سياسة

تبرعات باسم غزة.. ووجهة مجهولة


قال مسؤولون أردنيون ونواب وسياسيون مخضرمون: إنّ التحقيقات الجارية في ملف جماعة “الإخوان المسلمين” المحظورة كشفت عن شبكة مالية سرّية معقدة يُشتبه في أنّها استغلت أموال التبرعات الموجهة لغزة لغايات سياسية وتنظيمية داخل المملكة، وسط مطالب بضرورة محاسبة المتورطين وفرض رقابة مشددة على نشاطات الجمعيات والتنظيمات ذات الطابع السياسي والديني.

الوزير السابق وعضو مجلس الأعيان الأردني محمد داودية قال: إنّ ما جرى كشفه يُعدّ صدمة للرأي العام، معتبرًا أنّ استغلال كارثة إنسانية مثل العدوان على غزة لتجميع أموال من الأردنيين وتحويلها إلى خزائن تنظيم سرّي يُشكّل “عدوانًا على الوطن وخيانة للأمانة”. 

وأضاف أنّ جهاز المخابرات العامة كان طوال الأعوام الماضية يراقب نشاط الجماعة بدقة. مشيدًا بقدرة الأجهزة الأمنية على تفكيك هذه الشبكة المعقدة دون ضجيج.

وشدّد داودية على أنّ “العبث بأموال التبرعات التي قدّمها الأردنيون لتصل إلى أهل غزة. وتحويلها لتمويل رفاه سياسيين وسفر قيادات الإخوان، هو فعل يبعث على الغثيان. ويشكّل انتهاكًا صارخًا لكل القيم”، وفق ما نقلت صحيفة (الدستور).

وبحسب المدير السابق للأمن العام الأردني اللواء المتقاعد فاضل الحمود. فإنّ التحقيقات تشير إلى وجود عناصر وشخصيات مقيمة خارج البلاد قامت بتسهيل نقل الأموال إلى دول إقليمية حيث تنشط مجموعات مرتبطة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.

وأضاف أنّ بعض الأموال حُوّلت بالدولار إلى خارج المملكة دون رقابة. مؤكدًا أنّ ما تم كشفه يُظهر أنّ الجماعة واصلت نشاطها السرّي رغم قرار الحظر الرسمي عام 2020.

النائب مصطفى العماوي، رئيس اللجنة القانونية في البرلمان، وصف ما جرى بأنّه ليس مجرد فساد مالي، بل “جريمة مكتملة الأركان” تشمل التجاوز على الاقتصاد الوطني. وغسيل الأموال، وتمويل أنشطة من شأنها تهديد الأمن القومي.

أمّا الوزير السابق الدكتور مهند المبيضين، فقد اعتبر أنّ ما تكشف حتى الآن يبرهن على أنّ الجماعة لطالما استغلت الدين في السياسة والشعبوية. مؤكدًا أنّ الجماعة كانت تمارس العمل السياسي تحت ستار العمل الخيري، مطالبًا بالفصل الكامل بين الخطاب الديني والعمل السياسي لضمان الشفافية.

ووصف عضو مجلس الأعيان الدكتور زهير أبو فارس الجماعة بأنّها “أنشأت دويلات داخل الدولة”. موضحًا أنّ التحقيقات أثبتت تورّط التنظيم في محاولات للتأثير على الانتخابات النقابية والطلابية عبر ما وصفه بـ “المال الأسود”، محذّرًا من عواقب هذا النوع من التمويل على نزاهة الحياة السياسية.

ومن جهته، قال عضو الأعيان الدكتور عاكف الزعبي: إنّ جماعة الإخوان المسلمين استغلت الحساسية الدينية للمجتمع العربي لبناء نفوذ سياسي غير مشروع. مضيفًا أنّ هناك مؤشرات على أنّ جزءًا من الأموال التي تم جمعها استُخدمت لشراء أراضٍ بأسماء مكاتب وهمية تعود للجماعة. واعتبر ذلك “محاولة لبناء اقتصاد موازٍ يمهّد لإقامة دولة داخل الدولة”.

ووفق عضو مجلس الأعيان آسيا ياغي، فإنّ ما جرى يُشكّل “استهتارًا بالكرامة الإنسانية”. فقد تم توظيف قضية غزة كأداة لجمع الأموال دون إيصالها لأصحابها، وهو ما يتطلب مساءلة قانونية ومحاسبة تنظيمية صارمة.

وبحسب المعلومات التي أعلنتها الحكومة الأردنية، فإنّ جزءًا كبيرًا من التبرعات التي جُمعت باسم دعم قطاع غزة لم يُحوّل بالكامل إلى مستحقيه. بل تم توجيه معظمها ـ ما يصل إلى 99%ـ نحو تمويل نشاطات انتخابية لحساب أحزاب وأذرع تابعة للجماعة المحظورة، في انتهاك صريح للقوانين الأردنية التي تنظم العمل الخيري والتمويل الحزبي.

هذا، ويترقب الشارع الأردني الإجراءات القضائية والتنظيمية التي ستتخذها الحكومة بحق جماعة الإخوان والحزب التابع لها. وسط توافق واسع على ضرورة ترسيخ دولة القانون ومنع اختراقات مماثلة مستقبلًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى