سياسة

بعد ثمانية أعوام من الإطاحة بهم.. إخوان مصر إلى أين؟


لا تزال جماعة الإخوان المسلمين بمصر تبحث عن مستقبل لها ومكان يضمن أمن عناصرها وضمان استمرار ممارسة أنشطتها، بعد ثماني سنوات من إزاحتها عن الحكم، وسط أحكام قضائية نهائية بإعدام عدد من قياداتها في مصر.

وتعتبر الشهور القليلة الماضية الأكثر حساسية خلال السنوات الخمس الأخيرة، في مسيرة الجماعة، مع إلقاء القبض على محمود عزت القائم بأعمال المرشد، وتوقف نوافذها الإعلامية التي تبث من تركيا، وتضييق خانق على أنشطتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في مصر وعدة دول عربية، بحسب ما يرى متابعون لشؤون الإخوان المسلمين ومحللون سياسيون.

وفي هذا السياق، قال إبراهيم منير، رئيس لجنة إدارة جماعة الإخوان المسلمين الذي يعيش في لندن ويقوم بأعمال المرشد العام للجماعة بعد سجن قياداتها، إنه يرجح أن تستمر علاقة الجماعة مع قطر وتركيا رغم التقارب المصري مع النظامين، مضيفا أن عناصر الجماعة في كلا البلدين متوافقون مع النظام ومع القوانين، قائلا: لا أعتقد أن شيئا كبيرا سيتغير في العلاقة بيننا وبين قطر وتركيا، إلا أن كثيرين من أعضاء الجماعة في تركيا نشروا عبر صفحاتهم الشخصية عن تغير واضح في التعامل معهم من قبل السلطات على عدة مستويات، ما دفع بعضهم للتفكير في التوجه إلى بلدان أخرى أكثر أمنا وتعاطفا مع قضيتهم تحسبا لمزيد من التقارب المصري التركي.

وقبل أسابيع، أعلن الإعلاميان المصريان المعارضان محمد ناصر ومعتز مطر والمقيمان في تركيا، عن توقف برامجهما على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الشاشات بعد طلب من السلطات التركية، وذلك في الوقت الذي تواجه المباحثات بين القاهرة وأنقرة بعض العثرات، بينما تستأنف العلاقات الدبلوماسية إثر توقيع بيان العلا في يناير الماضي بين مصر وقطر، التي تحتضن المئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين سافروا إليها منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي.

ونقلت بي بي سي عن الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أحمد سلطان، قوله إن تركيا على وجه التحديد كانت تشكل مركز الثقل الأكبر للجماعة في استضافتها للقنوات وأغلب القيادات وأغلبهم على قوائم الإرهاب في مصر ودول أخرى، مضيفا: بوادر التقارب التركي المصري حتما سيكون لها تأثير لكن لابد وأن يوضع في الاعتبار أن أغلب قيادات الصف الأول في الجماعة حصلت على الجنسية التركية ومن ثم سيصعب تسليمهم أو محاكمتهم، وكذلك قيادات الصف الثاني وبضع مئات حصلوا على حق اللجوء من الأمم المتحدة ويعيشون في تركيا.

ويعتقد سلطان أن تركيا ستتعامل معهم على أسس إنسانية بشرط عدم تدخلهم في الشؤون السياسية أو الأمور قد تتسبب في مشكلات مع مصر، حال تحسين العلاقات وتحديد أطر ومبادئ لها.

ومن جانبه، يقول الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، إن للإخوان ملاذات أخرى غير تركيا وقطر لأنها نقلت خلال الأعوام الماضية بعض من أعضائها لعدة دول من بينها ماليزيا وإيران وجنوب إفريقيا، مضيفا أنها تعمل على إعادة هيكلة الإعلام، بحيث تطلق قنوات فضائية من دول أخرى، وتعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر من وسائل الإعلام التقليدية مثل تطبيق كلوب هاوس.

بينما تمكن الكثيرون من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان من الفرار للخارج، ألقت السلطات المصرية القبض على ألاف منهم عقب الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في يوليو عام 2013، وتعتبرهم تنظيما إرهابيا منذ نهاية عام 2013 عقب تفجير مديرية أمن المنصورة ثم صدرت أحكام قضائية وضعت الجماعة وعددا كبيرا من قادتها في قوائم الكيانات والشخصيات الإرهابية طبقا لقانون سُن في عام 2014.

ومؤخرا قضت محكمة النقض وهي أعلى درجات التقاضي في مصر في الرابع عشر من يونيو بتأييد حكم إعدام 12 شخصا من قيادات جماعة الإخوان من بينهم عبد الرحمن البر وصفوت حجازي ومحمد البلتاجي وأسامة ياسين وأحمد عارف، لإدانتهم بقضية اعتصام ميدان رابعة العدوية التي تعود وقائعها إلى أغسطس آب من عام 2013.

لا يتوقع فرغلي أن تؤثر أحكام الإعدام حال تنفيذها على استمرارية جماعة الإخوان ويرى أنه إذا كانت الجماعة في الماضي اعتمدت على استخدام أعمال العنف للرد على مثل هذه الأحكام والقرارات، فتلك المرحلة قد انتهت لأنها كانت تؤدي إلى نتائج كارثية بالنسبة لهم في الداخل، موضحا أن أقصى ما يستطيعون فعله هو استنكار أحكام الإعدامات.

ويضيف أنهم يعتمدون على سياسة الكمون للحفاظ على ما تبقى من أفراد الجماعة داخل السجن أو خارجه لذا لن تعتمد على سياسة العنف.

وفي تعقيبه على تلك الأحكام، قال طلعت فهمي المتحدث باسم الجماعة في تصريحات تلفزيونية وقتها: إن أحكام الإعدام لا تقرب آجلا وإلغاؤها لا يطيل أعمارا.

ويشير فرغلي إلى أن القاهرة ترى في هذه الأحكام محطة نهاية لجرائم كبيرة سقط فيها ضحايا من المدنيين والشرطة والعسكريين في مناطق مصر المختلفة، على حد وصفه، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان في أضعف حالاتها داخل مصر لكن ما يحدد قوتها هو وجودها في الخارج وقدرتها على تأمين رؤوس الأموال وحشد الجماهير وضم عناصر جديدة وهو ما تتمكن من فعله جماعة الإخوان.

وعن العلاقات مع القوى المعارضة في داخل مصر وخارجها، قال منير إنه لا يوجد تواصل مع قوى معارضة مصرية في الداخل لكنه أقر بوجود تواصل مع المعارضة بالخارج مشيرا إلى أنها محاولات لتنظيم العمل بينهم وبين الجماعة، مضيفا: نحن مهجرون ومسجونون.

وأحال البرلمان المصري مشروع قانون جديد يسمح بعزل الموظفين بالجهاز الإداري للدولة المصرية المنتمين لـتنظيم جماعة الإخوان المسلمين إلى مجلس الدولة للمراجعة بعد موافقة مجلس النواب عليه من حيث المبدأ.

وبحسب مشروع القانون، يجوز فصل العامل بغير الطرق التأديبية إذا أخل بواجباته الوظيفية، بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية، وإذا قامت بشأنه قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها، ويعد إدراج العامل على قائمة الإرهابيين قرينة جدية.

تحاول قيادات الجماعة في الخارج تخفيف الضغوط المتزايدة على أعضائها داخل مصر، فمؤخرا لم تعد هناك فعاليات يقوم بها أعضاء الجماعة بسبب إحكام القبضة الأمنية، وفي الخارج تتواصل إدارة الجماعة مع عناصرها مطالبة إياهم باحترام قوانين البلاد التي يعيشون فيها وفي الوقت نفس تسعى للتحرك على الصعيد الدولي والإنساني للتعامل مع أزمتها الحالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى