بعد كبح أطماعه بـ “خط سرت-الجفرة”.. أردوغان يتوجه إلى الجنوب الليبي
بعدما رسمت مصر خطا أحمر بكل حزم، هو خط سرت الجفرة، لم يعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان يستطيع توسيع رقعة انتشار قواته ومرتزقته في ليبيا شرقا، فوجه أطماعه نحو الجنوب.
وفي يوليو الماضي، أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه أعيان القبائل الليبية، أن بلاده لن تسمح بتجاوز خط سرت الجفرة، وهو ما أدى من بين خطوات أخرى، إلى وقف زحف ميليشيات حكومة فايز السراج المدعومة من تركيا نحو شرقي ليبيا، وبالتالي تم حد أطماع أردوغان من تلك الجهة، ليبدأ التفكير في طريق آخر.
وبالفعل بدأ الرئيس التركي يفكر في مدّ نفوذه في الإقليم الجنوبي الغربي المعروف بـ فزان، بحسب ما أورد موقع أفريكا إنتلجنس المتخصص في الشؤون الاستخبارية والاستراتيجية، حيث قال إن هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) دعت في 4 نوفمبر الجاري وفدا من زعماء قبائل إقليم فزان للحضور إلى أنقرة.
وهذه المنظمة، وأن كانت من اسمها تبدو خيرية، إلا أنها ليس سوى ذراعاً من أذرع أردوغان الخارجية التي يتحرك بها خارج بلاده لتنفيذ أجندته، وتحدثت تقارير إعلامية عديدة مرارا عن صلاتها بالتنظيمات الإرهابية، وتعالت الأصوات المطالبة في الغرب بإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية، ووجهت روسيا إليها اتهامات بتسليم أسلحة للمنظمات الإرهابية في سوريا.
وكان من بين المدعوين إلى العاصمة التركية، شخصيات بارزة، مثل رئيس المجلس الأعلى لطوارق ليبيا، مولاي قديدي، ورئيس المجلس الموحد لقبائل (تبو)، محمد وردوغو، ووكيل وزارة أسر الشهداء والمفقودين السابق، محمد سيدي إبراهيم، وهو الرجل الثاني في مجلس (تبو).
وبحسب الموقع نفسه، يحاول أردوغان السير على خطى إيطاليا التي توسطت عام 2016 من أجل الوصول إلى اتفاق إنساني، بين المكونات السياسية والاثنية في المنطقة، وأشرف على الاتفاق الذي عرف باسم اتفاق روما جمعية سانت إيغيديو الخيرية الإيطالية، وسعى إلى وقف الصراع بين القبائل في المنطقة، خاصة أنها خارج سيطرة حكومة فايز السراج، لكن الاتفاق لم يفلح في إنهاء الصراع هناك، فالاشتباكات بين مسلحي القبائل لم تتوقف.
ويعمل أردوغان حاليا على إعادة إنتاج الخطوة الإيطالية حرفيا، فأوكل مهمة التوسط إلى جمعية خيرية، في محاولة لإضفاء صبغة شرعية على تحركه هناك.
وفي فبراير 2019، أصبحت أجزاء واسعة من إقليم فزان تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي، بعدما أطلق هناك عملية عسكرية واسعة النطاق، وإلى جانب العمل الميداني، التقى قائد الجيش، المشير خليفة حفتر، قادة القبائل في المنطقة مرارا، وعرض تقديم المساعدات المالية والمادية لهم، لكن أجزاء واسعة أخرى من الإقليم ظلت تحت سيطرة حكومة فايز السراج والميليشيات الموالية لها.
ويؤدي إقليم فزان دورا رئيسيا في التوازن العسكري والاقتصادي في البلاد، وهذا ما يفسر سعي السراج إلى استعادة السيطرة على المنطقة، بمساعدة تركيا، ويعتقد أردوغان والسراج أن استمالة زعماء العشائر، أو السيطرة عليهم إن تطلب الأمر، ضروري للغاية.
ويتمتع الإقليم بأهمية استراتيجية؛ فرغم أنه منطقة صحراوية قاحلة، فإنه يحتوي على موارد ضخمة، فأكبر حقول النفط موجودة هناك، وتحت الرمال كميات ضخمة من المياه الجوفية.
وهذه الموارد تجعل زعماء العشائر لاعبين رئيسيين لا يمكن تجاهلهم في أي مفاوضات مستقبلية بسبب نفوذهم الواسع في المنطقة، فأقل شيء يمكن أن يفعلوه هو: وقف صنبور المياه في أي لحظة.
ويقول موقع أفريكا إنتلجنس إن المنظمة الخيرية التركية تنفذ الأجندة الخارجية لأردوغان، وتعمل في ليبيا منذ 2011، حيث شرعت في البداية بتوزيع الغذاء في منطقتين طرابلس وصبراتة.