسة لتلميع صورة متآكلة
-
السودان يعاني من أكبر أزمة إنسانية
الآثار الاجتماعية والاقتصادية للهجمات العسكرية
الهجمات العسكرية التي تعرضت لها المنشآت الحيوية في السودان كانت بمثابة ضربة موجعة للبنية التحتية للبلاد. لم تقتصر آثار الهجوم على انقطاع الكهرباء والماء فحسب. بل امتدت أيضًا إلى تأثيرات اجتماعية واقتصادية عميقة. فقد أدى الهجوم إلى تداعيات خطيرة على مستوى الحياة المعيشية، حيث تزايدت معاناة المواطنين في المناطق المتضررة من انقطاع الكهرباء والماء. وازدادت صعوبة التنقل والحركة في المدن والقرى المتأثرة.
ترحيل السكان وتأثيره على استقرار الأوضاع
إلى جانب تدمير البنية التحتية، أسفرت الهجمات عن ترحيل العديد من سكان الشمال. حيث اضطُروا إلى مغادرة مناطقهم بسبب تدمير منازلهم .وتدمير المنشآت الأساسية التي كانوا يعتمدون عليها في حياتهم اليومية. هذا الترحيل الواسع للسكان خلق مزيدًا من الضغط على المدن الأخرى التي استقبلت هؤلاء النازحين، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في تلك المناطق.
-
انتهاكات الجيش السوداني ضد المدنيين: جرائم حرب تُهدد مستقبل البلاد
-
اشتباكات مستمرة في السودان.. هل فشلت مفاوضات جدة؟
تذمر واسع وسط المواطنين
الأحداث الأخيرة والظروف المعيشية الصعبة التي نتجت عنها أدت إلى حالة من التذمر الواسع في جميع أنحاء السودان. لا يقتصر التذمر على المناطق المتضررة من الهجمات، بل يمتد ليشمل العديد من الولايات الأخرى، حيث شعر المواطنون أن هناك تقصيرًا من قبل السلطات في التعامل مع الأزمة الحالية. إن تدمير البنية التحتية لم يؤثر فقط على حياة الناس بشكل فوري. بل وضع عبئًا ثقيلًا على الحكومة السودانية التي تواجه تحديات كبيرة في تلبية احتياجات المواطنين الأساسية في ظل الأزمة.
الهدف من الحملة
إن الحملة العسكرية المستمرة التي تشنها القوات المسلحة السودانية تأتي بتكلفة باهظة على الشعب السوداني. الهجمات على المنشآت الحيوية مثل محطة مروي التحويلية لم تضر فقط بالبنية التحتية للبلاد، بل ساهمت في تفاقم الوضع الإنساني في البلاد. الهدف من هذه الحملة العسكرية ربما يكون تحقيق مكاسب استراتيجية للقوات المتنازعة. ولكن الثمن الذي يدفعه المواطن السوداني في شكل معاناة شديدة وخسائر في الموارد الأساسية يعد أمرًا غير مقبول.
إن استمرار هذه الهجمات العسكرية في تدمير البنية التحتية ودفع الثمن باهظًا من قبل الشعب السوداني يشكل تحديًا كبيرًا لمستقبل السودان واستقراره. يجب أن يتوقف القتال وأن يتم التوصل إلى حلول سلمية لحماية حياة المواطنين والحفاظ على مقدرات البلاد.