تلعب كل من الهند والصين دورا متناميا في أسواق النفط العالمية، مع زيادة الطلب على النفط الخام في كلا البلدين.
هذا الدور بالطبع يمثل أهمية كبرى، خاصة مع انخفاض حدة الإصابات بفيروس كورونا في الهند، ووصول الصين من جديد إلى معدل “صفر إصابات” بالفيروس.
وكان الطلب الهندي على النفط الخام في ارتفاع منذ منتصف الصيف، ومن المحتمل أن يستمر على النحو نفسه لمدة طويلة، مع تخطيط مصفاة واحدة على الأقل لرفع طاقة التكرير بشكل كبير.
وأصبحت الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط، عاملا رئيسيا في تحديد أسعار النفط بسبب اعتمادها الضخم على استيراد النفط الخام، وخلال الجولة الأخيرة من الإصابات بفيروس “كوفيد-19” في البلاد، عانى الطلب على النفط من انخفاض متوقع، ولكن الآن الأوضاع في تحسن.
وقد ذكرت وكالة “رويترز” في تقرير لها أنه خلال شهر يوليو الماضي رفعت معامل التكرير الهندية معدلات تشغيلها إلى أعلى معدل لها في ثلاثة أشهر كاستجابة للطلب القوي على الوقود، الذي أعقب تخفيف القيود على الحركة بعد أسوأ موجة من الإصابات بالفيروس.
وتبقى توقعات الطلب متفائلة أيضا، فمن المنتظر أن يسجل الطلب على البنزين مستوى قياسيا مرتفعا خلال العام المالي الحالي، “أبريل 2021/مارس 2022″، بسبب الجائحة.
وكما في بلاد العالم الأخرى، فمواطنو الهند يتجنبون المواصلات العامة لصالح المركبات الخاصة لتخفيض مخاطر العدوى بالفيروس.
وقد ارتفعت مبيعات المركبات الخاصة في الهند في يوليو الماضي بنسبة 45% على أساس سنوي، طبقا لتقرير لوكالة “رويترز”.
وعزا التقرير هذا الارتفاع الكبير إلى “الطلب المكبوت”.
وربما يكون الارتفاع في الطلب على البنزين في الهند من القوة بحيث يتطلب استيراد كميات إضافية من النفط الخام، وتخطط معامل التكرير لزيادة طاقتها خلال الأعوام المقبلة.
وعلى سبيل المثال، فشركة النفط الهندية ذكرت في أغسطس الماضي أنها تخطط لتوسيع طاقتها التكريرية بنسبة 25%، أو نحو 350 ألف برميل يوميا، خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
وهذا سيرفع طاقة التكرير الإجمالية للمعمل إلى 1.76 مليون برميل يوميا.
وتوسُّع شركة النفط الهندية هو جزء من خطة أكبر لتوسيع طاقة التكرير في الهند لتصل إلى 6 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2025 مقابل 5 ملايين برميل يوميا حاليا، وسوف تبلغ جملة الاستثمارات في هذا التوسع نحو 27 مليار دولار.
وترى توقعات العديد من الجهات أن الطلب الهندي على الوقود سيقفز إلى نحو 400-450 مليون طن بحلول عام 2040 مقارنة بنحو 250 مليون طن حاليا.
وقد عاد الطلب حاليا إلى مستويات ما قبل الجائحة، ويعد هذا ارتدادا سريعا في الطلب على النفط بعد أن أصبحت الهند المركز الرئيسي لواحدة من أسوأ موجات الإصابة بالفيروس منذ بداية جائحة كورونا، وهو ما يشير إلى أن الهند يمكن أن تكتسب أهمية أكبر كسوق تصدير رئيسية لكبار منتجي النفط.
في السياق ذاته، اشترت الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، 44.53 مليون طن من النفط الشهر الماضي، وهو ما يعادل 10.49 مليون برميل يوميا، بزيادة 8% عن شهر يوليو، وفقا لما نقلته وكالة “رويترز” عن بيانات الإدارة العامة للجمارك الصينية، وذلك مقارنة بـ9.71 مليون برميل يوميا خلال شهر يوليو، لكن أقل من 11.18 مليون برميل يوميا استوردتها في أغسطس 2020.
ويعزى الانخفاض على أساس سنوي إلى المشتريات الأقل من قبل معامل التكرير المستقلة، التي تستهدفها الحكومة الآن بالتحقيق على أساس أنها تنتهك قانون البيئة وتخفض حصتها من الواردات.
وقد تحكمت السلطات حتى في واحد من أكبر معامل التكرير المستقلة، بسبب التحقيق في احتمال التهرب الضريبي، وهو ما قد يؤدي إلى إعلان إفلاس الشركة.
ونتيجة لهذه الحملة الحكومية، قلّصت معامل التكرير المستقلة معدلات تشغيلها لتبلغ 4.3 مليون برميل يوميا في أغسطس، وهو أقل معدل تشغيل خلال أكثر من عامين.
وعلى أي حال، تشير أرقام الأسابيع الأخيرة إلى أن شهر سبتمبر سوف يشهد معدلات تشغيل أعلى في معامل التكرير المستقلة.
ويشير البعض كذلك إلى كمية المخزونات من النفط الخام العائمة في السفن قرب سواحل الصين، وكذا سنغافورة وماليزيا.
وهو ما يمكن أن يعزى إلى حملة السلطات الصينية على معامل التكرير المستقلة.
وتُرد الزيادة في الطلب الصيني خلال أغسطس، وفقا “رويترز”، إلى أنها نتيجة لتوزيع جديد لحصص الواردات.
ومن المنتظر أن تزيد المشتريات خلال شهر سبتمبر الجاري أيضا، مع تخفيض السعودية أسعار بيع نفطها للمشترين الآسيويين.
ويشير عدد من المحللين إلى أن معامل التكرير الصينية تكثف مشترياتها بالفعل مع انتهاء آخر جولة من القيود على الحركة، التي كانت مفروضة بسبب الإصابات بفيروس “كوفيد-19”.
نقلا عن العين الإخبارية