بمحصلة مثقلة بإخفاقات… رئيسي يكمل عامه الأول رئيسا لإيران
محمّلا بمحصلة مثقلة بإخفاقات رغم اختراقات لم تنجح في تلبية تطلعات شعبه يطوي إبراهيم رئيسي، غدا الأربعاء، عامه الأول رئيسا لإيران.
وبالرغم من نجاحه في ضبط تفشي جائحة كورونا. إلا أنه يواجه صعوبة في تحقيق وعوده بتحسين الظروف الاقتصادية لبلد يواجه تداعيات عقوبات أمريكية خانقة.
ووصل رئيسي إلى السلطة في انتخابات جرت في يونيو 2021، وتم خلالها استبعاد منافسيه من الإصلاحيين والمعتدلين، فيما كانت نسبة المشاركة هي الأقل في تاريخ إيران منذ عام 1979.
رفع رئيسي شعارات مختلفة في حملته الانتخابية منها “تطبيق العدالة، ومحاربة الفقر والفساد، والقضاء على التمييز، وتحسين الوضع الاقتصادي”، لكن تجسيد وعوده اصطدم بصخور واقع متقلب ومشحون بالعقبات والإخفاقات.
مفاوضات النووي
تقول مستشارة الرئيس الإيراني السابق معصومة ابتكار، إن رئيسي سجل فشلاً في إحياء الاتفاق النووي مع القوى الغربية. على الرغم من قوله إن اقتصاد إيران يتحسن وليس مرهونا بالاتفاق.
وصرحت ابتكار، في تصريحات إعلامية سابقة، إن “بعض المسؤولين في حكومة رئيسي اعترفوا بأن العقوبات أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الإيراني. ما دفع الحكومة إلى التنازل أمام أمريكا وعدم اشتراط رفع الحرس الثوري من لائحة الإرهاب”.
وتضيف ابتكار أن “حكومة حسن روحاني (السابقة) بذلت جهوداً حثيثة وأحرزت تقدماً في المفاوضات النووية التي بدأت في أبريل من العام الماضي، لكن مع وصول رئيسي للسلطة تعرقلت هذه المفاوضات سواء في فيينا أو الدوحة”.
إعدام وقمع
وفيما يتعلق بحقوق الإنسان وأحكام الإعدام التي تنفذها إيران، كشفت تقارير لمنظمات حقوقية تزايد معدلات الإعدام بشكل غير مسبوق منذ وصول رئيسي إلى السلطة.
وأعلنت منظمتان إيرانيتان عن زيادة بنسبة 100% في عمليات الإعدام بإيران بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أعلن فيها فوز إبراهيم رئيسي.
ويشير التقرير المؤلف من 120 صفحة لمنظمتين حقوقيتين إلى إعدام 333 شخصًا في عام 2021، بزيادة قدرها 25 بالمئة مقارنة بالعام السابق. ما يدل على أن الإعدامات ارتفعت بعد الانتخابات الرئاسية بنسبة 100 بالمئة مقارنة بالنصف الأول من العام.
كما ارتفعت عمليات الاعتقالات التي تستهدف الناشطين والصحفيين والمخرجين وغيرها من الأحزاب الإصلاحية. حيث جرى الشهر الماضي اعتقال نائب وزير الداخلية الأسبق السياسي الإصلاحي البارز مصطفى تاج زاده. فضلاً عن اعتقال ثلاثة مخرجين بارزين بينهم جعفر بناهي، وتم الحكم عليه بالسجن ست سنوات.
وفي منتصف مايو الماضي، قمعت السلطات الأمنية تظاهرات في مختلف مدن إيران احتجاجًا على ارتفاع الأسعار الذي شمل حتى الخبز.
فيما اعترفت السلطات بمقتل شخص في محافظة خوزستان برصاص الأمن. بينما قالت المنظمات حقوقية إن خمسة محتجين قتلوا برصاص الأمن فضلاً عن اعتقال المئات.
وأثناء الاحتجاجات، خرج رئيسي في خطاب تلفزيوني إلى الشعب الإيراني، وقال “موقف الحكومة أنها ستلغى الدعم النقدي وسيتسلم الناس أموال هذه السلع في حسابات مصرفية خاصة بهم”.
وتتواصل الاحتجاجات النقابية للمعلمين والمتقاعدين والكوادر الطبية فضلاً عن الشرائح الأخرى ضد حكومة رئيسي. بسبب سوء أوضاعهم المعيشية، وعادة ما ترد السلطات بالقمع والاعتقال على تلك الاحتجاجات.
وبعد تلك الاحتجاجات اعترف رئيس السلطة القضائية في إيران غلام حسين محسني إيجي، بأن الفساد في بلاده لا يقتصر على الاقتصاد فقط. معتبراً في الوقت ذاته أن الآفة ستؤدي إلى خلق اضطرابات سياسية وتدمير ثقة الشعب بالحكومة.
وحسب شبكة حقوق الإنسان الإيرانية، استخدمت قوات الأمن العنف المفرط ضد المحتجين في مناطق مختلفة من خوزستان، ما أوقع 8 قتلى من المحتجين وضابط من الشرطة، وأصيب 14 آخرون.
رقابة
في عام من حكم رئيسي، تزايد الغضب ضد حكومته والنظام برمته بسبب إجراءات اتخذتها السلطات، من بينها إضعاف شبكة الإنترنت. وكذلك فرض الحجاب بالقوة على النساء والتهديد بالاعتقال والسجن والغرامة للمخالفات منهن.
ومؤخراً بدأت إيران بتطبيق قانون “الأمن الأخلاقي”، وهي خطة وضعتها حكومة رئيسي لمراقبة مدى التزام الفتيات بالحجاب الذي تفرضه السلطات الإيرانية منذ عام 1979.
كما سمحت الحكومة الإيرانية بتشكيل فرق تفتيش تقوم بجولة على دوائر الدولة بأمر من وزارة الداخلية بهدف السيطرة على حجاب الموظفات.
وتظهر نتائج أحدث استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية الرئاسية، أن نحو 80 بالمئة من الإيرانيين يعارضون الحجاب الإلزامي.
اضطهاد الأقليات
يتعرض أتباع الطائفة البهائية في إيران إلى ضغوط واعتقالات من قبل السلطات الأمنية بذرائع مختلفة منها “الانحراف العقائدي” و”التجسس لصالح إسرائيل”.
وأمس الإثنين، أعلنت السلطات الأمنية ضبط شبكة تجسس تعمل لصالح إسرائيل يديرها أعضاء في الفرقة البهائية، دون تقديم المزيد من المعلومات.
وباليوم نفسه، أفاد موقع إذاعة “فردا” الإيراني المعارض، باندلاع موجة جديدة من الاعتقالات للبهائيين في إيران، موضحا أن “أجهزة الأمن داهمت منازل العشرات من المواطنين البهائيين في مناطق متفرقة، وقامت باعتقال عدد منهم”.
وتقول الطائفة إن عدد أتباعها يضاهي 7 ملايين في العالم، في حين تتبع تعاليم حسين علي النوري المعروف باسم بهاء الله المولود بإيران في 1817 وتعتبره نبيًا.
ويعيش نحو 300 ألف من أتباع الطائفة البهائية في مدن إيرانية، ولا يعترف النظام بهذه الأقلية، وقد أطلق مسؤولوها مرارًا وتكرارًا على البهائيين صفة “جواسيس وأعداء للنظام”.
حوادث أمنية
واجهت حكومة رئيسي تحديات أمنية كبيرة من بينها كثرة الاغتيالات وعمليات الوفاة المشبوهة التي طالت قادة عسكريين وعلماء في مجالات نووية وعسكرية.
وكانت أكثر ضربة أمنية تعرض لها الحرس الثوري، في 22 مايو الماضي، باغتيال القائد في قوات فيلق القدس الذراع الخارجي للحرس الثوري، حسن صياد خدائي، في هجوم مسلح قرب منزله بطهران.
والعقيد خدائي؛ هو قائد وحدة سرية داخل الحرس الثوري الذي حمّل على لسان قائده اللواء حسين سلامي، إسرائيل المسؤولية. فيما قالت الأخيرة إن خدائي مسؤول عن تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية ضد الإسرائيليين.
ولم تقف الخروقات الأمنية عند هذا الحد، فبعد يومين، وردت أنباء مقتل العقيد علي إسماعيل زاده، أحد أفراد فيلق القدس “جراء سقوطه من شرفة منزله في كرج غرب طهران”.
ثم أعقبه وفاة أيوب انتصاري، عالم صناعة الطيران، بشكل غامض ومشبوه. ولاحقا، أفادت وسائل إعلام إيرانية بوفاة كامران ملا بور، العالم الشاب الذي كان يعمل في موقع نطنز النووي بمحافظة أصفهان وسط إيران.
إقالات
وبعد الضربات الأمنية، بدأت مليشيات الحرس الثوري الإيراني في عزل عدد من قياداتها بينهم رئيس جهاز الاستخبارات رجل الدين المتشدد حسين طائب. وذلك على خلفية تقارير شبه رسمية عن تغلغل ونفوذ جهاز الموساد الإسرائيلي داخل الوحدات التابعة للحرس.
كما قام المرشد علي خامنئي بتعيين اللواء مجيد خادمي بمنصب رئيس وحدة حماية المعلومات التابعة لجهاز الاستخبارات للحرس الثوري الإيراني، بدلاً من الجنرال محمد كاظمي.
ثم أعقبه قيام القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، بإقالة مسؤول فيلق “ولي الأمر” العميد إبراهيم جباري وتعيين الجنرال حسن مشروعي بدلاً منه.