بعد انهيار الجبهة الاستخباراتية.. الحوثيون يرفعون سيف الإعدام لاستعادة السيطرة
اتهمت الحكومة اليمنية، الحوثيين بإصدار أحكام إعدام وسجن بحق 17 يمنيا عبر “محاكمات صورية” تفتقر لأي صفة قانونية، في حين أكدت مصادر إعلامية أن الأحكام تأتي في ظل اختراقات أمنية متواصلة إثر تلقيها ضربات كبيرة أحرجت السلطات الحوثية التي تسعى لاستعادة هيبتها أمام اليمنيين.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، إن الأحكام التي أعلنتها الميليشيا اعتمدت على “تهم مختلقة واعترافات مفبركة انتُزعت تحت التعذيب والضغط النفسي والجسدي”، مؤكداً أن ما يجري لا يمتّ لمعايير العدالة بصلة.
وأضاف الإرياني، في منشور على منصة إكس، أن نشر الحوثيين اعترافات تلفزيونية متزامنة مع تسريع الجلسات القضائية يمثل محاولة لإظهار “انتصارات إعلامية وهمية” والتغطية على “الانهيار الأمني” والاختراقات التي تضرب صفوف الميليشيا وأجهزتها العسكرية.
ووصف الوزير اليمني هذه المحاكمات بأنها امتداد لـ”حملة التصفيات” التي تنفذها الميليشيا تحت ذريعة “التخابر”، معتبراً أنها أداة لقمع الأصوات المخالفة وتصفية الخصوم وفرض أجواء من الترهيب داخل المجتمع معتبرا أن ما يجري ليس سوى “مسرحية مكتملة الأركان”.
● ندين بأشد العبارات إصدار مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، أوامر بإعدام 17 مواطناً، والحكم بحبس آخرين بمدد متفاوتة، في محاكمات صورية أمام محكمة منعدمة الولاية، استندت إلى تهم ملفقة واعترافات مفبركة انتزعت تحت التعذيب والضغط النفسي والجسدي، في تمادي جديد يكشف حجم الانهيار…
— معمر الإرياني (@ERYANIM) November 22, 2025
وذكرت وكالة الأنباء “سبأ” التابعة لللحوثيين أن المحكمة الجزائية المتخصصة بأمانة العاصمة عقدت جلسة النطق بالحكم في “قضايا خلايا التخابر ضمن شبكة التجسس التابعة للمخابرات الأميركية والإسرائيلية والسعودية” بحق 17 مواطناً يمنياً كما حُكم على متهمين آخرين بالسجن لمدة عشر سنوات.
وبحسب الوكالة الحوثية، ستُنفَّذ أحكام الإعدام رمياً بالرصاص وفي مكان عام بهدف الردع. واتُّهم المحكومون بتزويد تلك الدول بمعلومات ساعدت في تحديد مواقع قيادات حوثية وأهداف عسكرية. واستمرت جلسات المحاكمة نحو أسبوعين فقط.
وكانت النيابة العامة، وجهت للمدانين تهمة “التخابر مع دول أجنبية في حالة عداء مع اليمن خلال الفترة 2024 – 2025، وهي السعودية وبريطانيا وأميركا، والتجسس لصالحهم عبر ضباط من مخابرات تلك الدول والموساد الإسرائيلي، الذين أداروهم استخباريًا، وزوّدوهم بوسائل تواصل مشفّرة، وتطبيقات لتحديد المواقع، ودورات على استخدام الكاميرات السرية وربطها ببرامج البث المباشر”.
وبحسب الوكالة الحوثية “زوّد المدانون، الأعداء بمعلومات عن عشرات المواقع الخاصة بقيادات الدولة وتحركاتهم وأسرار تتعلق بالأوضاع السياسية والعسكرية والأمنية، ومعلومات عن الصواريخ، وأماكن إطلاقها وتخزينها، وحرضّوا وساعدوا على استقطاب وتجنيد عدد من المواطنين، وزرعوا كاميرات مراقبة، وتلقوا مقابل ذلك مبالغ مالية، ما أدى إلى استهداف عدة مواقع عسكرية وأمنية ومدنية، نتج عنها مقتل العشرات وتدمير بنية تحتية واسعة”.
وتأتي هذه التطورات في ظل حالة ارتباك عميق داخل قيادة الحوثيين منذ الضربات الإسرائيلية في يونيو\حزيران وأغسطس\آب الماضيين، والتي كشفت هشاشة المنظومة الأمنية والاستخباراتية للحوثيين، مما أدى إلى “هزة كبيرة” داخل بنيتهم الأمنية والتنظيمية.
وقد شدّد الحوثيون مؤخراً الإجراءات الأمنية على السكان المحليين، ومنعوا تصوير المواقع المستهدفة وهددوا من يفعل ذلك باعتباره “خدمة للعدو”. كما شُنّت حملات اعتقال واسعة في عدد من المناطق، ووصلت القيود إلى حد منع إقامة الجنازات أو مراسم العزاء لقتلى الجماعة إلا في مناطق نائية بعيداً عن الإعلام.
وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، زعمت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين أنها ضبطت “شبكة تجسس” تابعة لغرفة عمليات مشتركة تضم أجهزة استخبارات أميركية وإسرائيلية وسعودية، وادعت إن مقرها في السعودية. ووفق البيان، فقد أنشأت الشبكة خلايا تجسس داخل اليمن وقدمت لها تدريباً ومعدات، وساهمت في تزويد واشنطن وتل أبيب بمعلومات عن مواقع جرى استهدافها.
ويرى وزير الإعلام اليمني أن هذا التصعيد يعكس اتجاهاً منهجياً يستهدف العاملين في المنظمات الأممية والإنسانية، الذين يُتهمون زوراً بالتجسس، في محاولة للضغط عليهم والسيطرة على العمل الإغاثي، محذراً من أن استمرار الحوثيين في هذا المسار قد يفتح الباب أمام موجة جديدة من الإعدامات الجماعية، ويجعل موظفي الأمم المتحدة المختطفين في صدارة الضحايا.
ودعا الوزير المبعوث الأممي إلى اليمن، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والمنظمات الدولية المعنية، إلى اتخاذ موقف واضح من هذه “المحاكمات الصورية” والتحرك الفوري لوقف تنفيذ الأحكام والإفراج عن المختطفين.
وكانت المحكمة الجزائية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء قد أصدرت، حكماً بإعدام 17 يمنياً رمياً بالرصاص، إضافة إلى سجن رجل وامرأة لمدة عشر سنوات، بتهمة “التجسس لصالح دول أجنبية”، بعد جلسات مستعجلة لم تتجاوز أسبوعين.
