انقلاب ناعم في مدغشقر.. البرلمان يعزل الرئيس والجيش يسيطر على الحكم

تطورات متلاحقة في مدغشقر مع إعلان البرلمان عزل رئيس البلاد وتولي الجيش مسؤولية الحكم في البلاد.
وقال الكولونيل مايكل راندريانيرينا للإذاعة الوطنية: “تولينا السلطة”، مضيفا أن الجيش حل جميع المؤسسات باستثناء مجلس النواب في البرلمان الذي صوت على عزل الرئيس أندري راجولينا قبل دقائق فقط من إعلان راندريانيرينا.
وكان راندريانيرينا قاد تمردا لجنود انضموا إلى المحتجين من (الجيل زد) المناهضين للحكومة.
وأعلن القادة العسكريون في مدغشقر، الثلاثاء، تعليق عمل مجلس الشيوخ والمحكمة الدستورية العليا والهيئة الانتخابية ومؤسسات حكومية أخرى، بعد إعلانهم الاستيلاء على السلطة في الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي.
وانتقلت الأزمة السياسية في مدغشقر من الشارع إلى مواجهة على مستوى المؤسسات، إذ أصدر الرئيس أندري راجولينا المتمسك بالسلطة الثلاثاء مرسوما بحّل الجمعية الوطنية، مستبقا بذلك تصويتا يهدف إلى تنحيته عن منصبه في خضمّ احتجاجات شعبية ضده.
وبعد أن أضعفه انضمام الجيش في نهاية هذا الأسبوع إلى الاحتجاجات التي تشهدها مدغشقر، ولجوئه إلى مكان مجهول، استبعد راجولينا استقالته في خطاب بُثّ مباشرة عبر فيسبوك، هو الأول له منذ هذا التطوّر، وحضّ فيه على “احترام الدستور”.
وأعيد انتخاب راجولينا في 2018 و2023 في انتخابات شهدت معارضة ومقاطعة واسعتين.
وكان راجولينا الذي انتُخب عام 2018 ثم وسط مقاطعة المعارضة عام 2023 لولاية من خمس سنوات، مُهدّدًا بتصويت يستهدف تنحيته لـ”عجزٍ مؤقت”، وهو قرار يتطلّب غالبية الثلثين في الجمعية الوطنية.
وجاء في مرسومٍ نُشر على صفحة الرئاسة على “فيسبوك” وأكّدت أوساط الرئيس لوكالة فرانس صحته: “عملا بأحكام المادة 60 من الدستور، تُحلّ الجمعية الوطنية”.
وفي منشور لاحق على وسائل التواصل الاجتماعي، علّل خطوته بأنها “قرار ضروري لإعادة النظام إلى بلدنا وتعزيز الديمقراطية”.
وكان نواب من المعارضة يؤكدون أنهم تمكنوا من جَمع ما يكفي من التواقيع لإجراء تصويت خلال جلسة استثنائية تُعقد الثلاثاء، معللين هذه الخطوة بحصول شغور في السلطة، نظرا إلى أن رئيس الدولة غادر مدغشقر الأحد بطائرة عسكرية فرنسية، وفقا لإذاعة فرنسا الدولية.
آلاف المتظاهرين
وكانت وحدة “كابسات” في الجيش والتي أدت عام 2009 دورا رئيسيا في إيصال راجولينا إلى السلطة بانقلاب أعقب حراكا شعبيا، دعت في نهاية هذا الأسبوع قوات الأمن إلى “رفض إطلاق النار” على المتظاهرين، ثم انضمت إلى المحتجين في وسط العاصمة.
وما لبثت معظم القوات المسلحة أن حذت حذوها، ومن بينها قوات الدرك التي كانت سابقا في طليعة قمع المظاهرات.
وأفادت الأمم المتحدة بمقتل 22 شخصا على الأقل وإصابة نحو 100 بجروح في الأيام الأولى للتظاهرات.
وينص الدستور على وجوب إجراء الانتخابات التشريعية “بعد ستين يوما على الأقل وتسعين يوما على الأكثر من إعلان حل الجمعية الوطنية”.
وفاقمت هذه التطورات غموض الوضع في هذه الجزيرة الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي، حيث تجمع آلاف المتظاهرين مجددا الثلاثاء في أنتاناناريفو.
وكما هي الحال منذ 25 سبتمبر/أيلول، يغلب على التظاهرات شباب حشدتهم جماعة “الجيل زد”، وانضم إليهم موظفون حكوميون دعتهم نقابات عدة إلى الإضراب ومحتجون من مختلف الأعمار.
كذلك انتشرت اللافتات المعادية لفرنسا، بحسب ما لاحظ فريق وكالة فرانس برس في عاصمة مدغشقر، ومما كُتب عليها: “اخرجي يا فرنسا”، “ويا راجولينا وماكرون اخرجا”.
وخلال مشاركته في قمة حول غزة في منتجع شرم الشيخ في مصر، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اليوم السابق ردّا على سؤال في شأن تهريب أندري راجولينا “لا أؤكّد شيئا اليوم”.
ولمدغشقر تاريخ طويل من الانتفاضات الشعبية التي أعقبتها تولّي حكومات عسكرية انتقالية السلطة.
ويعيش 80 بالمئة على الأقلّ من سكان مدغشقر البالغ عددهم 32 مليون نسمة بأقلّ من 15 ألف أرياري يوميا (2,80 يورو)، أي تحت خط الفقر الذي يحدده البنك الدولي.