المغرب العربي

بالاستباق والإصلاح..المغرب يتصدى للإرهاب رائدة تعدد أبعادها


تعتمد المملكة المغربية منذ سنوات استراتيجية متكاملة لمحاربة الإرهاب والتطرف، ذات محاور وأبعاد متعددة.

وأوضح الشرقاوي حبوب، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في حوار عممته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المملكة ومنذ عام 2001 تنخرط بشكل لا مشروط ومباشر إلى جانب دول التحالف في محاربة الإرهاب.

ولفت إلى أنه على هذا الأساس أصبحت المملكة المغربية هدفا للتنظيمات الإرهابية العالمية، خصوصا بعد الأحداث الدامية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في 16 مايو/أيار 2003.

استراتيجية وطنية

وأوضح حبوب أنه تحت القيادة الرشيدة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، اعتمدت المملكة استراتيجية وطنية ترتكز على مقاربة أمنية شاملة متعددة الأبعاد محورها الأساسي الاستباقية والوقاية، وذلك في احترام تام لسيادة القانون ومبادئ حقوق الإنسان.

وشدد على أن هذه الاستراتيجية لم تكتف فقط بالمقاربة الأمنية، بل شملت كذلك الإصلاح وإعادة الهيكلة لعدة جوانب، شملت القانونية والأمنية والسوسيو-اقتصادية والدينية، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي.

وقال إن المملكة المغربية عززت ترسانتها القانونية، حيث تم إصدار القانون 03-03 المؤرخ في 28 مايو/أيار 2003، والمتعلق بمكافحة الإرهاب.

وأوضح أنه بموجب الفصل 1-218 ، تعتبر الجرائم أفعالا إرهابية إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام عن طريق التخويف أو الترهيب أو العنف، وهنا تكون الجريمة الإرهابية قائمة بمجرد توفر القصد الجنائي.

أما فيما يخص الجانب الأمني، فقد اعتمدت المملكة البطاقة الوطنية الإلكترونية وجواز السفر البيومتري، وذلك تحسبا ودرءا لكل خطر قد يأتي من وراء تزييف وتزوير هذه البطائق من طرف التنظيمات الإرهابية، كما تم نشر عناصر عملية (حذر) في المواقع الحساسة.

وفي نفس الإطار تم استحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 20 مارس/آذار 2015.

وهنا حدد مجالات عمل المكتب بموجب المادة 108 من قانون “المسطرة الجنائية”.

وتنص هذه المادة، بحسب المتحدث على أن المكتب ينظر في جرائم الإرهاب والعصابات الإجرامية والقتل والتسميم والمخدرات والمؤثرات العقلية وتزوير العملة وسندات القرض العام، وكذا جرائم حماية الصحة العامة والأسلحة والذخيرة والمتفجرات والاختطاف واحتجاز الرهائن.

جوانب متعددة

وفيما يتعلق بالجانب السوسيو-اقتصادي، فقد تم تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس سنة 2005، وذلك بالخصوص من خلال إطلاق مشاريع مدرة للدخل، وإحداث مدارس ومستشفيات وبنيات تحتية تتوخى محاربة الهشاشة والفقر.

وبالنسبة للمجال الديني، فإن المملكة المغربية أعادت هيكلة الحقل الديني من خلال وضع المساجد وكافة أماكن العبادة تحت الوصاية الكاملة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما تم توحيد الهيئة المكلفة بالإفتاء، حيث أصبحت الفتوى من اختصاص المجلس العلمي الأعلى الذي يترأسه الملك، إلى جانب تأسيس معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات والذي اضطلع بدور كبير في ترسيخ ثقافة الإسلام المعتدل.

وفي إطار الدبلوماسية الدينية التي نهجتها المملكة، وفي إطار تعاون جنوب-جنوب، تم إحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، التي تحظى بالرئاسة الفعلية للعاهل المغربي الملك محمد السادس.

وكشف أن من بين أدوار هذه المؤسسة توحيد الرؤى وتبادل وتنسيق جهود العلماء المسلمين، بكل من المغرب وباقي الدول الأفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها، وتبادل الأفكار والطاقات العلمية وتأطير وتكوين الطلبة عدد من البلدان الأفريقية.

إلى ذلك، لفت حبوب إلى أن مسألة إدماج السجناء تكتسي أهمية كبيرة في هذا المجال، إذ تم إطلاق برنامج مصالحة التأهيلي والموجه للمعتقلين في إطار قضايا التطرف والإرهاب، وذلك بمبادرة من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج باعتبارها فاعلا أساسيا في هذا الإطار، وذلك بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والرابطة المحمدية لعلماء المغرب، علاوة على خبراء مختصين، بغرض المصالحة مع النفس وفهم الدين بالشكل الصحيح.

تعاون مثمر

وأكد الشرقاوي حبوب أنه فيما يخص التعاون بين كافة الأجهزة الأمنية الوطنية، فإن السياسة الأمنية للمملكة “حاليا تعرف نجاحا وانسجاما كبيرين، وذلك بفضل التنسيق الأمني المعتمد من طرف مختلف أجهزتها الأمنية”.

وشدد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني اللتين تعدان قطبا الأمن يرأسهما عبداللطيف الحموشي، مما كان له الأثر الكبير في التصدي للجريمة بجميع أشكالها، حيث تم تفكيك عدة عصابات إجرامية وشبكات في مجال الهجرة السرية والاتجار الدولي في المخدرات، وذلك بفضل المعلومات القيمة التي تقدمها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.

من جهة أخرى، يضيف حبوب أن هناك تعاونا “مثمرا متكاملا ولا مشروطا” وتنسيقا على مدار السنة بين مختلف الأجهزة الأمنية الداخلية الأخرى على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي، وهو تعاون قائم على المستوى الأفقي والعمودي لتدارس كافة القضايا وتبادل المعلومات التي من شأنها مواجهة أي خطر محتمل في أسرع وقت، مما مكن المغرب من اكتساب الريادة في هذا المجال.

انخراط دولي

الشرقاوي، أكد في حواره أنه منذ أحداث سبتمبر 2001، انخرطت المملكة ولا تزال بشكل دائم ومستمر ولا مشروط في التعاون الدولي، إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الخطر الإرهابي، إذ وقعت وصادقت على كافة المواثيق والاتفاقيات القانونية والمعاهدات الأممية التي تصب في هذا الاتجاه.

وفي هذا الصدد، أشار إلى التعاون الأمني والتنسيق الاستخباراتي بين المغرب والولايات المتحدة “التي تربطنا معها شراكات جدا متميزة وعريقة وتاريخية”، حيث تم بفضل التنسيق بين المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وجهاز الاستخبارات الأمريكية تفكيك خلية إرهابية بمدينة وجدة خلال شهر مارس 2021 تتكون من 4 عناصر.

وأضاف أن المديرية وفي إطار استراتيجتها وعملها الدؤوب، زودت مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بمعلومات قيمة في شهر يناير 2021 بخصوص الجندي الأمريكي كول بريدجز الذي تم اعتقاله.

علاوة على ذلك، فإن هناك تعاونا مع السلطات الأمنية بكل من فرنسا وإسبانيا، مما مكن من تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية.

كما تم بين سنوات 2014 و2020، تحقيق تعاون أمني مغربي-إسباني من خلال تبادل المعطيات والخبرات والمعلومات، مكن من إرساء “شراكة جد مثمرة “في هذا المجال أثمرت عن تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية.

حصيلة مشرفة

وكشف المتحدث أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية، باعتباره الذراع القضائية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قام منذ إحداثه سنة 2015 بتفكيك 84 خلية إرهابية منها 78 خلية لها علاقة بما يسمى تنظيم (داعش) و6 خلايا لها علاقة بما يطلق عليه “الاستحلال والفيء”، والتي تشرعن أنشطتها الإجرامية بغرض تمويل أهداف إرهابية تنطوي على المس الخطير بالنظام العام.

كما تم تقديم 1357 شخصا لهم علاقة بالإرهاب والتطرف إلى العدالة، إلى جانب 14 امراة و34 قاصرا، علاوة على تقديم 137 من العائدين إلى المملكة، منهم 115 أتوا من الساحة السورية-العراقية، و14 أتوا من فرع تنظيم (داعش) بليبيا و8 عناصر تمت إعادتهم إلى أرض الوطن بمبادرة وتنسيق بين المملكة والولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى