الشرق الأوسط

بعد صواريخ حزب الله: صحيفة أمريكية تكشف الخطوة التالية لإيران


غموضٌ إيراني بشأن الرد المحتمل على إسرائيل لا يمنع المراقبين من رصد إشارات “الانتقام”.

فعلى مدار أسابيع، حبس الشرق الأوسط والعالم أنفاسه خوفا من اندلاع حرب إقليمية شاملة، إذا قرر حزب الله الرد على اغتيال قائده البارز فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت أو قررت إيران الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، أواخر يوليو/تموز الماضي.

والأحد الماضي، تبادل الحزب وإسرائيل إطلاق القذائف والصواريخ، وبدا أن اللحظة التي يخشاها الجميع قد حانت وأن الحرب الشاملة بدأت، لكن سرعان ما أنهى الجانبان مناوشاتهما المتبادلة، وفقا لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وفي تحليل اعتبرت الصحيفة، أن هذه النتيجة كشفت عن أمر واحد وهو أن هذا الهجوم الذي شنه حزب الله كان أفضل طريقة وجدتها الجماعة اللبنانية وإيران للرد على العمليات الإسرائيلية المحرجة لهما.

ورغم أن ملامح الرد الإيراني -حال وقوعه- لا تزال مجهولة، فإن تمسك حزب الله بهجوم محدود يدفع الخبراء للاعتقاد بأنه يعكس بذلك، خطط إيران التي تفكر في كيفية تسوية حساباتها مع إسرائيل.

“الدقة والتناسب”

ونقلت “نيويورك تايمز” عن المحلل الإيراني محمد علي شعباني، قوله “يستمر الإيرانيون في إلقاء التلميحات حول ضرب هدف بدقة” معتبرا أن “الدقة والتناسب هما الآن المفتاح لكيفية النظر إلى هذا الأمر”.

وبعد أكثر 10 أشهر من حرب غزة، دخلت المنطقة الشهر الماضي مرحلة جديدة من التصعيد عندما اتهمت إسرائيل، حزب الله، بإطلاق صاروخ على ملعب كرة قدم في الجولان المحتل ما أدى لمقتل وإصابة عدد من الأطفال، وهو ما نفاه الحزب تماما.

ثم وضعت إسرائيل المنطقة على حافة الهاوية عندما اغتالت فؤاد شكر بضربة على العاصمة اللبنانية في 30 يوليو/تموز. وبعد ساعات أُعلن عن اغتيال إسماعيل هنية في قلب طهران حيث كان يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. في عملية اتهمت إيران والحركة تل أبيب بالوقوف وراءها.

ويرى علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية أنه “إذا تمكنت إسرائيل من الإفلات من العقاب على قتل حلفاء إيران في وسط طهران، فلن يكون هناك ملاذ آمن للقيادة الإيرانية في أي مكان”.

واعتبر أن “إشارة الضعف هذه للمعارضين في الداخل والخارج، أمر لا يطاق بالنسبة للقادة الإيرانيين الذين يواجهون معضلة عدم وجود طريقة لتحقيق هدف الرد بتكلفة منخفضة ودون أن يؤدي إلى نتائج عكسية”.

لكن عدم الاستجابة، كما قال، “يشكل تهديدا وجوديا بقدر مخاطر الانتقام”.

“لا هجوم منسق”

كان جزء مما أدى إلى تعقيد أي استجابة لإيران هو أنها استعرضت بالفعل قوتها العسكرية ردا على ضربة إسرائيلية استهدفت قنصليتها في دمشق، في أبريل / نيسان الماضي.

في ذلك الوقت، ردت طهران بإطلاق وابل من أكثر من 300 صاروخ وطائرات بدون طيار مسلحة على إسرائيل، لكنها بدت وكأنها أعلنت عن الهجوم قبل وقت طويل، مما منح تل أبيب والولايات المتحدة فرصة لإعداد الدفاعات الجوية وإسقاط كل شيء تقريبا تم إطلاقه.

واعتبر خبراء إقليميون أن تحرك حزب الله للتصرف أولاً وبشكل منفرد يشير إلى أن خيار الهجوم المنسق لوكلاء إيران في المنطقة، كان مستبعدا من البداية.

وفي خطابه مساء الأحد الماضي، قال الأمين العام للحزب حسن نصر الله “يُمكن للناس أن يتنفسوا ويرتاحوا”.

وأشار دبلوماسيون إقليميون إلى تصريحات بعض القادة الإيرانيين التي جاءت قبل وقت قصير من ضربات الحزب والتي ألمحت إلى هجوم وشيك لكنه محدود.

وبعد الهجوم، قال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إن الرد “لا يعني دائماً حمل السلاح؛ بل يعني التفكير الصحيح والتحدث بشكل صحيح وفهم الأشياء بدقة وضرب الهدف بدقة” وهو ما اعتبره الخبراء بأنه يشير إلى أن رد طهران لن يشبه ما حدث في أبريل/نيسان الماضي.

المعضلة الرئيسية

بيْد أن المعضلة الرئيسية لإيران الآن، هي اختيار رد لا يخاطر بجر الولايات المتحدة للحرب، خاصة بعدما نشرت واشنطن سفنها الحربية في المنطقة.وفق الصحيفة.

وقال الجنرال كينيث إف ماكنزي جونيور، الرئيس السابق للقيادة المركزية للبنتاغون، “لقد أصيب الإيرانيون بالخوف”.

وأضاف أن طهران قد ترد بضرب “هدف ناعم غير محمي بشدة مثل سفارة أو منشأة أخرى في أوروبا أو أفريقيا أو أمريكا الجنوبية”.

ورجح بعض المسؤولين الأمريكيين أن طهران قد تؤجل الرد طالما استمرت محادثات وقف إطلاق النار في غزة.

كما أشار بعض الخبراء الإقليميين إلى الجهود الدبلوماسية المكثفة بشأن احتمال إجراء مفاوضات بشأن رفع العقوبات عن إيران.

في هذا السياق، قالت مها يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت لـ”نيويورك تايمز”، إن “إيران عملية للغاية، وبطبيعة الحال كانت تتساءل كيف تستفيد من هذا الجهد الذي يبذله الدبلوماسيون الغربيون”.

فيما رأى شعباني أن “المشكلة بالنسبة لكل من خامنئي ونصر الله هي أن الإسرائيليين يدركون أنهما منطقيان الآن”، مضيفا “عندما تتخلى عن كونك غير قابل للتنبؤ، فإن ذلك يساهم في هيمنة إسرائيل”.

ومع ذلك، يعترف بعض الدبلوماسيين الإقليميين بأنه حتى مع ما يسمونه “ضعف” حزب الله وإيران اليوم، فإنهما فرضا ثمنا باهظا بالفعل على إسرائيل مع عدم قدرة سكانها على العودة إلى منازلهم في الشمال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى