برئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي.. المغرب يتوج نجاحاته الدبلوماسية
يتولى المغرب الذي تم انتخابه عضوا في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي للفترة 2022-2025 ، رئاسة المجلس ليقوده في مهمة تعزيز السلم والأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، بما تعنيه هذه الرئاسة من اعتراف بدور المملكة الريادي على مستوى تأمين القارة ومحاصرة مختلف أشكال النزاعات والتوترات داخلها.
وتندرج الرئاسة المغربية للمجلس في إطار استمرارية التزامات المملكة من أجل أفريقيا تنعم بالسلام والاستقرار والازدهار، وتشكل تتويجا لجهود دبلوماسية الرباط على مستوى القارة الأفريقية، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس لصالح الاستقرار في أفريقيا.
وتتمحور هذه الولاية الثانية حول النهوض بمقاربات جديدة لرفع تحديات السلم والأمن والتنمية بإفريقيا. وأكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا محمد عروشي، أن رئاسة المغرب للمجلس ستسترشد بالرؤية الملكية للعمل الإفريقي المشترك، والتي تضع القضايا النبيلة لإفريقيا والمصالح الحيوية للمواطن في صلب الأجندة الإفريقية. وتأتي في سياق تواجه فيه إفريقيا تحديات أمنية متنامية تتطلب استجابات مبتكرة وشاملة.
وتثير السياسة المغربية بأفريقيا اهتماما إعلاميا وسياسيا متزايدا، فقد تعزز رصيد الرباط من المصداقية في غرب ووسط أفريقيا، فهي أول مستثمر فيه ولها حضور قوي على المستوى الدبلوماسي والديني.
كما تساهم رئاسة المغرب اليوم للمجلس بإيضاح حقيقة النزاع المفتعل في الصحراء للعديد من البلدان الإفريقية ودفعها إلى تغيير موقفها حيال القضية، واتخاذ مواقف تتوافق مع الشرعية ومقترح الحكم الذاتي المغربي بوصفه جديا وذا مصداقية، حيث يتزايد عدد الدول التي قامت بافتتاح قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية. بعد أن كانت جبهة بوليساريو الانفصالية تمارس جهودا مكثفة للدعاية ونشر مزاعمها في المجلس الأفريقي كمحاولة لاكتساب شرعية مزعومة.
وتعد رئاسة المغرب لمجلس السلم والأمن الثالثة منذ عودته إلى الاتحاد الإفريقي في يناير 2017. وقد سبق للمملكة أن ترأست هذه الهيئة في سبتمبر/أيلول 2019 خلال ولايتها الأولى في هذا المجلس (2018-2020)، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022 في إطار الولاية من ثلاث سنوات (2022-2025)، كما أن هذه الرئاسة الثالثة تأتي في سياق استمرارية الجهود الموصولة التي تبذلها المملكة من أجل السلم والأمن والتنمية في إفريقيا.
وشدد عروشي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على أهداف المملكة في تعزيز الحوار والتعاون الإفريقي والمقاربة متعددة الأبعاد في مجال حفظ السلم، وتعزيز التعاون القاري والدولي، والقضايا الإنسانية وتقاسم التجربة المغربية. مشيرا إلى أنه من الواضح أن الحلول العسكرية وحدها ليست كافية لضمان السلم والأمن الدائمين وضرورة إدراج الوضع الأمني في سياق أوسع يدمج التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهدف ضمان فعالية وكفاءة العمل الإفريقي في تدبير حالات النزاع.
وتشكل رئاسة المملكة لمجلس السلم والأمن امتدادا لانخراطها الرامي لمواجهة مختلف التحديات الأمنية التي تهدد القارة الإفريقية، والعمل على الترابط الوثيق بين السلم والأمن والتنمية، كما نصت على ذلك أعمال المؤتمر السياسي القاري الأول للاتحاد الإفريقي الذي عقد بمدينة طنجة في أكتوبر/شباط 2022.
وأكد عروشي أن التشجيع على نهج مقاربة متعددة الأبعاد تجمع بين الأمن والتنمية والعدالة الاجتماعية كأسس لإرساء سلام شامل ودائم يعد هدفا رئيسيا للرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن. مشددا أن رئاسة المملكة للمجلس تولي أهمية خاصة للقضايا الإنسانية، من قبيل حماية الأطفال والنساء في مناطق النزاع، وتعزيز الأمن الغذائي والصحي، داعيا إلى تعزيز الجهود الإفريقية والدولية لمعالجة هذه القضايا بشكل فعال.
كما سلط الضوء على تقاسم الخبرات المغربية باعتبار أن المملكة لديها خبرة طويلة في مجال تدبير التحديات الأمنية والتنموية، وقادرة على تقديم نموذج للتعاون وحلول مبتكرة في إفريقيا. والمغرب سيعمل على تعزيز الحوار والتعاون بين الدول الإفريقية، وكذلك مع الشركاء الدوليين.
واختار المغرب التوجه نحو عمقه الافريقي للمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لكل الأفارقة. وتكلل هذا التوجه بتعزيز شراكاته الاقتصادية في العديد من المجالات.
وتتزامن الرئاسة المغربية لمجلس الأمن والسلم، مع انعقاد القمة الـ37 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، التي تقترح في برنامجها الشهري اجتماعا وزاريا لمجلس الأمن والسلم حول موضوع “الربط.. السبيل نحو تعزيز السلم والأمن والاندماج بإفريقيا”.
ويتضمن البرنامج الشهري لرئاسة المغرب سلسلة من اجتماعات الممثلين الدائمين للتداول حول مواضيع ذات أولوية بالنسبة لإفريقيا والتي يمتلك فيها المغرب خبرة طويلة. ويتعلق الأمر بقضايا ترتبط بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والأمن الصحي وعلاقته بالسلم والأمن، والعدالة الانتقالية وتوطيد السلام في فترة ما بعد النزاع، والوقاية ومكافحة تجنيد الأطفال، إضافة إلى متابعة مؤتمر طنجة حول تعزيز الارتباط بين السلم والأمن والتنمية.
وفي إطار مقاربة مبتكرة تهدف إلى رسم معالم استراتيجية جديدة للمنظمة الأفريقية، من أجل رفع التحديات المتعلقة بالسلام والأمن، يطمح المغرب إلى إيجاد أجوبة جماعية للعديد من المواضيع العالمية والإقليمية، حيث ستكون مواضيع الإرهاب والتغير المناخي والأمن الغذائي والوضع في الساحل مدرجة على جدول أعماله. كما سيتم أيضا في ظل الرئاسة المغربية عقد عدة اجتماعات مهمة، لا سيما تلك التي يتم خلالها إشراك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ودراسة التقارير المتعلقة بوضعية السلام في أفريقيا، وتنفيذ خارطة الطريق الرئيسية للاتحاد الأفريقي.
ويتصدر المغرب قائمة البلدان المغاربية الأكثر مشاركة في قوات حفظ السلام المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة في عدد من بؤر التوتر في العالم، حيث يشارك بأكثر من 1700 جندي وأمني.
ووضع تقرير حديث لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام بعنوان “عمليات السلام متعددة الأطراف سنة 2022: التطورات والاتجاهات”، المغرب ضمن الدول الإفريقية الأكثر مساهمة في عمليات حفظ السلام التي ترعاها الأمم المتحدة بمختلف مناطق النزاع بالعالم. وساهم المغرب حسب التقرير ذاته، بما يصل إلى 1716 جنديا في عمليات حفظ السلام المختلفة في إفريقيا والعالم سنة 2022.