بعد إحكام الدعم السريع حصارها لمقر قيادة الجيش استسلام عشرات الضباط
فرضت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو “حميدتي” حصارا. مشددا على مقّر قيادة الجيش السوداني أدى إلى استسلام العشرات من قياداته من رتب عليا. ما يؤشر على اقترابها من حسم المعركة لصالحها.
وتأتي هذه التطورات بينما تستمر مفاوضات غير مباشرة في جدة بين ممثلين عن قائدي الجيش وقوات الدعم السريع بمبادرة أمريكية سعودية مشتركة يعلّق عليها السودانيون آمالا عريضة لإنهاء القتال الذي أودى بحياة المئات. فيما ذكر مصدر دبلوماسي سعودي أنها لم تحقق حتى الآن تقدما كبيرا.
وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك أن “130 من العناصر التي كانت متواجدة داخل القيادة العامة للجيش السوداني سلموا أنفسهم”. مشيرة إلى أنهم “أقروا بحدوث انهيار تام للقوات المتواجدة بالقيادة العامة وأن جميعهم يبحثون عن مخرج آمن”. لافتة إلى أنهم “اعترفوا بارتكاب فظائع بتنفيذ تصفيات جسدية لكل من يحاول الهرب من الحصار وتكبيل أعداد كبيرة منهم بالسلاسل”.
ورجّحت معلومات أن يكون قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان من بين المحاصرين داخل مقر القيادة العامة، لكن لا توجد معطيات دقيقة منذ اندلاع النزاع حول مكان اختبائه. وأفادت بيانات سابقة للجيش بأن قائده يدير المعركة من مقر القيادة.
بدوره قال الجيش السوداني في بيان اليوم الاثنين إنه “يخوض معركة العزة والكرامة لإنهاء التمرد”، مطالبا المواطنين بالابتعاد عن مناطق الاشتباكات. متهما قوات الدعم السريع بـ”اتخاذ المواطنين دروعا بشرية بالاحتماء بالأحياء السكنية والمرافق الصحية”.
ودعا البيان المواطنين إلى “تجنب مناطق الاشتباكات قدر المستطاع وتجنب التعامل مع الأسلحة والذخائر ومخلفات المعارك”.
وتلبية لمبادرة سعودية-أميركية، أرسل القائدان العسكريان ممثلين عنهما إلى مدينة جدة السبت لعقد مباحثات وصفتها واشنطن والرياض بـ”المحادثات الأولية”.
وأفاد دبلوماسي سعودي فرانس برس بأنّ “المفاوضات لم تحرز تقدما كبيرا حتى الآن”. متابعا أنّ “وقفا دائما لإطلاق النار ليس مطروحا على الطاولة. كل جانب يعتقد أنه قادر على حسم المعركة”.
وأفاد شهود عيان بأن اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش والدعم السريع في أحياء شمبات والحلفايا بمدينة بحري شمال الخرطوم. مؤكدين أن انفجارات قوية دوت في هذه المناطق وكذلك سماع دوي أسلحة ثقيلة وتحليق للطائرات العسكرية وسماع أصوات مضادات للطائرات.
وللأسبوع الرابع على التوالي، لازم سكان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة منازلهم في ظل شح في موارد الماء والغذاء وسط ذعر وارتباك من الأعيرة النارية الطائشة.
وذكر الجيش السوداني في وقت سابق أنّ وفده إلى المفاوضات “لن يتحدث سوى عن الهدنة وكيفية تنفيذها بالشكل المناسب لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية”.
ووصل مفوّض الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث الأحد إلى جدة في محاول للقاء ممثلي طرفي النزاع، إلا أنّ دوره في المفاوضات غير واضح حتى الآن.
وقالت متحدثة باسم غريفيث الأحد إنّه يسعى لبحث القضايا الإنسانية المتعلقة بالسودان. في حين أفاد مسؤول ثان في الأمم المتحدة فرانس بأن المسؤول الأممي “طلب الانضمام للمفاوضات”. مشيرا إلى أنه لم تتم الموافقة على طلبه بعد.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اجتماعا في 11 مايو لمناقشة تأثير المواجهات في السودان على حقوق الإنسان. في وقت يعتقد فيه خبراء أن الحرب قد تطول مع عدم قدرة أي الطرفين على حسمها ميدانيا.
وأسفرت المعارك الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع عن سقوط 750 قتيلا وخمسة آلاف جريح حسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (أيه سي إل إي دي). فضلا عن نزوح 335 ألف شخص ولجوء 117 ألفا إلى الدول المجاورة.
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري استقبال مصر “منذ بداية الأزمة أكثر 57 ألفا من الاشقاء السودانيين فضلا عن مساهمتها في إجلاء أكثر من أربعة الاف مواطن أجنبي”. فيما أفادت الأمم المتحدة بفرار 30 ألف سوداني إلى تشاد و27 ألفا إلى جنوب السودان. وكان أكثر من 90 في المئة منهم من جنوب السودان. وتقول المفوضية إن الرقم الحقيقي ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.
وتخشى وكالات الإغاثة من أن يؤدي هذا التدفق للاجئين إلى تفاقم أزمة إنسانية متردية بالفعل في جنوب السودان. الذي يوجد به أكثر من مليوني نازح ويحتاج ثلاثة أرباع سكانه البالغ عددهم 11 مليون نسمة إلى المساعدات.
وتأتي محادثات جدة بعد سلسلة من مبادرات إقليمية عربية وأخرى أفريقية قامت بها خصوصا دول شرق القارة عبر منظمة ايغاد للتنمية، لم تثمر.
كذلك يسعى الاتحاد الافريقي إلى التهدئة بين الطرفين، خصوصا مع استنفاده آخر بطاقات الضغط على السودان بتعليق عضويته عام 2021. بعدما نفذ البرهان انقلابا عسكري أطاح فيه بالمدنيين من الحكم.