في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، سيُكمِل اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، المُوقّع برعاية الأمم المتحدة، عامه الأول.
تمنيت لو كان باستطاعتي الكتابة عن مصير هذا البلد بطريقة تفاؤلية، إلّا أنه مع مرور الوقت يبدو الحل في ليبيا أكثر صعوبة.
ففي جميع أنحاء شمال أفريقيا، بذلت كل الأطراف مساعي إيجابية للتوصل إلى حل للأزمة الليبية، باستثناء منطقة بطول 1000 كيلومتر وعرض 400 كيلومتر داخل ليبيا.. وتمتد هذه المنطقة من الحدود التونسية إلى مصراتة وجنوباً حتى حدود النيجر.
ويترقب الجميع الانتخابات الليبية المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسواء أُجريت الانتخابات في موعدها أم فشلت الحكومة الليبية المؤقتة في ذلك، فإن المستفيد من هذا الوضع هي تركيا، فإذا لم تُجر الانتخابات ستكسب أنقرة الوقت لمواصلة تنفيذ العقود التي وقّعها رئيس حكومة الوفاق السابق، فايز السراج، وحال فوز الشخص المفضل لتركيا في ليبيا، يمكنها الاستمرار في خططها التوسعية هناك.
وتواصل تركيا اللعب بورقة المرتزقة في ليبيا، إذ تفيد الأخبار الواردة من سوريا أن ما لا يقل عن 800 من شبابها مسجونون في ليبيا بعد محاولتهم العبور إلى أوروبا، وبسبب رغبتهم في مغادرة سوريا، قبلوا التجنيد كمرتزقة لصالح تركيا بالقتال في ليبيا.
وعلى الساحة التونسية، وبعد قرارات الرئيس قيس سعيد الدستورية التاريخية والاستبعاد الشعبي للإخوان من السلطة في تونس، أفادت أنباء بأن نحو مائة إرهابي كانوا يعتزمون بدء نشاطهم في البلاد بعد تلقيهم تدريبات تركية في قاعدة “الوطية” الجوية على الأراضي الليبية، واتهم مراقبون “إخوان ليبيا” بمحاولة إشعال الجبهة التونسية لإجبار الرئيس قيس سعيد على التراجع عن قراراته التي أطاحت بتنظيمهم في تونس، مشيرين إلى أن الإخوان يستغلون إرهابيي الغرب الليبي، الذي يأتمر بأوامرهم، لزعزعة استقرار الجارة تونس، فيما نفى الجانب الليبي هذه الأنباء، مؤكدا أنه لا يمكن السماح بأي حال أن تكون قاعدة “الوطية” منطلقا لتنفيذ أي أعمال إرهابية أو تخريبية لزعزعة أمن واستقرار ليبيا أو إلحاق ضرر بدول الجوار.
وكانت هناك تقارير سابقة تتحدث عن وصول نحو 2000 إرهابي إلى الأراضي الليبية، وعندما تم إبلاغ وزارة الداخلية الليبية بذلك ردّت بألا معلومات تتوفر لديها حول هذا الموضوع، لذا كان لا بد من انتظار إرسال الإنتربول مذكرة للسلطات الليبية لإبلاغها بالأمر حتى يتم التعامل معه بجدية.
وكان على تونس في هذه الأثناء أن توصل المعلومات الواردة إليها بشأن إرهابيي الإخوان إلى السلطات الليبية، بعد أن خططوا لتوجيه نشاطهم من ليبيا ضد تونس، وبالطبع ضد ليبيا نفسها.
كان من الطبيعي أن يتخذ الرئيس التونسي إجراءات استثنائية لإنقاذ بلاده، وكان أحد أهم تلك القرارات بعد إقصاء الإخوان مراجعة الاتفاقات التجارية، التي وُقّعت بين بلاده وبين تركيا.
في غضون ذلك، حاول تنظيم “داعش” الإرهابي تفجير سيارة مفخخة في ليبيا، لكن قوات الجيش الليبي تمكنت من إحباط الهجوم، وبعد يومين، أوقفت قوات الجيش الليبي شحنة أسلحة في “أوباري”، جنوبي ليبيا، كانت قادمة من النيجر في طريقها إلى مجموعات إرهابية أخرى.
وهنا أتساءل: ألا ينبغي أن تكون هذه مسؤولية الحكومة الليبية المؤقتة وليست مسؤولية قوات الجيش الليبي؟
من جهة أخرى، كانت إسبانيا قد اعتقلت مؤخراً رئيس شبكة لنقل إرهابيين من الجزائر إلى إسبانيا على متن قوارب هجرة غير شرعية، كما نقلت ذات الشبكة مقاتلين إلى ليبيا. وكانت هذه الشبكة تتلقى دعماً من قبل شبكات أخرى موجودة في ليبيا.
وهنا تبدو الدهشة، فإذا كانت الحكومة المؤقتة في ليبيا تحاول إدارة بلدها بشكل جيد لتحافظ على علاقات جيدة مع جارتها، تونس، وأوروبا، فلماذا لا تسيطر على النشاط الإرهابي، الذي ينطلق خطره إلى تونس أو أوروبا، بعد تدريب عناصره على الأراضي الليبية؟