سياسة

اليورانيوم يشعل الخلاف بين النيجر وفرنسا


 يُشكل اليورانيوم محور صراع بين النيجر وفرنسا في أحدث حلقة من حلقات التوتر بين نيامي والقوة الاستعمارية السابقة التي تجد نفسها في مأزق بعد أن أنهى البلد الواقع في الساحل الأفريقي عقودا من استغلال شركات فرنسية لموارده الطبيعية.

واتهمت الحكومة النيجرية فرنسا بالسعي إلى حرمانها من بيع اليورانيوم، مشيرة إلى أن شركة “أورانو” الفرنسية لجأت إلى القضاء لتسوية نزاعات مع نيامي بعد عقود من استخراج المعدن.

بدوره، شدد رئيس الوزراء النيجري علي محمد الأمين زين على تمسك بلاده بحقها في إدارة مواردها الطبيعية بعيداً عن الضغوط الخارجية، لا سيما بعد تأميم فرع الشركة المحلي “سومير” في يونيو/حزيران الماضي.

وتعتمد فرنسا بشكل كبير على الطاقة النووية لتوليد الكهرباء وكانت النيجر تاريخياً مصدرًا حيويًا لإمدادات اليورانيوم الفرنسية والأوروبية. وغطت نيامي حوالي 25 بالمئة من احتياجات الاتحاد الأوروبي من هذا المعدن عام 2023.

ورغم أن باريس لديها حاليًا مخزونات متنوعة وكافية لأكثر من ثلاث سنوات، فإن فقدان مصدر تاريخي مثل النيجر يثير مخاوف بشأن أمن الطاقة على المدى الطويل.

وعلى الرغم من أن نيامي هي سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، إلا أنها لا تزال واحدة من أفقر دول العالم. ويمثل هذا المعدن موردًا حيويًا للإيرادات والعملة الصعبة.

واعتبرت الحكومة النيجرية في وقت سابق أن عقود الاستغلال السابقة، التي كانت تقودها الشركة الفرنسية “أورانو”، لم تُترجم إلى فوائد حقيقية للسكان، مما عمق شعور العداء تجاه باريس.

ويرى العديد من النيجريين أن الشركات الفرنسية التي سيطرت على حصة الأغلبية في مناجم مثل “سومير”، استفادت من إعفاءات ضريبية وعقود غير عادلة، مما سمح لفرنسا بالازدهار وتوليد الكهرباء الرخيصة بينما عانت النيجر من الفقر ونقص الكهرباء.

وأكد المحلل السياسي إيريك إيزيبا أن الاتهامات المتبادلة بين نيامي وباريس تعمّق الخلافات وتدفع العلاقات نحو قطيعة، موضحاً أن اليورانيوم أصبح محور النزاع بعد مساعي النيجر لتأميم ثروتها، في وقت تواجه البلاد صعوبات حقيقية في استغلال مواردها وسط معارك قضائية طويلة، وفق موقع “أخبار شمال إفريقيا”.

وأعلنت السلطات العسكرية في بداية الأزمة عن تعليق صادرات اليورانيوم إلى فرنسا، على الرغم من أن السوق العالمية متنوعة، في وقت تسعى فيه النيجر إلى التوجه نحو شركاء جدد مثل روسيا وإيران.

وأدت الأزمة إلى زيادة مؤقتة في أسعار اليورانيوم العالمية، مما يعكس حساسية السوق تجاه اضطرابات الإمدادات، لكن تنوع المصادر قلل من التداعيات المالية على فرنسا.

ويهدد طرد الشركات الأجنبية الاقتصاد النيجري على المدى القصير، حيث كانت المؤسسات الفرنسية تساهم بشكل كبير في الميزانية المحلية والتوظيف. ويطرح تحديات حول قدرة النيجر على إدارة وتشغيل المناجم بكفاءة دون خبرة واستثمارات الشركات الكبرى.

ويُنظر إلى الأزمة على نطاق واسع كجزء من موجة أوسع من “قومية الموارد” في منطقة الساحل، حيث تتحدى الحكومات العسكرية الجديدة النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى