تحالف الإخوان وإيران: مشروع مشترك لتحقيق الهيمنة في الشرق الأوسط
عموم قيادات الإخوان المسلمين وعناصرها يستميتون في الدفاع عن حركة حماس ومشروعها السياسي وتحالفها مع المحور الإيراني عبر وسائل إعلامهم ومواقع التواصل الاجتماعي.
بل تعدى الأمر ذلك لتسيير مظاهرات ذات طابع إخواني بحت من حيث العنصر البشري المنظم بالجماعة والتمويل. مظاهرات تهدف بلغتها وسقوف شعاراتها إلى تسويق مدى شعبية حماس وقوتها، وتدفع إلى إيصال رسائل سياسية مفادها أن الإخوان ما زالوا في الشارع العربي. ليرافق ذلك البدء في التحضير لمرحلة تنشيط خلايا الإخوان في عدة دول في المنطقة.
اندفاع الإخوان وراء ما فعلت حركة حماس، ومحاولات إدانة ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة في حرب غير متكافئة الأطراف، كون ميزان القوة يميل لصالح الكيان الصهيوني، جعلا قادة الجماعة وعناصرها يقعون في مستنقعات الإسفاف والسطحية السياسية، فلا سردية متصاعدة النسق السياسي التاريخي تتبناها الجماعة تصف بها المأساة التي ألمّت بالشعب الفلسطيني، بل هي ذات الشعارات والخطابات والبيانات الغوغائية المستهلكة، وهي ذات المعارك الجانبية الوهمية ضد دول في المنطقة، استكمالا لذات النهج الذي لم يغادر مربع ما يسمّى ثورات الربيع العربي.
وهو ما جعل جماعة الإخوان تهوي في واقع أزمة امتدادها السياسي لحركة حماس وليس العكس، فمنذ سنوات والجماعة ومفكروها يعانون محدودية النهج والفكر والمفاهيم القائمة على أنقاض تجربتهم في ما يسمّى ثورات الربيع العربي، والتي أدت إلى ازدياد رقعة التمزق والتفسخ التنظيمي بين قادة الجماعة وعناصرها وجماهيرها المؤيدة لها.
الإخوان، بعد جملة الأزمات السياسية والتنظيمية التي عصفت بهم في أغلب الدول العربية، والتي أثرت – كما ذكر سابقا – على امتداد مشروعهم السياسي وشعبيتهم في الشارع العربي بالعموم، رأوا في حماس ومعاناة الشعب الفلسطيني في غزة “رافعة الجماعة” لإعادة تموضعها في الخارطة السياسية العربية والإقليمية.
لذلك كان القرار من قيادات في التنظيم الدولي بالذهاب بعيدا بدعم حركة حماس في سياقها الحالي ضد الاحتلال، واستغلال الواقع المأساوي للشعب الفلسطيني، من خلال ركوب موجات الحراك الشعبي داخل الشارع السياسي العربي، مع الدفع لرفع وتيرة الخطاب الإعلامي الموجه نحو دول في المنطقة، لتحشيد الجماهير العربية لإعادة البريق لمشروع الإخوان في المنطقة كمرحلة تؤسس لإعادة تشكيل خلايا اخوانية وتنشيطها.
الإخوان عملوا سريعا على إعادة ترتيب صفوفهم مستغلين انعكاسات المواقف العربية الرسمية على مشهد الشارع العربي الغاضب، من خلال إعادة تقديم الجماعة وطرح خطابها ليكون بديلا يلاقي الدعم والتأييد من الجموع العربية، وهذا يتطلب بالضرورة مزيدا من الوقت لتحقيق مرامي الجماعة التي أقنعت حركة حماس بإطالة أمد الحرب في غزة من خلال عناوين تقول إن إنهاء الاحتلال سيكون فقط نتيجة ضغط الشارع العربي والدولي الداعم للحركة، وهو ما سيساهم في تحقيق النصر المؤزر لها.
بعيدا عن معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سعت الجماعة لالتقاط الفرصة السانحة لفتح أبواب التواصل والتحالف مع النظام الإيراني، وتقديم نفسها كنموذج قادر على تكرار تجارب حركات وفصائل في عواصم التأثير الإيراني من خلال عناصرها وقادتها. فالإخوان اليوم يحتاجون لقِبلة سياسية ودينية تمنحهم الزخم السياسي مجددا، خاصة بعد فشل تحالفهم مع الأتراك للوصول إلى مقاليد الحكم في دول المنطقة، مثل مصر وتونس. فالأتراك لم يسمحوا للجماعة بتجاوز الخطوط التي رسموها لهم، مما عطل وأثر على مشاريع الإخوان السياسية. في المقابل استطاعت حركات وفصائل تدور في الفلك الإيراني من الوصول إلى مقاليد الحكم والسلطة من خلال أجندات نظام الملالي في المنطقة.
الإخوان اليوم على يقين سياسي بأن النظام الإيراني قادر على التماهي مع مخططاتهم، وإيصالهم إلى الحكم في دول الشرق الأوسط من خلال خلايا إخوانية تكون نواة قوى سياسية قادرة على الاستيلاء على مقاليد الحكم في دولها. فتجربة النظام الإيراني بخلق قوى وحركات في المنطقة ودعمها بالمال والسلاح اللذين ساهما في تكوين أدوار هذه الحركات والفصائل سياسيا ومشاركتهم في الحكم في بلدان كالعراق واليمن ولبنان، فتح شهية الجماعة للتوجه نحو إيران للوصول بعناصرها مجددا إلى مقاليد الحكم في دول وازنة في المنطقة.
تقاطع المصالح بين النظام الإيراني في استكمال مشروعه التوسعي في الشرق الأوسط وولع الإخوان بالوصول إلى الحكم في بعض الدول العربية اليوم، ينذر بفوضى الخطر القادم إذا استمرت الجماعة بالرهان على النظام الإيراني كجسر للعبور نحو مقاليد الحكم والسلطة، وهو ما يتطلب موقفا عربيا حازما لقطع الطريق أمام مرامي النظام الإيراني والإخوان. وهو ما بدأته دولة الإمارات بإحالة 84 شخصا أغلبهم من الإخوان للقضاء بتهمة إنشاء تنظيم سري بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.